أنهى المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوین الجمعيات، كليمان نيالتسوسي فول، اليوم الثلاثاء، زيارته إلى الجزائر، مقدماً حزمة من الملاحظات حول وضع الحريات في البلاد.
وقال المقرر الأممي في مؤتمر صحافي عشية انتهاء مهمته، التي بدأت في 16 سبتمبر/ أيلول الجاري، إنّه على الرغم من الجهود اللافتة لتحسين الظروف الاجتماعية والفرص الاقتصادیة، فإن هناك تطورات أخرى منذ عام 2020 تتعلق بتقلص الفضاء المدني، ومواجهة أفراد وجمعیات بتهم قانونية بموجب أحكام القوانين القدیمة المتعلقة بالتجمعات والجمعیات، والتي لم تتم مواءمتھا بعد مع الدستور والقانون والمعاییر الدولیة لحقوق الإنسان.
وأدت العملیات القضائیة والإداریة إلى إصدار أحكام بالسجن وتعلیق أو حل الأحزاب والجمعیات السیاسیة، بما في ذلك منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان البارزة. علاوة على ذلك، فقدت عدة منصات إعلامية ترخیصھا للعمل، وتعرض العدید من الصحافیین لتھم قانونیة ومتابعات قضائیة منذ عام 2020.
وطالب المقرر كليمان فول الحكومة الجزائرية بـ"الاھتمام العاجل بالوضع الحالي المتمثل في القیود القانونیة والملاحقات القضائیة للأفراد والجمعیات"، مضيفاً أنه "بحسب التقدیرات المقدمة من المحامین ومنظمات المجتمع المدني، یقضي أكثر من 200 شخص حالیاً أحكاماً بالسجن تتعلق بمخالفات بموجب تشریعات ما قبل عام 2020، مثل الأحكام التقییدیة المفرطة التي تجعل المشاركة في اجتماع أو مظاھرة عامة دون تصریح مسبق بمثابة جریمة قانونیة، مع أن وزارة العدل تقول إن عدد المعتقلین أقلّ من 200".
وأكد المبعوث الأممي أن السلطات الجزائرية تمنع حق التظاهر والتجمع السلمي منذ إصدار وزارة الداخلية قراراً، في التاسع من مايو/ أيار من عام 2021، يقضي بمنع أية مظاهرة لا يتم الترخيص لها مسبقاً من قبل السلطات.
وانتقد المقرر الأممي ما اعتبره تضييق السلطات النقابات والحق النقابي في ممارسة العمل السياسي، وكذلك إقدام الحكومة على حل تنظيمات مدنية بسبب مواقفها، مؤكداً أن بعض "الجمعات التي تنشط في مجال حقوق الإنسان وقضايا الحوكمة تم حلها مؤخراً"، كاشفاً أيضاً عن شكاوى من نشطاء وفاعلين مدنيين، تتعلق برفض مستمر من قبل السلطات للسماح لهم بالالتزام في جمعيات حقوقية.
ولفت المسؤول الحقوقي إلى أن هناك "قلقاً مشتركاً عبّرت عنه جمیع الجھات الفاعلة في المجتمع المدني يتعلق بأن الحكومة لا تعترف بھم بشكل كامل كشركاء في تنمیة الجزائر الجدیدة، وأن القوانين والأنظمة التقییدیة بشكل مفرط تعیق عملھم"، مشيراً إلى أن مجموعة من المسؤولين في الوزارات والحكومة عبروا في المقابل عن مخاوفهم من انفلات المجتمع المدني وتحوله إلى تهديد داخلي.
من جهة أخرى، ثمّن الموفد الأممي الانفتاح والتعاون اللافت للحكومة الجزائرية مع مهمته، وتسهيل اتصالاته مع الجهات الحكومية والمدنية، إذ كان قد التقى عدداً من الوزراء في الحكومة، أبرزهم وزیر الداخلیة ووزیر العدل، وكبار المسؤولین في الخارجیة والأجهزة الأمنية، إضافة إلى أعضاء في البرلمان والأحزاب السياسیة المعارضة.
وجاءت زيارة المقرر الأممي في ظل تشدّد لافت تُبديه السلطات الجزائرية إزاء حق التجمع والتظاهر السلمي، إذ تمنع كل أنواع التجمع وتلاحق عشرات الناشطين بتهمة التجمع والتجمهر غير المرخص.
وسبق أن أصدرت السلطات قانوناً جديداً للنقابات أثار جدلاً كبيراً في البلاد واعتبرته الأخيرة تضييقاً على العمل والحريات النقابية، فيما تستعد الحكومة لطرح مسودة قانون جديد لتنظيم عمل الجمعيات.