أفادت إذاعة "كان" الإسرائيلية، صباح اليوم الاثنين، بأنّ رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال، في اجتماع مغلق في الآونة الأخيرة، إنّ إسرائيل تستعد لمرحلة ما بعد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن)، كما تحدّث عن "ضرورة كبح تطلعات الفلسطينيين لدولة مستقلة".
وأوضحت الإذاعة أنّ أقوال نتنياهو جاءت خلال جلسة مغلقة عُقدت أخيراً للجنة الخارجية والأمن البرلمانية في الكنيست، بعدما سأله نواب في اللجنة حول علاقة إسرائيل بالسلطة الفلسطينية.
وجاء على لسان نتنياهو خلال الجلسة، وفقاً للإذاعة الإسرائيلية: "نحن نستعد لليوم الذي يلي أبو مازن. نحن بحاجة إلى السلطة الفلسطينية. يجب أن لا نسمح بانهيارها ونحن لا نريدها أن تنهار. نحن على استعداد لمساعدتها من الناحية الاقتصادية. لدينا مصلحة بأن تواصل السلطة عملها. في الأماكن التي تنجح بالعمل فيها فإنها تقوم بالعمل نيابة عنا. وليس لدينا أي مصلحة في انهيارها".
وعرّج نتنياهو على طموحات الفلسطينيين بدولة مستقلة، قائلاً بصرامة، بحسب "كان"، إنه "يجب القضاء على تطلعاتهم لإقامة دولة".
أبو ردينة يردّ
وردّ الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على نتنياهو، مشدداً على أن قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار.
وتابع أبو ردينة في تصريح له اليوم، أوردته وكالة الأنباء القطرية (قنا)، أن الدولة الفلسطينية قائمة ومعترف بها من أكثر من 140 دولة، وهي بحاجة فقط إلى زوال الاحتلال لتجسيد استقلالها، وأن الاحتلال واهم إذا ظن أن بإمكانه تكريس هذا الاحتلال عبر مواصلة العدوان على الشعب الفلسطيني، وتصعيد سياسة القتل والاستيطان، وسرقة الأرض وغيرها من الأعمال العدوانية المخالفة لقرارات الشرعية الدولية، ومنها القرار 2334.
كما شدد على أن تصريحات نتنياهو تظهر للعالم حقيقة النوايا الإسرائيلية الرافضة للشرعية الدولية والقانون الدولي، وأنه لا يوجد شريك إسرائيلي يريد تحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية، وقال إن دولة فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة وفي العديد من المؤسسات الدولية والأممية، ونالت اعترافاً دولياً بذلك.
ودعا أبو ردينة المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية، إلى التدخل ومحاسبة إسرائيل على أفعالها وأقوالها المخالفة للشرعية الدولية، وإجبارها على الالتزام بما أقرته الشرعية الدولية بحق الشعب الفلسطيني، بتجسيد إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الـ67، حتى تنعم المنطقة بالاستقرار والسلام.
الخارجية الفلسطينية: مواقف نتنياهو معادية للسلام
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية تصريحات نتنياهو، واعتبرتها اعترافاً رسمياً بسياسة الحكومة الإسرائيلية المعادية للسلام، والرافضة لقرارات الشرعية الدولية ولتطبيق مبدأ حل الدولتين، وتأكيداً جديداً على غياب شريك السلام الإسرائيلي، واعترافاً بالتخريب الإسرائيلي المتعمّد لكلّ الاتفاقيات والتفاهمات والجهود الإقليمية والدولية والأميركية المبذولة لاستعادة الأفق السياسي لحلّ الصراع.
ورأت الوزارة أن رفض نتنياهو إقامة دولة فلسطينية مستقلة هو التفسير السياسي لانتهاكات جيش الاحتلال ومليشيا المستوطنين وعناصر الإرهاب وجرائمهم ضد المواطنين الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ومنازلهم ومزروعاتهم ومقدساتهم في عموم الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، إن لم يكن هذا الموقف تشجيعاً لعناصر الإرهاب على ارتكاب المزيد من جرائم سرقة الأرض الفلسطينية وتعميق الاستيطان وزرع المزيد من البؤر العشوائية لتقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وفق بيان الخارجية.
