في ظل غياب خصم رئيس له في الانتخابات الإسرائيلية الرابعة، بدأ زعيم الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في اليومين الماضيين بتركيز حملته الانتخابية في صفوف التيار الديني الصهيوني في اليمين الإسرائيلي، بالتعاون مع أوساط في تيار الحريديم، بهدف إضعاف حزب "يمينا" الذي يقوده نفتالي بينت، والذي تتوقع له استطلاعات الرأي الأخيرة بين 9-10 مقاعد.
وقد عزز نتنياهو أخيراً من دعايته الانتخابية في أوساط اليمين الديني الاستيطاني، بأن نفتالي بينت، الذي يرفض التزام التحالف مع نتنياهو بعد اليمين، يعتزم في واقع الحال نقل أصوات من اليمين إلى معسكر اليسار بقيادة زعيم حزب "ييش عتيد"، يئير لبيد، الذي تتوقع له الاستطلاعات 19-20 مقعداً مقابل 30 مقعداً لحزب الليكود.
وكشفت صحيفة "يسرائيل هيوم" عن خطة نتنياهو والليكود لليومين الباقيين حتى الانتخابات التي ستُجرى بعد غد الثلاثاء. وبحسب الصحيفة، سيعزز نتنياهو والليكود من الحملة الدعائية ضد حزب يمينا، وسيحاولان نقل أصوات المترددين في هذا المعسكر إلى تحالف "الصهيونية الدينية" الذي يقوده بتسليئيل سموطريتش بالشراكة مع الفاشي إيتمار بن غفير، وحزب نوعام الديني المتطرف أيضاً.
ويحاول نتنياهو، في ظل حالة التعادل التي تتوقعها الاستطلاعات الإسرائيلية، التي أجريت حتى يوم الجمعة الماضي، بين معسكر نتنياهو والمعسكر المناهض له، تأمين استمالة أصوات، ما يوازي مقعداً أو مقعدين لمصلحة حزب بتسليئيل سموطريتش، حتى من داخل قطاع الحريديم الإشكناز، الذين يمثلهم حزب "ديغل هتوراة"، وبالاستعانة بحركة حاباد "الدينية الصوفية" لتكريس دعاية أن التصويت لحزب يمينا يعني إطاحة حكومة اليمين وتمهيد الطريق لتشكيل حكومة بقيادة يئير لبيد.
ويُعَدّ يئير لبيد ألد أعداء اليهود الحريديم في إسرائيل، الذي يطالب بفصل الدين عن الدولة وفرض التجنيد الإجباري على الحريديم، أو بدلاً من ذلك الخدمة الوطنية وإلغاء الامتيازات التي يحصل عليها الحريديم.
ووفقاً لصحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن خطة نتنياهو تتضمن أيضاً وعود بضمّ حزب يمينا لحكومة نتنياهو القادمة، بل وحتى فتح أبواب الليكود أمام انضمام قائدي الحزب، نفتالي بينت وأيليت شاكيد بعد الانتخابات.
وبموازاة ذلك، حرص زعيم الليكود بنيامين نتنياهو، في رسالة أخيرة موجهة إلى الناخب الإسرائيلي، عبر صحيفة "يديعوت أحرونوت"، على التركيز على جعل التعافي الاقتصادي الإسرائيلي في صدارة اهتمام الحكومة القادمة، إلى جانب محاولة توظيف اتفاقيات التطبيع من جهة والتحذير من خطر إيران.
وتشهد الساحة الإسرائيلية جهوداً حثيثة من مختلف الأحزاب لمحاولة "إيقاظ" المعركة الانتخابية ورفع نسبة التصويت العامة، في ظل توقعات بألا تتجاوز 70%.
وأقر زعيم حركة "شاس"، الحريدية الشرقية، أريه درعي، أن استطلاعات داخلية لحركته تشير إلى وجود ما يوازي مقعداً ومقعداً ونصف مقعد لدى ناخبين لم يحسموا موقفهم بعد ومترددين في التصويت بين حركة "شاس" وبين حزبي العمل وحركة "ميرتس" اليسارية، على خلفية قضايا اجتماعية اقتصادية.
وأكدت تصريحات درعي، التي جاءت في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية ظهر اليوم، غياب الموضوع السياسي، وتحديداً النزاع الفلسطيني الإسرائيلي عن المعركة الانتخابية، خاصة أن تقارير صحافية أشارت في المقابل إلى اتجاه ناخبين محسوبين على اليسار، ولا سيما حركة "ميرتس" للتصويت لحزب اليمين المتطرف "يسرائل بيتينو" الذي يقوده أفيغدور ليبرمان، بسبب أطروحاته الاجتماعية والتزامه الثابت بعدم الانضمام إلى حكومة يسيطر عليها الحريديم.
وعلى الرغم من حالة التعادل التي تحدثت عنها وسائل الإعلام الإسرائيلي والاستطلاعات التي تشير إلى عدم قدرة أيٍّ من المعسكرين، معسكر نتنياهو، والمعسكر المناهض له على تشكيل حكومة بعد الانتخابات، إلا أنه يبدو أن هناك إجماعاً على أن مصير الانتخابات مرهون عملياً بقدرة ثلاثة أحزاب صغيرة، هي "ميرتس" و"كاحول لفان"، في المعسكر المناهض لنتنياهو، وحزب "الصهيونية الدينية" بقيادة سموطريتش على اجتياز نسبة الحسم.
ووفقاً لهذه الاستطلاعات، فإن فشل حزب الصهيونية الدينية في اجتياز نسبة الحسم، سيعني خسارة معسكر نتنياهو 4 مقاعد على الأقل، ومنح تفوق للمعسكر المناهض دون أن يعني ذلك تمكين المعسكر المناهض لنتنياهو من تشكيل حكومة بديلة، وذلك بسبب الخلافات الشديدة داخل المعسكر.
في المقابل، إذا فشل حزبا "كاحول لفان" و"ميرتس"، في اجتياز نسبة الحسم، فإن ذلك سيعني كسب معسكر نتنياهو مقعدين على الأقل وبلوغه الهدف المنشود، وهو تأمين تأييد أكثر من 60 نائباً من أصل 120 نائباً في الكنيست، لمصلحة معسكر نتنياهو.
لكن المشكلة الكبيرة أمام محاولات التوقع في النتائج للانتخابات الإسرائيلية الرابعة، هي في إعلان نحو 38% من الإسرائيليين أنهم لم يقرروا موقفهم إلى الآن، وسيقررون كيف سيصوتون فقط في يوم الانتخابات، وهو ما يزيد من حالة عدم اليقين في فهم صورة الساحة الانتخابية الإسرائيلية، وما إذا كانت الانتخابات ستؤدي إلى عودة نتنياهو أو الذهاب لانتخابات خامسة، إذا لم يتمكن المعسكر المناهض لنتنياهو من توحيد صفوفه والاتفاق على مرشح لتكليفه تشكيل حكومة جديدة وإرسال نتنياهو للمعارضة، ومنها إلى أروقة المحكمة، حيث يفترض أن تبدأ محاكمته بالاستماع إلى الشهود في الأول من إبريل/ نيسان القادم.