وصف تقرير صادر عن الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أن واقعة قتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في مصر عام 2016، تمثل سياسة الأمن المصري التي ينتهجها في انتزاع المعلومات، وذلك على خلفية قرار قاضي التحقيقات الأولية بمحكمة روما الجنائية، بدء إجراءات التحقيق الرسمي في جريمة قتل الأكاديمي الإيطالي جوليو ريحيني.
وجرت جلسة المحكمة الإيطالية عبر جلسة استماع تمهيدية عقدت بناء على الملف الذي وصل إلى المحكمة بتاريخ العشرين من يناير/كانون الثاني الماضي، في ظل غياب المتهمين الخمسة، وهم: اللواء طارق صابر، واللواء حسام حلمي، والعقيد آسر كامل محمد إبراهيم، والرائد شريف مجدي، وعنصر الأمن محمد نجم، بينما عينت المحكمة محامين للدفاع عنهم، بعد اتهامهم بالمشاركة مع آخرين في قتل ريجيني إثر اقتياده قسرا من مترو الأنفاق لقسم الدقي، لينقل لاحقا إلى أمن الدولة بلاظوغلي ويقضي 9 أيام محروما من حريته الشخصية من 25 يناير/كانون الثاني وحتى 2 فبراير/شباط 2016، ويتعرض للتعذيب المتواصل المفضي إلى الموت.
وطبقًا للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، فقد أكدت التحقيقات الأولية وجود تشوه كامل بجثة الأكاديمي الإيطالي، وكسور متفرقة بأنحاء الجسم، شملت: كسر خمس أسنان، وكسرا في عظمة العضد الأيمن، وكسرا في عقلة الإصبع اليمنى الثانية، وكسرا في قاعدة المشط الأيسر الأول، وكسرا بالشظية اليمنى، وانفصالا قسريا لقمة الشظية اليسرى، وكسرا في الكتفين اليمنى واليسرى.
واعتبرت الشبكة أن "تعدد الإصابات والكسور في الجسم يشير بوضوح إلى تعدد وسائل التعذيب المستخدمة أثناء التحقيق مع ريجيني، وطول فترة التعذيب التي امتدت لتسعة أيام متواصلة في مقر الأمن الوطني بلاظوغلي، بعد اعتقاله واقتياده إلى قسم الدقي يوم 25 يناير/كانون الثاني وحتى اكتشاف جثمانه يوم 2 فبراير/شباط 2016، وهو ما أدى إلى تشويه جثمانه وتنوع الإصابات التي لحقت به".
الشبكة: تعدد الإصابات والكسور في الجسم يشير بوضوح إلى تعدد وسائل التعذيب المستخدمة أثناء التحقيق مع ريجيني
بينما الرواية المصرية أشارت إلى أن ما تعرض له ريجيني من تعذيب وأفضى للوفاة كان بتصرف فردي من أحد رجال الأمن المارقين، في ظل محاولات مستميتة من السلطات المصرية لإخفاء تورط عناصر الأمن في الجريمة، وهو ما أكد شكوك الجانب الإيطالي، الذي توصل إلى لائحة الاتهام الحالية رغم محاولة الجانب المصري طمس الأدلة وإخفاء المعلومات.
واعتبر التقرير الحقوقي أن "ما حدث مع ريجيني لم يكن وليد الصدفة؛ فهو يمثل سياسة الأمن المصري التي ينتهجها في انتزاع المعلومات، ويتعرض آلاف المواطنين للتنكيل المستمر بسببها، والفارق الوحيد هذه المرة أن تلك الإجراءات جرت مع إيطالي الجنسية، لتعبر والدته عن ذلك بقولها "قتلوه كما لو كان مصريا".
وأضاف التقرير الحقوقي، أنه "إذا كان ريجيني محظوظا بجنسيته الإيطالية التي فتحت ملف التحقيق في جريمة قتله؛ فهناك آلاف المصريين مثل ريجيني جرى إخفاؤهم قسريا وتصفيتهم في جنح الليل دون أن يسأل عنهم أحد".
كان الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، قد قتل عقب اختفائه قسريا منذ 25 يناير/كانون الثاني 2016، وعلى جسده آثار تعذيب تشير لتورط أجهزة اﻷمن المصرية في اختطافه وتعذيبه وقتله.
وشهدت واقعة وفاة رجيني حالة من اللبس حول أسباب الوفاة، إلا أن المؤكد فيها هو وجود آثار التعذيب على جسده.
التقرير الأوّلي الذي أعدته السلطات الإيطالية عن ملابسات الجريمة، أكد أن أسلوب التعذيب الذي تعرض له ريجيني هو أسلوب لا تقوم به سوى أجهزة أمنية لانتزاع اعترافات من متهمين، نافية وقتها صحة ما أثارته وسائل إعلام مصرية حينها، نقلاً عن وزارة الداخلية، أن استهداف ما يسمى بـ"تنظيم سرقة الأجانب في مصر بالإكراه" وراء القتل.
وبعد مقتله، كان لوالدته جملة شهيرة معبرة عما آل إليه وضع حقوق الإنسان في مصر: "عذبوه وقتلوه كما لو كان مصريًا".
وبعد حوالي شهرين من مقتل ريجيني، وتحديدًا في مارس/آذار عام 2016، تحققت مقولة والدة ريجيني حرفيًا لا مجازيًا، حيث أعلنت سلطات الأمن المصرية عن تصفية خمسة أشخاص اتهمتهم باختطاف ريجيني وقتله، كما ادعت العثور على جواز سفره ووثائق تخصه في منزل أحدهم.
كانت السلطات المصرية قد أعلنت في مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول 2020 أنها سوف "تغلق مؤقتا" ملف التحقيق في القضية في ظل بقاء مرتكب واقعة القتل "مجهولا"، بأن أعلنت النيابة العامة المصرية أنه لا وجود وجه لإقامة دعوى جنائية في مقتل وتعذيب الباحث الإيطالي جوليو ريجيني لعدم معرفة الفاعل.