مواقف الأحزاب من الانتخابات الرئاسية التونسية: غموض القواعد وهواجس إقصاء المنافسين

16 فبراير 2024
أثار إعلان قيس سعيّد إجراء الانتخابات الرئاسية التونسية بموعدها جدلا حزبيا وسياسيا (Getty)
+ الخط -

أثار إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد إجراء الانتخابات الرئاسية التونسية في موعدها جدلا حزبيا وسياسيا حول جدية المواعيد والمناخ الانتخابي المتأزم وتواصل استهداف مرشحين محتملين.

وأكد سعيد خلال لقائه رئيس هيئة الانتخابات، الاثنين، أن "كل الانتخابات القادمة ستجرى في موعدها بما في ذلك الانتخابات الرئاسية"، مشيرا إلى أن "من دعوا إلى مقاطعة انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب والجهات والأقاليم يعدّون العدّة بكل الوسائل للموعد الانتخابي القادم، لأن لا همّ لهم سوى رئاسة الدولة"، بحسب تعبيره.

تصريحات الرئيس اعتبرها أنصاره تعبيرا عن احترامه قواعد الديمقراطية والالتزام بالمواعيد الانتخابية وتكذيبا لادعاءات معارضيه بأنه يعمل على تأجيل الانتخابات لتمديد ولايته.

ولكن حركة النهضة التونسية اعتبرت في بيان لها، الخميس، أنّ "الأهمّ من احترام الاستحقاقات الانتخابية وإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها هو توفّرُ شروطها المطلوبة، وأنّ الشكوكَ قائمة حول نزاهة الانتخابات المرتقَبَة وشفافيتها، ولا دليلَ اليوم على أنّ الشعب التونسي سيتمكّن من الاختيار الحرّ والديمقراطي والتعدّدي الحقيقي". 

 أمين عام حزب التيار الديمقراطي نبيل حجي اعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "الانتخابات الرئاسية شبيهة بالخرافات التي نسمع عنها منذ الصغر ولم نرها"، مبينا أن "موعدها لا يعلمه إلا الله ثم قيس سعيّد"، مشيرا إلى "تواصل غموض تحديد هذا الموعد، فليس من العادي أنه حتى اليوم وفي السنة المفروض أنها انتخابية، ونحن لا نعلم تاريخ الانتخابات بالضبط، وهل يمكن أن نعتبر بذلك المواطن مواطنا؟".

وفسر حجي بأنه "بالنسبة لمن ينوون الترشح، هل يعقل تواصل الغموض حتى اليوم؟ فالانتخابات الرئاسية يجب أن يُعدَ لها فريق وبرنامج ودراسة وتحضيرات وتزكيات وتمويلات".

وبين حجي أنه "من غير المعقول أن ينتظر المترشحون أن يمنّ عليهم شخص يقرر بمفرده الموعد والقواعد والظروف والشروط والهيئة، وهذا الشخص هو منافس وحكم في نفس الوقت، ثم نتحدث بعد ذلك عن ديمقراطية، والأغرب أنه يجرى الحديث إعلاميا عن إجراء الانتخابات في موعدها الذي لا يعلمه أحد بالتفصيل".

وذكر أن "هيئة الانتخابات قالت سابقا إن الانتخابات البلدية ستكون في موعدها، ثم فوجئنا بحل البلديات عبر مراسيم وأُجّلت إلى موعد غير معلوم".

وأفاد بأنه "بالاطلاع على تصريح الرئيس، نفهم عمليا أن هناك شروطا للترشح وأن هناك من لا يحق له الترشح، ولكن من دون توضيح تلك الشروط".

وأشار أمين عام التيار الديمقراطي إلى أن "المناخ الانتخابي مأزوم في ظل المرسوم 54 والتضييقات على العمل السياسي وتواصل حبس المعارضين، ومنهم منافسون محتملون". حسب توصيفه.

وقال حجي: "لست على يقين من أنه ستكون هناك انتخابات رئاسة في 2024 إلا إذا كان سعيّد متأكدا من الفوز فيها، إما لأن له شعبية أو عبر قانون على المقاس يضمن له ذلك، فلن يتخلى عن كرسي الرئاسة مهما كلفه ذلك" حسب قوله.

