نتنياهو غير مستعد لوقف حرب غزة: أوضح رفض لاتفاق بايدن

25 يونيو 2024
نتنياهو في القدس المحتلة، 6 مايو 2024 (عمير كوهين/رويترز)
+ الخط -
اظهر الملخص
- رفض بنيامين نتنياهو إبرام صفقة شاملة لوقف حرب غزة، مقترحًا صفقة جزئية تركز على عودة بعض الأسرى الإسرائيليين، مما أثار ردود فعل سلبية داخل إسرائيل ومنح حماس موقفًا أقوى.
- تصريحات نتنياهو تخالف الرواية الأمريكية وتعرقل جهود السلام، مع دعوات للضغط الدولي على إسرائيل لاحترام القرارات الأممية وتجاهل الاتفاق الجزئي لمساعي وقف دائم لإطلاق النار.
- المقاومة الفلسطينية وحماس تطالبان بضمانات لوقف حرب غزة، مع فشل إسرائيل في إيجاد بديل لحكم غزة وتحقيق إنجازات أمام المقاومة، ما يعكس استمرار الدعم الشعبي للمقاومة.

شكلت تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعلقة بمفاوضات تبادل الأسرى اعترافاً صريحاً وواضحاً منه برفض إبرام صفقة شاملة تقود لوقف حرب غزة والانسحاب التام من المناطق التي يحتلها جيش الاحتلال. وتحدث نتنياهو، في لقاء متلفز مع القناة 14 الإسرائيلية المحسوبة على معسكر اليمين، مساء أمس الأول الأحد، أنه ليس مستعداً لإنهاء حرب غزة وترك حركة حماس وأنه "فقط مستعد لعقد صفقة جزئية، تعيد بعض الأشخاص" في إشارة للأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة.

وانعكست هذه التصريحات بشكل سلبي على المستوى الإسرائيلي الداخلي، من خلال الهجوم الذي شنته عائلات الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة على نتنياهو باعتباره يعرقل التوصل لاتفاق يوقف حرب غزة ويعيد أبناءهم من القطاع. في المقابل، فإن تصريحات نتنياهو بمثابة اعتراف صريح يمنح المقاومة وحركة حماس على وجه الخصوص راحة في تعاملها مع الوساطات، أو حتى أمام جمهورها والحاضنة الشعبية التي تواجه حرب الإبادة للشهر التاسع على التوالي.

جهاد طه: ما يطرح من اتفاق جزئي التفاف على المساعي والجهود التي توصل إليها الوسطاء أخيراً

وتشكل هذه التصريحات موقفاً معاكساً للرواية التي سعت الإدارة الأميركية لترويجها طوال الفترة السابقة عن موافقة إسرائيلية على الصفقة، وأن حركة حماس هي من تعرقل السير نحو إبرامها بعد ردها الأخير.

إفشال جهود وقف حرب غزة

وقال المتحدث باسم حركة حماس جهاد طه إن هذه التصريحات دليل واضح على إفشال كافة الجهود والمقترحات، خصوصاً قرار مجلس الأمن الأخير الذي دعا إلى وقف إطلاق النار. وأضاف طه، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن المجتمع الدولي لا بد أن يمارس ضغوطا على الاحتلال الإسرائيلي الذي يضرب بعرض الحائط كل القرارات الأممية والنداءات الدولية التي تدعو لوقف إطلاق النار. ولفت إلى أن ما يطرح من اتفاق جزئي هو التفاف على المساعي والجهود التي توصل اليها الوسطاء أخيراً، والتي وافقت عليها "حماس" وفصائل المقاومة، والتي ترتكز على ضرورة وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب الشامل وعودة النازحين وتكثيف إدخال القوافل الإغاثية وصولاً للإعمار وصفقة التبادل.

وبشأن حديث نتنياهو عن فشل خيار تسلم العشائر حكم غزة، قال المتحدث باسم "حماس" إن الشعب الفلسطيني يرفض كل المحاولات التي حاول الاحتلال تسويقها لفرض أمر واقع عبر العشائر والعائلات، والتي كان لها موقف وطني ثابت وراسخ برفض كل المشاريع التي تؤدي لذلك. وشدد على أن العشائر لا تزال تقف بوجه الاحتلال ومشاريعه ومتمسكة بمشروعها الوطني والتفافها حول المقاومة.

