نصر الله يجدد شرطه لانتخاب رئيس جديد للبنان ويوجه رسائل لحليفه باسيل

03 يناير 2023
تحدّث نصر الله في ذكرى اغتيال سليماني والمهندس (Getty)
+ الخط -

جدّد الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، التشديد على شرطه الرئاسي الأساسي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان الذي يتمثل بشخصٍ "لا يطعن المقاومة في ظهرها، ولا يتآمر عليها ولا يبيعها"، محذّرًا من عواقب غياب هذه الصفة في أي شخصية تريد أن تصل إلى سدّة الرئاسة.

وقال نصر الله "نحن متواضعون بهذا الهدف، وهذه الصفة ليست للمزايدة بل هي شيء طبيعي، لأن وجود رئيس لا يطعن المقاومة في ظهرها، يعني أنه لن يأخذ البلد إلى حرب أهلية، ويريد الوفاق والحوار، أي يساعد في حماية لبنان أمام التهديدات والمخاطر الإسرائيلية وهذه مصلحة وطنية".

وتوقف نصر الله عند الهجوم الذي تعرّض له عقب وضعه هذه الصفة، والتعليقات التي طاولته، إحداها من البطريرك الماروني بشارة الراعي، علماً أنه لم يسمّه، مشيراً إلى أن "أغلب الذين علّقوا فعلوا ذلك من بوابة أن حزب الله يريد رئيساً يحمي ظهر المقاومة، فهناك أناس نظّروا علينا بأن البلد بحاجة لرئيس يحمي لبنان".

وأردف: "نحن لا نريد ذلك، فالمقاومة في لبنان ليست بحاجة إلى غطاء ولا إلى حماية، بل ما نريده رئيساً لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها ولا يبيعها، وهذا حقنا الطبيعي، إضافة إلى شروط أخرى مطلوبة تضاف إلى هذا الشرط الأساسي، منها تتعلق بالكفاءة واللياقة والقدرة الشخصية على تولي منصب الرئيس".

وكان البطريرك الراعي تناول في عظة الأعياد الملف الرئاسي منتقداً "حزب الله" من دون أن يسمّيه، وشرطه الرئاسي، وقال: "الشعب يريد رئيساً يحمي ظهر لبنان وصدره لا ظهر هذا أو ذاك، رئيساً لا يخونه مع قريب أو بعيدٍ ولا ينحاز إلى المحاور، ورئيساً يطمئنه هو ويحمي الشرعية لتضبط جميع قوى الأمر الواقع".

وعلى الرغم من المواقف العالية السقف من جانب البطريرك الماروني تجاه "حزب الله" وسلاحه وصراعاته في المنطقة، وتمسّكه في المقابل، بضرورة عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان، فقد التقى الإثنين وفداً من "حزب الله" بمناسبة الأعياد، وكان بحث في الملف الرئاسي، وقد وصفت أوساط المجتمعين الأجواء بالإيجابية.

وظهر الأمين العام لـ"حزب الله"، مساء اليوم، في كلمة له في الذكرى الثالثة لمقتل زعيم "فيلق القدس" بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب زعيم "الحشد الشعبي" في العراق أبو مهدي المهندس، اللذين قضيا بضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد الدولي في 3 يناير/كانون الثاني 2020.

وجاء هذا الظهور ليدحض الأنباء التي بثتها وسائل إعلامية إسرائيلية، وتناقلتها وسائل إعلام لبنانية، حول تدهور صحة نصر الله ونقله إلى قسم الطوارئ في أحد المستشفيات وغيرها من المعلومات في الإطار نفسه، والتي خرجت ربطاً بتأجيل كلمته التي كانت منتظرة يوم الجمعة الماضي.

ونفى "حزب الله"، في بيانٍ، ما أثير في الإعلام الإسرائيلي، مؤكداً أن التأجيل حصل لأسباب صحية نتيجة إصابة نصر الله بالأنفلونزا.