من جانبه، اعتبر القيادي في حركة النهضة ورئيس اللجنة الانتخابية في البرلمان السابق بدر الدين عبد الكافي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "في الحياة الديمقراطية العادية، تُعد الانتخابات المسلك الوحيد لتغيير المؤسسات المنتخبة وتعديل السياسات".

واستدرك بالقول: "ولكن اليوم أصبح احترام المواعيد الانتخابية منّة وتفضلا من الماسك بالسلطة عبر انقلاب على شرعية قائمة عبر الانتخابات، فمن المفارقات أن أصبح احترام الموعد حدثا غير عادي، ويأتي هذا الإعلان في سياق اتهام للمعارضين ومنافسين محتملين في الانتخابات".

وشدد عبد الكافي على أنه "لا توجد أي من المعايير التي تستوجب احترامها حتى الآن، بداية بالمناخ العام، والشخصيات العامة التي تمثل طلائع تمثيلية مختلف الأطراف السياسية والمجتمعية غالبيتها تقبع في السجون أو محل تتبع بقضايا سياسية، وفي ظل قضاء يوصف بقضاء التعليمات، خصوصا في القضايا المتعلقة بالصراع السياسي، ويضاف إليها إعلام مدجّن في غالبه، ونشر مناخ الخوف، وبهيئة انتخابية معيّنة لا نضمن أن تعامل الماسك بالسلطة بمثل ما ستعامل به أي منافس آخر إن وجد، وفي ظل قانون انتخابي لم يتضح إلى حد اليوم".

هل الانتخابات الرئاسية التونسية هاجس لقيس سعيّد؟

أما القيادي في حزب ائتلاف الكرامة زياد الهاشمي فقال، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن "الانتخابات الرئاسية أصبحت هاجسا لسعيّد منذ مدة وليس حديثًا، فلقد أعلن يوم 6 إبريل/نيسان 2023 أنه لن يسلم السلطة إلا للصادقين، ومن ثم اتهم المعارضة بأنها تتآمر على تونس، وهنا يقصد ذاته بتونس، يتآمرون بالتحضير للانتخابات.. نعم فهو يعتقد أن التحضير أو التنسيق بين قوى المعارضة للانتخابات هو تآمر عليه".

وتابع الهاشمي بأن "مقاطعة المعارضة والشعب للانتخابات والاستشارات التي كانت عماد برنامجه السياسي جعلته يشعر بالخطر.. فكل الإشارات تقول إنه لن يكون أمام طريق مفتوح لعهدة ثانية كما يتصور، لذا نتبيّن مخاوفه من اكتشاف أن هناك من ينوي الترشح ضده وله فرصة مهما كان اسمه".

وأشار إلى أنه "من الواضح أن قيس سعيّد يذهب إلى انتخابات رئاسية على مضض وبضغط إقليمي ودولي، خصوصا بعد العزلة الاقتصادية والسياسية"، مستدركا: "هذا المناخ المتشنج لا يؤشر على الذهاب إلى انتخابات نزيهة وشفافة، خصوصًا في ظل عدم حياد لجنة الانتخابات التي أصبحت تنسيقية تابعة لنظام 25 يوليو".

بدوره، أفاد نائب رئيس حزب الإنجاز والعمل أحمد النفاتي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأنه "من المفترض أن موعد الانتخابات مثبت من قبل، فهي انتخابات دورية تنتهي بنهاية الخمس سنوات من العهدة الرئاسية، فكل الانتخابات التي جرت سابقا، وحتى زمن الديكتاتورية التي ثار عليها الشعب، لم تتجاوز موعدها".

وتابع: "لا خيار أمام تونس إلا في انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية، لأن المس بهذه الشروط هو مس بشرعية الرئيس القادم مهما كانت صفته وشخصه، وعليه يجب على الجميع توفير كل هذه الشروط، أي أن تتوفر الظروف الملائمة ليعبّر الشعب عن موقفه لأنه عبّر عن مقاطعته كل المحطات الانتخابية السابقة، وإذا وصلنا إلى الرئاسية بنفس نسبة المقاطعة التي تقارب 90% فهذا سيمس بشرعية الرئيس القادم".

وأضاف: "الواجب الوطني يحتم على كل الفاعلين السياسيين، أكانوا في المعارضة أم في الحكم، أن يقوموا بمراجعات حقيقية وأن ينخرطوا في إنجاح هذه المحطة وتوفير كل شروط النجاح من نزاهة وشفافية".

المساهمون