مواقف متباينة بين السوداني وقيادات عراقية حول الوجود الأميركي

15 يناير 2023
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني (الأناضول)
+ الخط -

أقر عضو بارز في "الإطار التنسيقي"، التحالف السياسي الحاكم في العراق، بوجود تباينات بين رؤية رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وعدد من قادة التحالف حيال ملف الوجود العسكري الأميركي في البلاد، وذلك تعليقاً على موقف السوداني، الذي أكد فيه حاجة البلاد إلى التعاون مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بالحرب على تنظيم "داعش".

وللأسبوع الثاني على التوالي، تشهد البلاد جدلاً سياسياً إزاء ملف الوجود العسكري الأجنبي، بالتزامن مع الذكرى الثالثة لمقتل قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، والقيادي في "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، في 3 يناير/ كانون الثاني 2020، بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي، حيث جددت قيادات في التحالف الحاكم، أبرزهم هادي العامري وقيس الخزعلي، دعوتهم الحكومة لإخراج القوات الأميركية من العراق بشكل كامل.

تباين  

وقال العضو البارز في "الإطار التنسيقي" عائد الهلالي، اليوم الأحد، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك تبايناً في المواقف بين السوداني وبعض أطراف الإطار التنسيقي حيال ملف الوجود الأميركي، فهناك إصرار من أطراف داخل التحالف بإخراج كامل تلك القوات خلال فترة حكومة السوداني، في وقت يؤيد السوداني ومعه أطراف أخرى وجود تلك القوات وفق رؤية تتضمن عددها ومناطق انتشارها وأنشطتها، ويجرى بحث ذلك مع الأميركيين".

وبيّن الهلالي أن "هناك خشية سياسية من بعض أطراف الإطار، وكذلك السوداني، من العمل على إخراج الأميركان خلال المرحلة الحالية، فهذا الأمر ربما يسبب مشاكل سياسية وأمنية واقتصادية للعراق، ولهذا، فالسوداني لا يريد تأجيج الأوضاع في العراق، بل يعمل على حل أي خلاف وفق الأطر الدبلوماسية والسياسية".

وتابع القيادي في الإطار التنسيقي بأن "القوى السياسية العربية السنية والكردية مع بقاء الأميركيين، وهذا أيضاً سبب خلافات ما بين قوى ائتلاف إدارة الدولة. هذا الملف لا تزال الحوارات والمفاوضات مستمرة حوله من أجل الوصول الى صيغة اتفاق تكون مدعومة من قبل غالبية الأطراف السياسية المشكلة والداعمة لحكومة محمد شياع السوداني".

في السياق ذاته، اتهم قيادي بارز في حركة "حقوق"، الجناح السياسي لجماعة "كتائب حزب الله"، في حديث مقتضب مع "العربي الجديد"، السوداني بأنه "خالف تعهداته بشأن ملف الاحتلال الأميركي في العراق"، وأضاف: "السوداني يتحدث الآن عن تحديد مهامها وحصر وجودها، رغم أن هذا الأمر غير ممكن وأي حكومة عراقية أعلنت ذلك فشلت به كون الأميركيين يرفضون ذلك، وهذا الأمر لا يخفى على أي أحد"، وختم بالقول إن "الإطار التنسيقي سيجتمع مع السوداني قريباً لبحث تصريحاته الأخيرة حيال ذلك، وفصائل المقاومة الإسلامية لها موقف ستوصله".

"القوات الأجنبية لا تزال مطلوبة"  

من جهته، دافع رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في مقابلة مع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، نُشرت اليوم الأحد، عن وجود القوات الأميركية في بلاده، ولم يحدد جدولاً زمنياً لانسحابها، وقال السوداني، بحسب رويترز، إن القوات الأجنبية لا تزال مطلوبة.

وفي إشارة إلى القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي التي تُدرب وتُساعد الوحدات العراقية في مواجهة تنظيم "داعش"، قال السوداني "القضاء على داعش يحتاج إلى مزيد من الوقت"، وكشف السوداني للصحيفة أنه يعتزم إرسال وفد رفيع المستوى إلى واشنطن لإجراء محادثات مع المسؤولين الأميركيين الشهر المقبل، مضيفاً أن العراق يسعى لعلاقات مع واشنطن مماثلة لتلك التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية وغيرها من منتجي النفط والغاز في الخليج العربي.

وكان السوداني قال خلال مقابلة مع شبكة "دويتشه فيله" الألمانية، قبل يومين، إن حكومته مع بقاء القوات الأميركية في العراق وإن هذا الأمر مدعوم من قبل أطراف سياسية، لكنه أكد أن هذا الوجود يكون مع تحديد مهام تلك القوات وأماكن وجودها وأعدادها.

من جهته، قال المحلل السياسي نزار حيدر، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن "ملف الوجود الأميركي محل خلاف بين السوداني والأطراف السياسية في الإطار التنسيقي، وكذلك الفصائل المسلحة، فالسوداني يدرك جيداً خطورة العمل بشكل حقيقي لإخراج القوات من العراق، ولهذا هو لا يريد ذلك".

وبين حيدر أن "الخلاف بين السوداني وبعض الأطراف داخل الإطار التنسيقي والفصائل المسلحة بشأن الوجود الأميركي ربما يشهد تصعيداً في الفترة المقبلة، والأمر ربما يصل إلى التصعيد الإعلامي أو حتى على مستوى الشارع، من خلال الاحتجاج أو عودة الأعمال العسكرية بشكل متصاعد ضد الأهداف الأميركية، كوسيلة ضغط على السوداني، خصوصاً بعد أن لمست تلك الأطراف عدم وجود أي جدية من قبل الحكومة الحالية لإخراج القوات الأميركية من العراق".

وتوجد القوات الأميركية، التي أعلن العراق رسمياً عن تحول مهامها إلى استشارية في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2021، ضمن الاتفاق الموقع بين البلدين، وبعدد لا يتجاوز ألفي عسكري، في ثلاثة مواقع رئيسية بالعراق، هي قاعدة "عين الأسد"، الواقعة على بعد 130 كيلومتراً من مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غربي البلاد، وقاعدة "حرير"، شمال أربيل، ضمن إقليم كردستان، أقصى شمالي العراق، إلى جانب معسكر "فيكتوريا"، الملاصق لمطار بغداد، والذي توجد فيه وحدة مهام وتحليل معلومات استخبارية، إضافة الى السفارة الأميركية وسط بغداد.