ووجَّه نصر الله، من جهة ثانية، رسائل سياسية إلى حليفه رئيس "التيار الوطني الحر"، النائب جبران باسيل، عقب الإشكال الذي حملته الجلسة الحكومية الأخيرة التي قاطعها التيار بعكس وزراء "حزب الله"، مُعلناً في الوقت نفسه حرصه على استمرار التحالف ومعالجة أي خلل يمكن أن يحصل؛ علماً أنّ الخلافات بين الحليفين بدأت تخرج أكثر إلى العلن على خلفية دعم "حزب الله" ترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية للرئاسة والتمسّك به حتى اللحظة رغم عدم إعلانه عن ذلك بشكل رسميّ.

ويصرّ باسيل بدوره على رفض دعم فرنجية للرئاسة، كما وقطع الطريق أيضاً على وصول قائد الجيش العماد جوزيف عون، ويتجه قريباً للإعلان عن اسم مرشحه للرئاسة ليخرج كلياً عن المسار الذي يعتمده "حزب الله" وحلفاؤه السياسيون في جلسات انتخاب الرئيس، سيما الاقتراع بالورقة البيضاء ثم إفشال النصاب في الدورة الثانية.

وانتقد نصر الله إثارة "التيار الوطني الحر" المناقشات التي تحصل في العلن، بينما "حزب الله" يفضل إبقاء النقاش داخليًّا في دائرة الحلفاء والأصدقاء، وقال: "حتى في حال ذهبنا لانتقاد أو نقاش علني نحرص على الكلمة والأدبيات واللغة التي نستخدمها مع الطرف الآخر"، معلناً أنه "ستكون هناك لقاءات قريبة، لأن الأمر جدير بالمناقشة والتقييم الداخلي".

وأضاف: "لا شك حصل خلل ما ونأمل أن نعالجه"، لافتاً إلى أن "كثيرين راهنوا على سقوط التفاهم وتفكك التحالف وانتهاء الصداقة، لكنها صمدت بظروف صعبة ولسنين منذ فبراير/شباط 2006، واللبنانيون اليوم أحوج إلى مزيد من الصداقات والتفاهمات والتحالفات واللقاءات، وأياً تكن الصعوبات أو الإشكالات يمكن معالجتها من خلال التواصل المباشر من موقع الحرص والمسؤولية".

وأكد نصر الله أنه "إذا وضعنا يدنا بيد شخص فنحن لا نبادر إلى نزع يدنا، ولكن إذا الطرف الثاني نزع يده فنحن لا نلزم ولا نجبر أحدا لا على التحالف ولا الصداقة ولا التفاهم".

كذلك، دعا نصر الله الأطراف السياسيين إلى عدم انتظار الخارج أو ربط الاستحقاق بالملفات الخارجية، مؤيداً الحوار الداخلي سواء أكان ثنائيًّا أو ثلاثيًّا، طالما لا يمكن حتى الآن عقد حوار وطني كالذي دعا إليه رئيس البرلمان نبيه بري.

كما انتقد نصر الله ربط الأطراف السياسية المعارضة له موضوع تأجيل الملف الرئاسي في لبنان بانتظار نتائج المفاوضات النووية الإيرانية الأميركية، أو بانتظار حصول أي توافق سعودي إيراني، كما أشار إلى أن ما يحكى عن وساطات خارجية مبالغ به.

ورأى أن "الوقت ضاغط على الجميع والظروف في البلد مختلفة عمّا مضى اقتصادياً ومالياً ونقدياً"، معتبراً أن الاستحقاق داخلي، مذكّرًا بانتخاب الرئيس ميشال عون بعد أكثر من سنتين من الشغور الرئاسي بالداخل وليس عن طريق الخارج، علماً أن "حزب الله" وحلفاءه، عطّلوا الجلسات ونصابها كما يحصل اليوم، طوال الفترة المذكورة، حتى قيام تسوية سياسية أتت بعون رئيساً.

على صعيد آخر، وجّه نصر الله رسائل عدة لحكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديدة، قائلًا: "نحن مستيقظون وحاضرون وحذرون ولن نسمح بأي تغيير لقواعد الاشتباك أو موازين الردع".

المساهمون