الواسطة هي أفضل طريقة للحصول على المساعدات التي تقدمها المنظمات العاملة تحت راية النظام السوري في كل مكان يسيطر عليه، ويكون أقارب الموظف "هم الأولى بالمعروف"، كما يقول مواطن من ريف حماة الشمالي لـ"العربي الجديد".
ويضيف أبو ليليان، وهو اسم مستعار لمواطن سوري من قرية "تل سكين"، التابعة لناحية محردة في ريف حماة الشمالي، حيث تسيطر مليشيات "الدفاع الوطني" التابعة للنظام والمدعومة من روسيا، وتعمل منظمات يشرف عليها "حزب البعث" وحكومة النظام و"الهلال الأحمر السوري" ومنظمات أجنبية، أن بعض المساعدات تقوم فرق تابعة لـ"مركز التنسيق الروسي" بتوزيعها على العائلات المحتاجة، وهنا لا يجرؤ موظفو النظام على التلاعب بالتوزيع أو سرقة المساعدات، لكن عندما تكون الأمور موكلة إليهم تتم سرقة معظم المساعدات ويجري توزيع جزء منها على أقاربهم فقط.
ومن أبرز فرق اللصوص، وفق وصفه، ما يسمى بـ"فريق محردة التطوعي"، الذي يتلقى المساعدات من النظام لتوزيعها، ثم يعمد إلى سرقة جزء منها وتوزيعها على الأقارب، ومن لهم واسطة، ممن ليسوا بحاجة إلى ذلك في الأصل، ليقوم هؤلاء لاحقا ببيع هذه المساعدات في السوق.
الكثير ممن يأخذون المساعدات هم ليسوا بحاجة إليها، ويعمدون إلى بيع الحصص في السوق
وتتكون معظم تلك المساعدات، وفق قوله، من الرز والبرغل والمعكرونة والزيت، وبعض المعلبات مثل التونة والفول والمرتديلا والحمص.
مصدر آخر من المنطقة أكد أن المساعدات في الغالب توزع عن طريق المجالس البلدية والجمعيات وفروع الحزب، وهناك فعلا موظفون في المجالس يقومون بالتوزيع حسب الواسطة وقرابة الشخص الذي يتلقى المساعدة، بغض النظر عما إذا كان محتاجا أم لا، والكثير ممن يأخذون المساعدات هم ليسوا بحاجة إليها، ويعمدون إلى بيع الحصص في السوق.
وذكر المصدر أن هناك عدة شكاوى وجهت إلى محافظة حماة تقول إن موظفين في ما يسمى "الوحدة الإرشادية" في منطقة محردة يقومون بتوزيع المساعدات على أقاربهم وأصحابهم غير المحتاجين ووفق الواسطة.
وقال أبو ليليان إنه ذهب إلى "الوحدة الإرشادية"، فقالوا له إن دوره لم يأت بعد، في حين أن شخصا يركب سيارة فارهة توقف وأخذ كرتونة من المساعدات مع "تبويس شوارب" بينه وبين الموزعين، وعند الاحتجاج على ما حصل، تذرع الموظفون بأن الشخص الذي أخذ سلة المساعدات سيرسلها إلى "أسرة شهيد"، أي قتيل في قوات النظام، وهو ما كذّبه أبو ليليان.
ويشير الشاهد ذاته إلى أن هناك عدم تناسبية في اختيار مناطق توزيع المساعدات، إذ تتنافس منظمات فرنسية مع مركز التنسيق الروسي في الدعاية لحماية المسيحيين في بعض المناطق، بينما يتم إهمال أخرى على الرغم من فقر سكانها.
ويذكر أن معظم المناطق التي تخضع لسيطرة النظام السوري تعيش حالة من الفقر بسبب سوء الاقتصاد السوري بشكل عام، فضلا عن انهيار سعر الليرة السورية وارتفاع نسبة البطالة والعقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام.
ويشار إلى أن العقوبات الاقتصادية، سواء الأوروبية أو الأميركية، على النظام السوري لا تشمل المساعدات الإغاثية والإنسانية والطبية.