قُتل شخص وجُرح اثنان آخران في هجمات جديدة بريف درعا جنوبي سورية، خلال أقل من 24 ساعة، كلهم من عناصر "التسوية" مع النظام السوري، وذلك بعد يوم من وفاة أحد أعضاء اللجان المركزية التي كانت تتفاوض مع النظام لإتمام عمليات التسوية، متأثراً بجروح أصيب بها في هجوم قبل يومين؛ ويبقى النظام السوري هو المتهم الأول بإحداث الفلتان سعياً لـ"فتنة" محلية تمكنه من إتمام السيطرة على درعا.
وقال مصدر محلي مطلع فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، لـ"العربي الجديد"، إن مجهولين في مدينة طفس هاجموا الشاب زكريا عبد الباسط البردان، حيث جرى استهدافه بإطلاق نار مباشر، ما أدى إلى مقتله على الفور، في وقت أكدت مصادر أن مقتل الأخير جاء نتيجة خلاف شخصي مع أشخاص آخرين.
وبحسب المصادر، فقد جاء الهجوم بعيد ساعات من تشييع مصعب البردان، عضو اللجنة المركزية في مدينة طفس غربي درعا، الذي كان قد أصيب أيضاً بجروح خطيرة إثر هجوم من مجهولين في بلدة عتمان.
وذكرت المصادر أن زكريا كان سابقاً من عناصر المعارضة المسلحة، وأجرى أيضاً تسوية مع النظام، مشيراً إلى أن مجهولين في مدينة طفس هاجموا أيضاً الشاب حكمت بشير الزعبي، ما أدى إلى إصابته بجروح نقل على أثرها إلى مستشفى المدينة، لافتة إلى أن الزعبي يتبع لمجموعة محلية كانت سابقاً ضمن فصائل "الجيش السوري الحر"، وانخرطت في التسوية عام 2018.
وتحدث المصدر أيضاً عن أن مجهولين هاجموا الشاب أحمد عبد القادر العميان في بلدة تل شهاب في ريف درعا الغربي، ما أدّى إلى إصابته بجروح، وهو كان خضع سابقاً للتسوية، وهو من عناصر المعارضة المسلحة سابقاً في المنطقة الغربية من المحافظة.
وكان مكتب توثيق الشهداء في درعا قد أكد استمرار عمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال في المحافظة خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، رغم مرور ثلاثة أشهر على اتفاقية التسوية الثانية.
وقال المكتب في بيان له إن "قسم الجنايات والجرائم" وثق 34 عملية ومحاولة اغتيال، أدت إلى مقتل 22 شخصاً وإصابة 8 آخرين، بينما نجا 4 آخرون من محاولة اغتيالهم، مضيفاً: "هذه الإحصائية لا تتضمن الهجمات التي تعرضت لها حواجز وأرتال قوات النظام". وأكد أن من بين القتلى الذين وثقهم، 15 مقاتلاً في صفوف فصائل المعارضة سابقاً، بينهم 5 ممن التحقوا بصفوف قوات النظام بعد سيطرتها على محافظة درعا في شهر أغسطس/آب 2018.
من جانبه، أوضح الناشط محمد الحوراني، لـ"العربي الجديد"، أن الفلتان الأمني ما زال مستمراً في المنطقة رغم سيطرة النظام وعقده اتفاقات التسوية، مشيراً إلى أن عمليات الاغتيال تتزايد، خصوصاً في المنطقة الغربية من درعا، التي كانت قبل 2018 منطقة صراع بين "الجيش الحر" وفصائل أخرى كانت مبايعة لتنظيم "داعش".
ومن الملاحظ في الهجمات الأخيرة تركز معظمها في مدينة طفس أو ضد أفراد من مدينة طفس بريف درعا الشمالي الغربي، وأدت إلى مقتل ثلاثة وإصابة ثلاثة آخرين جلهم من عائلتي الزعبي وبردان، علماً أن الأخيرة ينخرط كثير من أبنائها في اللجنة المركزية وفصائل التسوية التي كانت سابقاً ضمن فصائل المعارضة السورية المسلحة.
وبحسب الناشط، فقد شهدت درعا منذ بداية شباط/فبراير الجاري قرابة عشرين هجوماً على مدنيين وعناصر من فصائل التسوية، أدت إلى مقتل وجرح 15 شخصاً على الأقل، وجلهم كان في الريف الغربي.
ويتناقل الأهالي في طفس إشاعات كثيرة تبثها فروع أمن النظام، وبعضها يظهر على إعلامه أيضاً، ومنها "وجود عناصر متخفين من تنظيم داعش" في المنطقة، وهم من أهل المنطقة وفق مزاعمها، وهنا يلعب النظام على وتر أن هذه المنطقة كانت قبل "التسوية" مقراً لموالين لتنظيم "داعش"، من بينهم أبناء عائلات معروفة في المنطقة.
وتؤكد مصادر من المدينة، لـ"العربي الجديد"، أن الفصائل التي كانت تابعة لـ"داعش" غادرت المنطقة مباشرة عند دخولها في تسوية مع النظام، ولم يبقَ منها أي فصيل، ومن بقي من العناصر أجرى تسوية مع النظام، وانخرط فيها أيضاً.
وتشير المصادر إلى أن النظام يلجأ إلى الفلتان الأمني وعمليات الاغتيال من أجل إظهار أن هناك عمليات ثأر، ينفذها عناصر تنظيم "داعش"، من العناصر السابقين في فصائل المعارضة، حيث يقوم بتوجيه ضربات إلى أبناء عائلات كانت منخرطة في "الجيش الحر"، ويقابلها بتنفيذ ضربات مماثلة إلى عائلات متهمة بأن أبناءها كانوا من المنخرطين في صفوف الفصائل التي بايعت "داعش" سابقاً، وبالتالي، يحقق النظام غايته في ضرب أبناء المنطقة بعضهم ببعض.
وفي الشأن عينه، قال الناطق باسم "تجمع أحرار حوران" أيمن أبو محمود، لـ"العربي الجديد"، إن النظام هو المستفيد الأول من كلّ الفلتان الأمني وما يترتب عليه من نتائج، ومزاعمه المستمرة بوجود عناصر لتنظيم "داعش" هي دليل على تورطه ومحاولته إحداث "فتنة" بين الأهالي.