من جانبه، أكد نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، محمد الهندي، أن موقف نتنياهو من الهدنة المؤقتة مُعلن ولم يتغير، وتفسير الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يعتبرها وقفاً للحرب كان يحتاج إلى نص واضح في الاتفاق، وهذا ما أصرت عليه المقاومة. وقال الهندي، لـ"العربي الجديد"، إن تصريحات نتنياهو الأخيرة تؤكد ما هو معلن من موقفه المستمر في العدوان والجرائم لحسابات سياسية وشخصية في أعقاب الفشل الاستراتيجي الكبير في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الذي تنتقل فيه إسرائيل من فشل إلى آخر، حسب قوله.

ووفق الهندي فإن الاحتلال فشل في الميدان وفي إدارة المعركة، وفي إيجاد بديل لحكم غزة، فيما لا يزال نتنياهو يتحدث بغطرسة حول النصر المطلق وتحرير الأسرى بالقوة والقضاء على المقاومة. وشدد على أن نتنياهو أبعد ما يكون عن تحقيق أي إنجاز أمام ضربات المقاومة، في الوقت الذي يتبدد فيه الإجماع الداخلي، الشعبي والعسكري، ويتفكك مجلس الحرب، وتتبدد الشرعية الدولية ويتحول قادة العدو إلى ملاحقين في المحاكم الدولية.

قراءة في موقف المقاومة

من جانبه، رأى مدير مركز عروبة للأبحاث والدراسات الإستراتيجية أحمد الطناني أن تصريحات نتنياهو بشأن عدم توقف حرب غزة تعكس مدى عمق إدراك المقاومة لحجم التلاعب الإسرائيلي والصيغ الموجودة في المبادرة الأخيرة، والتي تسمح للاحتلال بالعودة للحرب.

محمد الهندي: نتنياهو أبعد ما يكون عن تحقيق أي إنجاز أمام ضربات المقاومة

وقال الطناني، لـ"العربي الجديد"، إن ما طلبته المقاومة بأن تكون هناك صيغ واضحة تُلزم نتنياهو بوقف حرب غزة ثبُت أنها في محلها وأنها مطالب محقة، بالرغم من الضغط الدولي الكبير الذي سعت له إدارة بايدن للضغط على المقاومة للقبول بالمبادرة كما هي. وأشار إلى أن نتنياهو كان واضحاً في تصريحاته الأخيرة من خلال التنصل من بقية مراحل الاتفاق والاكتفاء بالمرحلة الأولى، وأخذ ما يمكنه أخذه من أسرى عبر المبادرة التي طرحها بايدن خلال الأسابيع الماضية.

ووفق الطناني فإن حديث نتنياهو يعكس أن قرار إيقاف حرب غزة والانسحاب التام من القطاع غير حاضر في أجندته أو أولوياته، وأنه يسعى لإطالة أمد حرب غزة والدخول للمرحلة الثالثة من العمليات خلال الفترة المقبلة. أما عن فشل إقامة "نظام مدني" للحكم في غزة، فأعرب الطناني عن اعتقاده أن ذلك يعود لتعمق المقاومة في البنية التحتية الفلسطينية والحاضنة الشعبية التي تستند إليها، ويعكس حجم الوعي لأهالي القطاع ورفض التعاون مع الاحتلال.

واعتبر الطناني أن الاحتلال يبحث عن صيغ يتجاوز فيها القدرات السلطوية لحركة حماس، من خلال السماح بسفر بعض المرضى عبر معبر كرم أبو سالم أو إدخال الشاحنات التجارية للتجار بعيداً عن قدرات الحكم التابع للحركة. ولفت إلى أنّ هذه الصيغ الصغيرة يحاول الاحتلال الترويج لها على أنها نموذج جديد للحكم، وشكل من أشكال الانتصار والقضاء على النظام القائم في غزة، إلا أنها تعكس الفشل الحقيقي في إيجاد بديل عن حركة حماس.

المساهمون