وافق رئيس وزراء هايتي أرييل هنري، الاثنين، على التنحي عن منصبه، بحسب ما أعلنه رئيس مجموعة دول الكاريبي (كاريكوم)، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع عُقد في جامايكا لبحث الوضع في هايتي التي تعاني من جراء عنف العصابات وتشهد أزمة حكم.
وقال محمد عرفان علي، رئيس غويانا وكاريكوم: "أخذنا علماً باستقالة رئيس الوزراء أرييل هنري"، معلناً عن "اتفاق حكم انتقالي يمهد الطريق لانتقال سلمي للسلطة".
وشكّلت الأزمة التي تشهدها هايتي محور اجتماع أزمة الاثنين في جامايكا، بينما تعمل سفارات غربيّة على إجلاء دبلوماسيّيها من العاصمة بور أو برنس التي باتت تحت سيطرة عصابات إجراميّة.
وكانت المجموعة الكاريبيّة (كاريكوم) هي التي دعت إلى هذا الاجتماع، الذي شارك فيه أيضاً وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وممثّلون عن كندا والأمم المتحدة.
وأكد عدد من الدبلوماسيين أنّ اجتماع كينغستون كان يهدف إلى إضفاء الطابع الرسمي على اقتراح تمّ تقديمه إلى أرييل هنري، بحيث يتنازل عن السلطة لمجلس انتقالي يضمّ طيفاً واسعاً من المجتمع المدني الهايتي.
وتفاقمت في نهاية الأسبوع في هايتي أعمال العنف المرتبطة بالعصابات، التي تطالب على غرار جزء من السكّان باستقالة رئيس الوزراء أرييل هنري.
وقال عرفان علي، بعد الاجتماع، إنّه "متفائل" بشأن إمكانية التوصّل إلى حلّ سياسي في هايتي، في وقت أعلن بلينكن أنّ الولايات المتحدة ستُقدّم 133 مليون دولار إضافيّة لدعم حلّ الأزمة في هايتي.
وفي حديثه خلال الاجتماع الطارئ في جامايكا بشأن هايتي، قال بلينكن إنّ الوضع الخارج عن السيطرة في الدولة الكاريبيّة الفقيرة يظهر الحاجة الملحّة لنشر قوة متعدّدة الجنسيّات، ستُساهم فيها الولايات المتحدة بمبلغ إضافي يصل إلى 100 مليون دولار، بينما سيتمّ توفير 33 مليون دولار للمساعدة الإنسانيّة.
وأشار بلينكن إلى أن تصاعد العنف "أوجد وضعاً لا يمكن تحمّله بالنسبة إلى الهايتيّين، ونحن نعلم أنّ ثمّة حاجة إلى اتّخاذ إجراءات عاجلة على المستويين السياسي والأمني". وأضاف: "وحدهم الهايتيّون يمكنهم تقرير مستقبلهم ولا أحد سواهم".
لكنّ بلينكن قال أيضاً إن الولايات المتحدة وشركاءها "يمكنهم المساعدة في استعادة الأمن الأساسي"، والاستجابة "للمعاناة الهائلة للهايتيّين".
وعرض رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الذي كان حاضراً افتراضياً خلال المحادثات، أكثر من 91 مليون دولار لهايتي، كما أعلنت دول أخرى عن المساهمة في مساعدات ماليّة أو لوجستيّة، بما في ذلك بنين، وفرنسا، وألمانيا، وجامايكا، وإسبانيا، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
واستبعدت الولايات المتحدة وكندا إرسال قوات إلى هايتي، في وقت قالت كينيا إنّها مستعدة لنشر عناصر شرطة، لكنّها لم تتمكّن من فعل ذلك حتّى الآن بسبب قرار أصدرته محكمة كينيّة.
ولم يتمكّن رئيس وزراء هايتي أرييل هنري من العودة إلى البلاد بسبب تصاعد العنف، وهو لا يزال عالقاً في بورتوريكو.
وقال رئيس الوزراء الجامايكي أندرو هولنيس: "واضح أنّ هايتي وصلت إلى نقطة تحوّل"، فيما أمكنت رؤية جثث في شوارع العاصمة الهايتيّة، حسب صحافيّين في وكالة فرانس برس.
وفي خضمّ الفوضى التي شهدتها عاصمة هايتي، تمكّنت قوّات الأمن في البلاد من استعادة السيطرة على ميناء بور أو برنس، بعد اشتباكات مع العصابات في نهاية الأسبوع الماضي، بحسب ما أفاد به مدير هيئة الموانئ الوطنية جوسلان فيلييه.
وأضاف أن سفناً تمكنت من إفراغ حاويات، لكن التحدي الرئيسي يبقى في إخراج المنتجات والمواد الغذائية من الميناء، لأن الطرق الرئيسة ليست آمنة.
إجلاء دبلوماسيين من هايتي
ودعا مجلس الأمن الدولي، الاثنين، جميع الأطراف السياسية في هايتي إلى "مفاوضات جدية" لـ "استعادة المؤسسات الديمقراطية" في البلاد.
وقال نائب رئيس غويانا، إحدى دول الكاريبي، بارات جاغديو في بيان الأحد، إن الدول المعنية "ستسعى إلى استعادة النظام وإعادة الثقة إلى الشعب الهايتي" في مواجهة "المجرمين (الذين) سيطروا على البلاد".
تزامناً، أجلي جميع موظفي الاتحاد الأوروبي في بور أو برنس الاثنين. وقال المتحدث باسم منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بيتر ستانو: "في ظل التدهور الكبير في الوضع الأمني، قررنا تقليص أنشطتنا على الأرض، ونقلنا موظفي بعثة الاتحاد الأوروبي في بور أو برنس إلى مكان أكثر أماناً خارج البلاد".
وأضاف: "قمنا حالياً بإجلاء جميع موظفي الاتحاد الأوروبي من هايتي".
من جهتها، أعلنت البعثة الدبلوماسية الألمانية خطوة مماثلة الأحد. وقالت إنها أرسلت سفيرها إلى جمهورية الدومينيكان، الدولة المجاورة التي سيعمل منها "حتى إشعار آخر".
وخلال ليل السبت الأحد، قام الأميركيون بإجلاء موظفيهم الدبلوماسيين غير الأساسيين بطائرة هليكوبتر من بور أو برنس.
مدينة تحت الحصار
وتشهد العاصمة اشتباكات بين الشرطة والعصابات المسلحة التي تهاجم مواقع استراتيجية، بما في ذلك القصر الرئاسي وأقسام الشرطة والسجون. ووصفت المنظمة الدولية للهجرة العاصمة الهايتية بأنها "مدينة تحت الحصار".
وأعلنت السلطات حال الطوارئ قبل أسبوع، والتي تشمل حظر تجول ليلياً في الإدارة الغربية التي تضم العاصمة.
ولمعالجة هذه المشكلة، وافق مجلس الأمن الدولي على إرسال بعثة دولية بقيادة كينيا لمساعدة الشرطة الهايتية، لكنّ نشر هذه البعثة تأخر.
ووقّع رئيس الوزراء أرييل هنري اتفاقاً في نيروبي في بداية مارس/ آذار للسماح بإرسال عناصر شرطة كينيين، ويحاول منذ ذلك الحين العودة إلى هايتي.
ولم تشهد هايتي التي لا رئيس أو برلمان لها حالياً، انتخابات منذ 2016. وكان يفترض أن يغادر أرييل هنري الذي عيّنه الرئيس جوفينيل مويز قبل اغتياله في العام 2021، منصبه في أوائل فبراير/ شباط.
(فرانس برس)