وطالبت الخارجية الفلسطينية الإدارة الأميركية بالتعامل مع مواقف نتنياهو المعادية للسلام بمنتهى الجدية، واتخاذ ما يلزم من العقوبات والضغوطات والإجراءات لحماية فرصة تطبيق مبدأ حلّ الدولتين، وإجبار الحكومة الإسرائيلية على احترام التزاماتها تجاه المواطنين الفلسطينيين باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال.
"حماس" تدعو قيادة السلطة لإعادة النظر بالتزاماتها مع الاحتلال
بدورها، ردّت حركة حماس، اليوم الاثنين، على تصريحات نتنياهو، معتبرة أنها تأكيد مجدداً على وضوح أهداف "الكيان الفاشي القائم على فكرة الإبادة والتطهير العرقي، والاستيطان الإحلالي، بعيداً عن شعارات السلام المزعوم والزائف".
ويستدعي ذلك، وفق بيان لـ"حماس"، من "قيادة السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، إعادة النظر في التزاماتها مع الاحتلال، وفي مسار التسوية والمفاوضات العبثية، ووقف كل أشكال التعاون والتنسيق الأمني معه، وتحويل البوصلة باتجاه تعزيز الموقف الوطني ضد الاحتلال، على قاعدة استمرار الثورة حتى زواله عن أرضنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية، فدولتنا وحقوقنا الوطنية تُنتزع بالقوة ولا تستجدى من الأعداء".
ودعت الحركة "أشقاءنا العرب إلى تفعيل مقاطعة الكيان المحتل، ووقف كل أشكال التطبيع معه، والذي لم يزده إلا عدوانية وغطرسة، وفتح شهيته على مزيد من الوحشية وسرقة الأرض وانتهاك كرامة الإنسان وحرمة المقدسات".
كما دعت "حماس" المجتمع الدولي والأمم المتحدة، إلى إدانة تلك المواقف والتصريحات التي تجاوزت أبسط الحقوق، وانتهكت كل القوانين والقرارات ذات الصلة، حتى باتت تهدّد السلم والأمن في المنطقة، ما يُلقي بمزيد من المسؤولية على الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية كافة ذات الصلة، وفق البيان.
وتلتزم السلطة الفلسطينية باتفاقية تنسيق أمني مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، رغم المعارضة الشعبية.
وهددت السلطة مراراً بوقف التنسيق على خلفية تطورات في الضفة الغربية، لكن التهديدات لم تصل لحد الفعل، وكانت تهدف في الغالب لامتصاص غضب الشارع.
وتضغط حكومة الاحتلال، في الأشهر الأخيرة، على السلطة الفلسطينية لملاحقة واعتقال المقاومين في شمال الضفة الغربية، حيث تتصاعد أنشطة المقاومة المسلحة.
وكشفت قناة "كان" الإسرائيلية، الخميس الماضي، عن أنّ رئيس "الشاباك" رونين بار التقى مسؤولين كباراً في الأمم المتحدة، وحذّر من الوضع الذي وصلت إليه السلطة الفلسطينية.
ويحاول الاحتلال تبرير اقتحاماته المتكررة لشمال الضفة الغربية بضعف السلطة الفلسطينية وتراجع دورها، ما يؤدي إلى تنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية وضد المستوطنين، كما يؤدي إلى غضب هؤلاء ويعزز هجماتهم على الفلسطينيين، كما هو حاصل في الأيام الأخيرة.
وأوصل بار رسالة إلى الأمم المتحدة مفادها، بحسب ما أوردته "كان"، أنه "في أعقاب فقدان السلطة الفلسطينية السيطرة على مناطق عديدة في الضفة الغربية، توجّب على الجيش العمل فيها".
من جانبه، قدّر جنرال إسرائيلي في الاحتياط أن جيش الاحتلال فقد حرية العمل العسكري في شمال الضفة.
وقال الناطق السابق بلسان جيش الاحتلال رونين ملنيس إنّ اضطرار الجيش الإسرائيلي إلى استخدام الطيران في تنفيذ عملياته في جنين وشمال الضفة الغربية يدل على أنه لم يعد قادراً على تنفيذها براً في عمق الأراضي الفلسطينية.