نجا رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني، الفريق الركن صغير بن عزيز، اليوم الثلاثاء، من محاولة اغتيال، إثر انفجار سيارة مفخخة بالتزامن مع مرور موكبه العائد تواً من السعودية، على مشارف مدينة مأرب، الواقعة على بعد 170 كيلومتراً شرق صنعاء.
وقال مصدر عسكري لـ"العربي الجديد"، إن سيارة مفخخة كانت تقف بجانب الطريق الدولي، مأرب - حضرموت، بين منطقتي "بن معيلي" و"كرى"، في مديرية وادي عبيدة الواقعة إلى الشرق من مدينة مأرب، انفجرت لدى مرور رئيس هيئة الأركان، عصر اليوم.
وأضاف المصدر أن رئيس الأركان ومن كانوا معه نجوا من الانفجار الذي سبّب إصابات خفيفة لخمسة أطفال كانوا بالقرب من منطقة الحادث، إضافة إلى ثلاثة من مرافقي رئيس الأركان.
وأعلن المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية أن وزير الدفاع في الحكومة اليمنية، الفريق الركن محسن الداعري، أجرى "اليوم اتصالاً هاتفياً برئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة، الفريق الركن صغير بن عزيز، للاطمئنان على سلامته إثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة في أثناء عودته إلى مأرب".
وأشار المركز إلى أن وزير الدفاع عبّر "عن إدانته بأشد العبارات لهذا الحادث الجبان والمؤسف الذي استهدف رئيس الأركان خلال عودته إلى مأرب بعد زيارة خارجية، مشيداً بأدواره الوطنية والميدانية في الدفاع عن الوطن ومواجهة مليشيا الإرهاب الحوثية".
وقال الوزير إن "محاولة الاغتيال الفاشلة والجبانة التي استهدفت رئيس الأركان، هي محاولة لثنيه عن مواقفه الوطنية وقيادته الشجاعة لرئاسة الأركان وصلابته في وجه مليشيا الكهنوت الحوثية المدعومة إيرانياً".
ووجه وزير الدفاع "بسرعة التحقيق في الحادثة وكشف ملابساتها وتتبع الجناة والقبض عليهم، ومضاعفة الجهود في حماية الطرقات وردع كل من تسول له نفسه المساس بالأمن والاستقرار وإقلاق السكينة العامة"، بحسب المصدر ذاته.
ولم تتبنَّ أي جهة محاولة الاغتيال حتى اللحظة، فيما سارع نشطاء يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى اتهام جماعة الحوثيين المدعومين من إيران بالوقوف وراء العملية التي تستهدف أحد أبرز قيادات الجيش المناوئ للجماعة.
وكان بن عزيز قد غادر مأرب قبل شهر في زيارة رسمية للولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يعود بعد ذلك، ويقوم بجولة ميدانية شملت جبهات شماليّ وشمال غربيّ البلاد، إضافة إلى السعودية.
وعقب عودته اليوم إلى مأرب، التقى رئيس الأركان عضو مجلس القيادة الرئاسي، اللواء سلطان العرادة، وناقش معه آخر المستجدات الميدانية والعسكرية، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، التي يبدو أنها سارعت في نشر خبر اللقاء، تأكيداً لسلامته.
واستمع عضو مجلس القيادة، من رئيس هيئة الأركان إلى تقريرٍ موجز عن نتائج جولته الخارجية إلى الولايات المتحدة والسعودية، وما جرت مناقشته مع نظرائه العسكريين في واشنطن والرياض، واطلع منه على نتائج زياراته الميدانية للوحدات العسكرية في المنطقة العسكرية الخامسة والمحاور المرتبطة بها في جبهات الحدود الشمالية، وتفقده للمقاتلين في التشكيل البحري بالقوات البحرية في ميناء ميدي وجزر البحر الأحمر، وفقاً للوكالة ذاتها.
وسبق أن حاول الحوثيون استهداف رئيس هيئة الأركان عبر صواريخ باليستية ضربت موقع اجتماع للجيش في معسكر "صحن الجن" شمال شرقيّ مدينة مأرب، في منتصف عام 2020، وأدى الهجوم ذاك إلى مقتل نجله وآخرين.
وجاءت محاولة الاغتيال، اليوم، بعد ساعات على هجمات عنيفة شنتها الجماعة على مواقع القوات الحكومية في منطقة الكسارة، شمال غربيّ مأرب، أوقعت ثمانية قتلى من القوات الحكومية.
وقال نائب رئيس المركز الإعلامي للقوات المسلحة، العقيد صالح القطيبي لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثيين شنّت في الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء، قصفاً مدفعياً على مواقع قوات الجيش والمقاومة بالكسارة، أعقبته محاولة تسلل لعدد من عناصرها.
وأضاف أن القوات الحكومية تمكنت من إفشال المحاولة، وصد العناصر المهاجمة، وأوقعت فيهم قتلى وجرحى، مؤكداً مقتل ثمانية من القوات الحكومية خلال صدّ الهجوم.
ويُعَدّ هذا الهجوم الأكبر منذ دخول البلاد في وضع يشبه الهدنة، في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2022، قبل عام، رغم شنّ الجماعة هجمات أخرى، ولا سيما على مواقع القوات الحكومية جنوبيّ مأرب، التي استهدفتها بالمسيّرات والمدفعية أكثر من مرة.
وجاء الهجوم اليوم بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف شنه الحوثيون على مواقع القوات الحكومية في جبل البلق، إلى الشرق من مدينة مأرب، وفقاً للقطيبي، الذي أشار إلى تعزيزات مستمرة تدفع بها الجماعة إلى جبهات جنوب وغرب، وشمال غرب المحافظة.
يذكر أن محافظة مأرب مثلت أكثر الجبهات اشتعالاً على مدار الحرب التي شهدتها البلاد بين 2015 و2022، قبل أن ينجح ضغط دولي ورغبة إقليمية في التوصل إلى هدنة بين إبريل/نيسان وأكتوبر/تشرين الأول من العام الأخير، انخفضت بعد ذلك إلى تهدئة هشّة، إلا أنها أثرت إيجاباً بالوضع الإنساني، رغم الخروقات والمناوشات التي تحدث بين الفينة والأخرى.
ولا يزال الحوثيون يفرضون حصاراً على مأرب في وضع يشبه الهلال عبر الجبهات من شمال شرق، مروراً بالشمال والغرب، وصولاً إلى جنوب شرق المدينة التي تقول السلطة المحلية إنها استقبلت ما يزيد على مليونين و200 ألف نازح، وهي الأكثر استقبالاً للنازحين في البلاد.
وضاعف الحصار مشاكل السفر التي يعاني منها معظم محافظات البلاد في زمن الحرب، ولا سيما للمسافرين والبضائع التي تنقل بين مناطق الحكومة ومناطق سيطرة الحوثيين شماليّ البلاد، وتقطع طرقاً صحراوية وعرة بين مأرب والجوف.