نشطاء فلسطينيون يرتدون زي معتقلي غوانتانمو ضد مواصلة محاكمتهم لتنديدهم باغتيال الناشط نزار بنات
بالزي البرتقالي وبمسيرة صامتة وصل الناشط الفلسطيني جهاد عبدو، صباح اليوم الأحد، مع زملائه نشطاء الحراكات الفلسطينية إلى مدخل مجمع محاكم رام الله وسط الضفة الغربية، قبيل دخول 15 منهم إلى أروقة المحكمة لحضور جلسات محاكمة بتهم التجمهر غير المشروع، والذم الواقع على السلطة العامة، وإثارة النعرات الطائفية، وذم وقدح مقامات عليا، على خلفية مشاركتهم بتظاهرات منددة بمقتل المعارض السياسي نزار بنات قبل نحو خمسة أشهر.
وتعد هذه المحاكمة واحدة من خمس محاكمات أخريات يلاحق فيها جهاد عبدو منذ خمس سنوات، كما قال لـ"العربي الجديد"، بسبب آرائه أو على خلفية المشاركة في تظاهرات؛ أحدثها المتعلقة بمقتل المعارض والمرشح السابق للانتخابات التشريعية المؤجلة نزار بنات خلال اعتقاله من قبل جهاز الأمن الوقائي في يونيو/حزيران الماضي.
وعن المحاكمات التي لها صلة بالتنديد باغتيال بنات، قال عبدو، في حديث لـ"العربي الجديد"، "إن المحاكمات تؤجل بسبب عدم حضور شهود النيابة العامة، وهم عادة من أفراد الأجهزة الأمنية"، مبيناً أن "قضية اليوم، حصل ما كان متوقعاً، فثلاث جلسات محاكمة للخمسة عشر ناشطاً أجلت إلى 19 ديسمبر /كانون الأول المقبل، بسبب عدم حضور شهود النيابة العامة".
ونظم نشطاء وحراكيون ومدافعون عن الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، اليوم الأحد، اعتصاماً أمام مجمع المحاكم بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، قبيل عرضهم على المحكمة في قضايا الرأي والتعبير.
اللون البرتقالي يرمز للظلم
وارتدى الحراكيون الزي البرتقالي تعبيراً عن " الظلم". ويقول عبدو: "إن اللون البرتقالي أصبح رمزاً للظلم، جئنا لنقف أمام مجمع المحاكم لإعلان موقفنا من حضور جلسات المحاكمة، والسبب ليس المحكمة، فنحن مع القضاء؛ ولكن المماطلة والتسويف".
وتميز معتقلو سجن غوانتانمو الأميركي بالزي البرتقالي، كذلك كانت إدارة سجون الاحتلال قد فرضت قميصاً برتقالياً على الأسرى الفلسطينيين الذين نجحوا بتغييره في ثمانينيات القرن الماضي.
اعتقالنا "سياسي"
الناشط حمزة زبيدات الذي سيمثل غداً الاثنين أمام المحكمة قال لـ"العربي الجديد": "إن النشطاء يقفون أمام المحكمة للتعبير عن رفضهم الواضح للاعتقال السياسي من حيث المبدأ، وملاحقة النشطاء السياسيين في قضايا عادلة ومحقة بدأت منذ زمن طويل وانفجرت مع قضية نزار بنات".
وتابع زبيدات: "سنتكلم، وإذا أردتم أن تعتقلونا فنحن جاهزون للاعتقال، وحتى لو وصلت الأمور إلى الإعدام كما تم إعدام نزار بنات".
ورأى أن المحاكمات صورية وشكلية لا قيمة لها، معتبراً أن ما يتعرضون له من تهم كيدية وسياسية غير قانوني ومعادٍ حتى للمعاهدات الدولية التي وقعت عليها السلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أن القانون لا يسمح لهم كمتهمين في تلك القضايا بعدم حضور المحكمة.
من جهته، أكد الناشط جهاد عبدو أن النشطاء سيكون لهم موقف حول تعليق حضور المحاكم، وقال: "جئنا لنقول لكل أصحاب القرار، وبالتحديد لمجلس القضاء، أن مسألة التسويف في محاكمة الحراكيين على قاعدة تأجيل العدالة هو ظلم بائن، فلتوقف جميع هذه المحاكمات".
تحديد سقف زمني قصير
وأصدر النشطاء بياناً، تلاه عضو التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني عمر عساف خلال الوقفة، طالبوا فيه بتحديد سقف زمني قصير لإنهاء ملفاتهم في المحاكم.
ووردت في البيان اتهامات للسلطة الفلسطينية بلي عنق القضاء واستخدامه بما يتناقض مع مهمته الأساسية بتطبيق القانون وصيانة العدالة، والمماطلة في التعامل الجدي مع ملفات النشطاء والتي استمر بعضها لسنوات.
وحذر البيان من أن عدم الاستجابة لمطلب وقف المماطلة قد يؤدي بالنشطاء مضطرين ومجبرين حسب تعبيرهم، إلى تعليق حضور جلسات المحاكم.
وبين عساف رداً على سؤال لـ"العربي الجديد"، أن أساليب المماطلة تتلخص بعدم إحضار الشهود أحياناً، والتعذر بأعذار مختلفة، والفوارق الزمنية الطويلة بين جلسات المحاكم.
ووافق مدير مجموعة محامون من أجل العدالة المحامي مهند كراجة النشطاء الرأي بأن هناك مماطلة، مؤكداً في حديث مع "العربي الجديد"، بعد انتهاء جلسات المحاكمة، أن عدم حضور الشهود يتكرر منذ زمن طويل في محاكمات النشطاء السياسيين والنقابيين، مبيناً وجود قضايا مستمرة منذ أكثر من خمس سنوات لهذا السبب.
وقال كراجة: "في كثير من المرات شاهد النيابة العامة يكون هو المستشار القانوني للجهاز الأمني، ويحضر بشكل يومي إلى المحكمة لكنه لا يحضر الجلسات، لذلك تتم المماطلة لأشهر وسنوات".
وتابع: "نرى أن هناك مشكلة عند النيابة العامة بتقديم بينتها وشهودها، فهي غير قادرة على إيجاد آلية تضمن حضور رجال الأمن الذين يكونون شهوداً لها في هذه القضايا، المشكلة لدى النيابة لأن هذه هي بينتها".
ورغم أن 98 في المئة من القضايا التي يتابعها كراجة للمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين يحصلون على براءة كما يقول، لكنه يعتبر تلك عدالة متأخرة وتعسف بحق المدافعين عن حقوق الإنسان، معتبراً أن العدالة المتأخرة عقوبة، خاصة أن القانون لا يعطي إمكانية التعويض عن المحاكمات التي قد تستمر لسنوات.
وحتى طلبات المحامين إبراز الملفات التحقيقية لتخطي هذه المماطلة، أي تخلي محامي الدفاع عن حقه بنقاش شهود النيابة والاكتفاء بما أوردوه في إفاداتهم للنيابة لتخطي المماطلة، بات يرفض، أخيراً، حسب كراجة، معتبراً أن ذلك جزء من المماطلة.
وكانت حالة من التوتر سادت الشارع الفلسطيني بعد احتجاجات في الشارع على مقتل نزار بنات في يونيو/ حزيران الماضي، أدت إلى اعتقال عشرات النشطاء خلال التظاهرات على خلفية الدعوات لها، وكانت آخر جلسات محاكمة للنشطاء عقدت في 6 أكتوبر/تشرين أول الماضي، فيما ستعقد جلسات في 23 و29 من الشهر الجاري، و7 من ديسمبر/كانون أول المقبل.