منظمات تطالب القضاء المصري بالتوقف عن تدوير المعارضين في قضايا جديدة

منظمات تطالب القضاء المصري بالتوقف عن تدوير المعارضين في قضايا جديدة

06 فبراير 2024
جددت المنظمات استنكارها ورفضها لما وصفته بـ"السياسة الانتقامية الممنهجة" (فرانس برس)
+ الخط -

أعلنت خمس منظمات حقوقية مصرية استنكارها لاستمرار اتباع القضاء المصري سياسة عدم الإفراج عن المعتقلين السياسيين بعد انتهاء فترة حبسهم أو بعد إسقاط التهم عنهم، ومواصلة احتجازهم على ذمة قضايا جديدة في ما عرف بسياسة "التدوير".

وقالت المنظمات في بيان مشترك لها، اليوم الثلاثاء، إنه بين ديسمبر/ كانون الأول 2023 ويناير/ كانون الثاني 2024 تم تدوير حالتين جديدتين لمعتقلين تم التحقيق معهما على خلفية اتهامات مزيفة بعد انتهاء فترة حبسهما وانقضاء العقوبات المقررة بحقهما سابقًا من جانب محاكم الجنايات. هذا بالإضافة إلى 251 متهماً على الأقل تم تدويرهم في قضايا جديدة خلال عام 2023، و620 متهماً آخرين في 2022 حسبما رصدت منظمات حقوقية.

وطالبت المنظمات الموقعة على البيان المشترك القضاء المصري بوقف استخدام هذا النمط التعسفي الانتقامي بحق المحتجزين وخاصة السياسيين والمعارضين والنشطاء، مؤكدة أن استمرار تورط القضاء المصري في اختلاق قضايا جديدة بحقهم وتمديد حبسهم، يبرهن على انعدام استقلال هذه المؤسسات، ومشاركتها في التنكيل بالمعارضين والانتهاكات الجسيمة بحقهم على نحو يخل بضمانات المحاكمة العادلة، ويطعن في شرعية أحكامها الجائرة، ويعصف بمبدأ سيادة القانون.

وسبق وحذرت المنظمات الحقوقية من سياسة التدوير (الاعتقال التعسفي المتجدد) المتبعة منذ أكثر من 3 سنوات، وما يترتب عليها من تمديد احتجاز المتهمين لفترات إضافية باتهامات مزعومة ومكررة، لا تختلف عن الاتهامات التي سبق وتم احتجازهم على ذمتها وأقرت المحاكم والنيابات براءتهم منها أو أخلت سبيلهم، أو انقضت فترة عقوبتهم عنها.

وقالت إن ذلك "يدحض ادعاءات الحكومة المصرية بشأن الحوار الوطني الذي انطلق في منتصف العام الماضي، وتضمنت أجندته مقترحات بتعديلات تشريعية بشأن فترات الحبس الاحتياطي المطول وتجاوز المدد القانونية للحبس الاحتياطي وسياسات إعادة التدوير، ويؤكد غياب الإرادة السياسية لتعديل هذا النهج، واستمرار العصف والتجاهل لكافة مطالب المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية في هذا الصدد. فضلاً عن أن إعادة توظيف الاتهامات نفسها للزج بأفراد مرة أخرى في السجون، بعد انقضاء مدد عقوباتهم القانونية عن هذه الاتهامات، يشكل انتهاكًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والذي يحظر محاكمة الأشخاص على الجريمة ذاتها أكثر من مرة".

ودللت المنظمات في بيانها: بأنه في ديسمبر/ كانون الأول 2023، قررت نيابة أمن الدولة العليا استمرار احتجاز عصام أحمد محمود الحداد (70 عامًا)، مساعد رئيس الجمهورية السابق لشؤون العلاقات الخارجية والتعاون الدولي، بعد انقضاء فترة عقوبته بالسجن 10 سنوات، وأمرت بالتحقيق معه على ذمة قضية جديدة (رقم 2215 لسنة 2021). وكان عصام الحداد قد تم إلقاء القبض عليه في 3 يوليو/ تموز 2013، وتعرض للإخفاء القسري بمقر الحرس الجمهوري بالقاهرة، ثم تم نقله لاحقًا لسجن طرة شديد الحراسة في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2013، حيث ظل قيد الحبس الانفرادي.

وأضافت "في محاكمة تفتقر للحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة بدأت أولى جلسات محاكمته في 16 فبراير/ شباط 2014، أمام محكمة الجنايات والتي قررت معاقبته بالسجن المؤبد في يوليو/ تموز 2015. وتمت إعادة محاكمته بناء على الطعن المقدم من محاميه، وقررت المحكمة في سبتمبر/ أيلول 2019 حبسه 10 سنوات بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية. وهو الحكم الذي أيدته محكمة النقض في يوليو 2021. وفي القضية الجديدة، اتهمت السلطات الحداد بالاتهامات نفسها التي عوقب بها في القضية الأولى، وهي الانضمام لجماعة إرهابية".

