لن تكون حقبة الحكم القادمة للرئيس السابق دونالد ترامب، في حال فوزه بانتخابات الرئاسة 2024، كسابقتها 2017-2021. ورغم ما شاب تلك الفترة الرئاسية من قرارات بدت متهورة أقدم عليها رجل الأعمال المثير للجدل، إلا أنه يخطط لإحداث تغيير "هائل" في السلطة الرئاسية وهيكلية الدولة، إذا ما نجح بالصعود مرة أخرى لسدة الحكم.
ويكشف تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن دونالد ترامب وحلفاءه يخططون لتوسيع "هائل" للسلطة الرئاسية وإعادة تشكيل هيكلها بهدف تركيز سلطة أكبر بكثير بين يديه.
وحسب الصحيفة التي استندت إلى مقترحات سياسية في حملة ترامب الانتخابية وأشخاص مقربين منه، تمتد خطة تركيز السلطة في المكتب البيضاوي إلى ما هو أبعد بكثير من تصريحات الرئيس السابق الأخيرة بأنه سيأمر بإجراء تحقيق جنائي مع منافسه، الرئيس جو بايدن، لتصل إلى إنهاء قاعدة بدأت في حقبة ما بعد "ووترغيت" وتقضي باستقلال وزارة العدل عن السيطرة السياسية.
وقالت الصحيفة: "لدى السيد ترامب ورفاقه هدف أوسع: تغيير ميزان القوى من خلال زيادة سلطة الرئيس على كل جزء من الحكومة الفيدرالية التي تعمل الآن، إما بموجب القانون وإما التقاليد".
وضمن الخطة، يعتزم ترامب وضع الوكالات المستقلة مثل لجنة الاتصالات الفيدرالية، التي تضع وتنفذ قواعد لشركات التلفزيون والإنترنت، ولجنة التجارة الفيدرالية، التي تفرض العديد من قواعد مكافحة الاحتكار وغيرها من قواعد حماية المستهلك ضد الشركات، تحت سيطرة رئاسية مباشرة.
ويريد ترامب، وفقاً للصحيفة، إحياء ممارسة "حجز" الأموال، ورفض إنفاق الأموال التي خصصها الكونغرس لبرامج لا يحبها الرئيس.
ويعتزم ترامب تجريد عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية من الحماية الوظيفية، ما يسهل استبدالهم إذا ما اعتُبروا عقبات أمام أجندته. كذلك ملاحقة وكالات الاستخبارات ووزارة الخارجية والبيروقراطيات الدفاعية لإقالة المسؤولين الذين وصفهم بأنهم "الطبقة السياسية المريضة التي تكره بلادنا"، حسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن جون ماكنتي، الرئيس السابق لموظفي البيت الأبيض الذي يساعد ترامب في هذه الخطة، دعوته إلى تغيير في الحكم الفيدرالي، قائلاً: "فرعنا التنفيذي الحالي يدار من قبل الليبراليين بغرض إصدار سياسات ليبرالية. لا توجد طريقة لجعل الهيكل الحالي يعمل بطريقة متحفظة. لا يكفي اختيار موظفين على النحو الصحيح. ما هو ضروري هو إصلاح شامل للنظام".
هذه الخطط المعلنة المعدة من فريق حملة ترامب الخاص وشبكة ممولة جيداً من الجماعات المحافظة التي ينضم إليها كبار المسؤولين السابقين في إدارة ترامب، طُرح بعض عناصرها عندما كان ترامب في منصبه الرئاسي، لكن أعاقتها مخاوف داخلية من أنها ستكون غير قابلة للتطبيق، ويمكن أن تؤدي إلى انتكاسات، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض في عهد ترامب قوله: "ما نحاول القيام به هو تحديد جيوب الاستقلال (مؤسسات دولة مستقلة) والاستيلاء عليها". وأضاف أنه مسرور لرؤية قلة من المنافسين الجمهوريين الرئيسيين لترامب يدافعون عن قاعدة استقلال وزارة العدل بعد أن هاجمها الأخير علانية. فيما قال ستيفن تشيونغ، المتحدث باسم حملة ترامب، في بيان، إن الرئيس السابق "وضع أجندة جريئة وشفافة لولايته الثانية. سيعرف الناخبون بالضبط كيف سيضخم الرئيس ترامب الاقتصاد ويخفض التضخم ويؤمن الحدود ويحمي المجتمعات ويقضي على الدولة العميقة التي تعمل ضد الأميركيين بشكل نهائي".
وفي ذات الاتجاه، قال ترامب في اجتماع حاشد في ميتشيغن: "سنهدم الدولة العميقة. سنطرد دعاة الحرب من حكومتنا. سنطرد العولمة. سنطرد الشيوعيين والماركسيين والفاشيين. وسنتخلص من الطبقة السياسية المريضة التي تكره بلدنا"، حسب الصحيفة.
وقالت "نيويروك تايمز" إن المشروع الانتقالي الذي لم يسبق له مثيل في السياسة المحافظة، تقوده مؤسسة "هيريتيج"، وهي مؤسسة فكرية شكلت سياسات الإدارات الجمهورية منذ رئاسة ريغن.
وتشير الصحيفة في هذا الصدد إلى أن مثل هذه الأجندة لها جذور عميقة في الجهود المستمرة منذ عقود من قبل المفكرين القانونيين المحافظين لتقويض ما أصبح يعرف باسم الدولة الإدارية.
وقالت الصحيفة: "أساسها القانوني (الخطة) هو نسخة متطرفة لما يُسمى النظرية التنفيذية الأحادية. ترفض النظرية فكرة أن الحكومة تتكون من ثلاثة فروع منفصلة لها سلطات متداخلة لفحص بعضها البعض وتحقيق التوازن بينها".
وتلفت الصحيفة إلى أن خطط التغيير هذه التي يبدو أن ترامب سيقدم عليها بلا هوادة في رئاسته المقبلة إن حدثت، كانت تلقى آذاناً صاغية ودعماً من قبل مقربيه في بداية فترة رئاسته السابقة، لكن أشخاصاً من إدارته أخبروه أن هذه "الأفكار الأكثر راديكالية غير قابلة للتطبيق أو غير قانونية".
وقالت الصحيفة: "في السنة الأخيرة من رئاسته، أخبر ترامب مساعديه أنه سئم تقييده من قبل مرؤوسيه"، ما يشير إلى أنه سيقدم على سياسات دون تحفظ إن عاد مرة أخرى إلى الرئاسة.