يروي قيادي سابق في إحدى تشكيلات الجيش الحر، ممن انسحبوا من برنامج التدريب، لـ "العربي الجديد"، مراحل البرنامج حتى انسحاب المقاتلين منه، موضحاً أن "برنامج التدريب بدأ في منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي في قاعدتين عسكريتين بالقرب من مدينة كرشهير وسط تركيا، وشمل البرنامج مع انطلاقته نحو 350 عنصراً من فصائل المعارضة السورية معظمهم من ريف حلب".
ويشير القيادي إلى أن العناصر الذين دخلوا التدريب تم اختيارهم بعد رفع أسمائهم إلى وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن طريق ضباط ارتباط أميركيين تواجدوا قبل بدء التدريب جنوب تركيا، بهدف التواصل مع قيادات مجموعات المعارضة الراغبة بالحصول على التدريب، ليقوم البنتاغون بدراسة قوائم الأسماء لمدة تجاوزت الشهر، قبل أن يحوّل القوائم الموافق عليها للحكومة التركية لتوافق عليها، أو تستبعد أسماء لا ترغب بأن تحصل على التدريب على أراضيها.
ولفت القيادي في الجيش الحر، إلى أن "الأسماء التي تم استبعادها كانت في الغالب أسماء مقاتلين في فصائل الجيش الحر ممن لهم أقارب حتى الدرجة الرابعة في صفوف جبهة النصرة أو تنظيم "داعش"، وكان عدد هؤلاء ليس قليلاً"، بحسب القيادي، الذي أشار إلى أنه يُقدّر عددهم بأكثر من مائة وخمسين، فقد كان من المفترض أن تشمل المرحلة الأولى من التدريب في تركيا تدريب 500 مقاتل، قبل أن يقتصر العدد على نحو 350 ومن ثم ينسحب معظم هؤلاء، بعد اشتراطات المدربين الأميركيين على المتدربين محاربة "داعش" فقط دون النظام السوري.
وعن خلفيات اختيار العناصر الذين حصلوا على التدريب، يوضح القيادي أنهم "ينتسبون إلى فصائل المعارضة التي قاتلت داعش سابقاً أو تقاتلها حالياً، كألوية فجر الحرية وكتائب شمس الشمال ولواء أحرار منبج وكتائب المعتصم وكتيبة شهداء جرابلس وغيرها"، موضحاً أن "معظم هؤلاء من مقاتلي المعارضة السورية التابعة للجيش السوري الحر من العرب الذين يشكلون أغلبية مقاتلي المعارضة في ريف حلب".
اقرأ أيضاً: محاولات أميركية لإنقاذ برنامج تدريب المعارضة السورية
وعن سبب اختيار الولايات المتحدة لمقاتلي هذه الفصائل الصغيرة لضمها لبرنامج التدريب، يوضح القيادي أن "الولايات المتحدة كانت منذ البداية ترغب بتأهيل قوة عسكرية محلية لمحاربة تنظيم داعش، بحيث يمكن أن تشكل هذه القوة حليفاً حقيقياً لطيران التحالف الدولي على الأرض، وفعلاً هذا ما حصل، فمعظم العناصر الذين دخلوا التدريب هم من أبناء المناطق التي يحتلها داعش حالياً في ريف حلب الشرقي، وهم ممن قاتل هذا التنظيم العام الماضي قبل أن يُهزموا أمام قواته التي سيطرت على قراهم وبلداتهم، الأمر الذي دفعهم للخروج منها"، مشيراً إلى أنه "أصبح لدى هؤلاء دافع شخصي كبير في قتال داعش وطرده من مناطقهم؛ وهو الأمر الذي أخذه المشرفون على برنامج التدريب الأميركي بعين الاعتبار". ويلفت إلى أن "المشرفين على برنامج التدريب يعرفون تماماً أن عناصر الفصائل التي تحمل فكراً سلفياً جهادياً من قوات المعارضة لن يكونوا صالحين لقتال داعش، بسبب عقيدتهم السلفية الجهادية القريبة من عقيدة مقاتلي هذا التنظيم، والتي تجعلهم يتهربون غالباً من قتال عناصر داعش".
وحول أسباب انسحابه مع معظم المتدربين من برنامج التدريب، أكد القيادي أن "المدرّبين الأميركيين قدموا للمتدربين السوريين في 27 مايو/أيار الماضي، وثيقة ليوقّعوا عليها قبل بدء التدريب على قناصات ومضادات دروع ورشاشات متوسطة وثقيلة متطورة كان من المفترض أن يدرب عليها عناصر المعارضة، قبل أن تُقدّم لهم كميات منها لاستخدامها في سورية، وتضمنت الوثيقة تعهّداً من قبل المتدربين بعدم استخدام هذه الأسلحة ضد قوات النظام السوري، واستخدامها فقط ضد داعش في ريف حلب تحت طائلة المحاسبة، ليرفض معظم المتدربين التوقيع على هذه الوثيقة التي خالفت التعهدات الشفهية المقدّمة للمتدربين قبل بدء التدريب حول تأهيلهم وتسليحهم لمواجهة قوات داعش والنظام السوري معاً".
وأشار القيادي في الجيش الحر إلى أن معظم من انسحبوا من التدريب حملوا السلاح في البداية لقتال قوات النظام وطردها من مناطقهم، وقد نجحوا في ذلك قبل أن يبدأوا قتال "داعش"، وذلك قبل أن تشكّل الولايات المتحدة حلفاً دولياً لمحاربة هذا التنظيم، لافتاً إلى أن هؤلاء ما زالوا يقاتلون "الدولة الإسلامية" داخل سورية، إلى جانب قوات حماية الشعب الكردية في ريف الرقة وريف حلب الشرقي، وعلى جبهات القتال بين داعش وقوات المعارضة السورية في ريف حلب الشمالي. وأكد أنهم حتى الآن لم يتلقوا أي دعم مباشر بالسلاح من الولايات المتحدة، كما أنهم لا ينسقون مع طيران التحالف الدولي الذي يستهدف قوات "داعش" في ريف حلب الشرقي.
اقرأ أيضاً: القَسَم يكشف الفضيحة الأميركية سورياً