وبالمثل دللت المنظمات أنه: في 2 يناير/ كانون الثاني 2024، مثل سيد علي فهيم الشهير بـ(سيد مشاغب)، رئيس رابطة مشجعي نادي الزمالك، للتحقيق على ذمة قضية جديدة رقم 910 لسنة 2021 أمن دولة عليا. إذ وجهت له النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة غير قانونية ونشر أخبار كاذبة، وقررت حبسه على ذمة القضية، وعلقت "وفي انتهاك واضح لضمانات المحاكمة العادلة، عجز محاموه عن معرفة طبيعة القضية الجديدة أو الاطلاع على ملفها".

جددت المنظمات استنكارها ورفضها لما وصفته بـ"السياسة الانتقامية الممنهجة"

وكان مشاغب، المحتجز منذ مارس/ آذار 2015، قد أنهى لتوه فترة عقوبته المقررة بـ7 سنوات في القضية رقم 1107 لسنة 2015، والمعروفة إعلاميًا بقضية أحداث الدفاع الجوي، وهي واقعة تعود أحداثها لـ9 فبراير/ شباط 2015، حين سقط 20 قتيلًا من مشجعي نادي الزمالك في استاد الدفاع الجوي أثناء محاولتهم حضور مباراة.

كما تعرضت الحقوقية هدى عبد المنعم في أكتوبر/ تشرين الأول 2023 للتدوير وتوجيه اتهامات كيدية لها، بعدما تم التحقيق معها على ذمة قضية جديدة فور إنهائها فترة العقوبة بالسجن 5 سنوات في القضية رقم 1552 لسنة 2018 حصر أمن الدولة العليا طوارئ، والمعروفة إعلاميًا بقضية التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، ووُجهت إليها الاتهامات نفسها بالانضمام لجماعة إرهابية.

وبالمثل تعرض الناشط السياسي محمد عادل للتنكيل والتدوير على ذمة 3 قضايا حملت الاتهامات ذاتها، كان آخرها القضية رقم 2981 لسنة 2023 جنح أجا، والتي أصدرت فيها المحكمة حكمًا بسجنه 4 أعوام بتهمة نشر أخبار كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي.

وفي حالة مماثلة، يتواصل احتجاز محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، منذ فبراير/ شباط 2018، بعدما تعرض للتدوير على ذمة 3 قضايا استنادًا لتحريات أمنية سرية دون أدلة حقيقية، كان آخرها القضية رقم 1059 لسنة 2021 جنايات أمن دولة طوارئ، والتي أصدرت فيها المحكمة حكمًا بسجنه 10 أعوام في مايو/ أيار 2022، في محاكمة لم تراع الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة.

وفي 2020، تم اتباع السياسة نفسها مع الحقوقي إبراهيم متولي، المحتجز منذ سبتمبر/ أيلول 2017؛ إذ حصل على إخلاء سبيل في قضيتين بالاتهامات نفسها، بينما هو الآن محتجز رهن التحقيق على ذمة قضية ثالثة رقم 786 لسنة 2020 بتهمة قيادة جماعة أسست على خلاف القانون، ونشر أخبار وبيانات كاذبة.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، تعرض جهاد الحداد (42 عامًا)، وهو نجل عصام الحداد، المحتجز منذ سبتمبر/ أيلول 2013، للتدوير مرة أخرى، بعد براءته من قضيتين، تتعلق الأولى بالتخابر مع قطر، والثانية المعروفة بقضية غرفة عمليات رابعة. وبدلًا من الإفراج عنه تم تدويره على ذمة القضية رقم 1400 لسنة 2019 أمن دولة عليا واتهامه بقيادة جماعة ومدّها بمعلومات وتعليمات خلال سجنه، ولا يزال رهن الحبس الاحتياطي حتى اللحظة الراهنة، دون أن يتمكن فريق الدفاع من الاطلاع على ملف القضية.

وعلى مدار فترات احتجاز عصام الحداد ونجله، تم حرمانهما من الزيارة وحبسهما انفراديًا في عدة سجون أبرزها سجن طرة شديد الحراسة وسجن بدر، فضلاً عن تعرضهم لسوء المعاملة، وتجريدهم من متعلقاتهم الشخصية والأدوية. وبحسب محاميهم، تم إرسال عدة شكاوى للنائب العام، إلا أنه لم يتم التحقيق في أي منها، حسب ما وثقته منظمات.

وجددت المنظمات استنكارها ورفضها لما وصفته بـ"السياسة الانتقامية الممنهجة، والتي تؤكد بشكل واضح على غياب أي إرادة سياسية للإصلاح أو التغيير في ملف حقوق الإنسان، واحترام حرية الرأي والتعبير، والانتقام المتعمد من المعارضين السياسيين والحقوقيين أو أي أصوات ناقدة للسياسات الجارية".

يشار إلى أن المنظمات الموقعة على البيان هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز النديم، ومؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، ولجنة العدالة.

المساهمون