منصب محافظ ديالى رهن خلافات "الإطار التنسيقي"

28 ابريل 2024
خلال فرز نتائج الانتخابات المحلية، بغداد، ديسمبر الماضي (أحمد جليل/Epa)
+ الخط -
اظهر الملخص
- محافظة ديالى العراقية تواجه تحديات في اختيار محافظ جديد بعد الانتخابات المحلية، مع تنافس بين القوى الشيعية والسنية وتأثير الفصائل المسلحة، مما يهدد بتداعيات أمنية.
- الخلافات السياسية بعد الانتخابات أدت إلى تعطيل الملفات الخدمية والإدارية، مع إعادة المحافظ المنتهية ولايته مؤقتاً وتقديم القوى العربية السنية مرشحاً جديداً، مما ينذر بتصاعد التوترات.
- الأزمة تتطلب تنازلات من جميع الأطراف واستمرار الحوار لتجنب تداعيات خطيرة، مع الحاجة إلى حل سريع لضمان استقرار ديالى وتجنب انتقال الخلافات إلى الشارع.

تتعثر، منذ ما يزيد على خمسة أشهر، محاولات اختيار محافظ ديالى الجديد، عقب الانتخابات المحلية التي جرت نهاية العام الماضي، مهددة بانعكاسات أمنية على المحافظة المختلطة دينياً وقومياً. وبينما أفرزت الانتخابات فوز عدة قوائم انتخابية بفارق بسيط بينها، وسط بروز معادلة السلاح، إلى جانب بعض القوى السياسية، على رأسها جماعة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي، ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري، يتنافس قطبا قوى الإطار التنسيقي الحاكم، وهما نوري المالكي وهادي العامري، على منصب محافظ ديالى، من خلال تقديم كل منهما مرشّحا عنه.

وشهد العراق في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، أول انتخابات لمجالس المحافظات منذ 2013، في 15 محافظة، بنسبة مشاركة تجاوزت 41 بالمائة (6 ملايين عراقي من أصل 26 مليون شخص يحق لهم التصويت). ولم تُحسم حتى الآن حكومتا ديالى وكركوك، بسبب الخلافات. لكن يظهر في مشهد الأزمة بمحافظة كركوك أن الأخيرة ذات بُعد قومي (عربي كردي تركماني) على عكس ما يحدث في ديالى، والتي تم التوافق فيها بين القوى السنية والشيعية على أن يكون المحافظ من القوى الشيعية، إذ يتركز الصراع بين هذه القوى. وديالى المرتبطة حدودياً مع إيران من جهة الشرق وبغداد من جانبها الغربي، محط تنافس بين الفصائل المسلحة التي تجمعها مظلة "الحشد الشعبي"، والتي تتمتع بنفوذ سياسي وميداني كبير فيها. وقد سجلت السنوات الماضية صدامات عديدة بين تلك الجماعات بسبب صراعها على المناصب والنفوذ.

أزمة منصب محافظ ديالى 

وكان تحالفا "ديالتنا" و"استحقاق ديالى"، الممثلان عن القوى الشيعية قد حصلا على ستة مقاعد (أربعة لديالتنا ومقعدين لاستحقاق ديالى)، بينما حصلت القوى السنية على تسعة مقاعد، ثلاثة منها لحزب تقدم، ومثلها لتحالف السيادة، ومقعد لكل من تحالف عزم، وتحالف عزم العراق، و"الاتحاد الكردستاني". ولم يكن من الممكن، طوال الأشهر الماضية، ملء الشغور في منصب محافظ ديالى، بعد ترديد المحافظ المنتهية ولايته مثنى التميمي، المنتمي إلى "بدر"، اليمين عضواً لمجلس المحافظة، ما أدى إلى خلل كبير وإرباك في المشهد، بسبب تعطل كثير من الملفات الخدمية والإدارية. مع العلم أن بغداد أعادت، الأربعاء الماضي، التميمي إلى منصب المحافظ مؤقتاً لتمرير المهام والأعمال اليومية، وفقاً لوثيقة كشفت عنها وسائل إعلام عراقية، صادرة عن "مجلس إدارة الدولة"، الذي يرأسه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وتنذر هذه الخطوة بتوجيه الأزمة إلى منحى آخر، بعد قرار القوى العربية السنية في المحافظة (تقدم، العزم، السيادة) تقديم مرشح عنها لمنصب محافظ ديالى على خلاف الاتفاق السابق، والذي أعقب الانتخابات. وقالت في بيان مشترك، الأسبوع الماضي، إن النائب في البرلمان، رعد الدهلكي، هو مرشحها للمنصب. وبالتزامن، قدّم ائتلاف دولة القانون، بزعامة المالكي، مرشحا جديدا لمنصب محافظ ديالى، هو عبد الرسول جدعان العتبي، فيما لا تزال "بدر" متمسكة بمرشحها التميمي.

خلاف قد ينتقل إلى الشارع

ويقول مصدر من داخل مجلس محافظة ديالى، من مدينة بعقوبة مركز المحافظة، إن "الخلاف على منصب محافظ ديالى في حال استمراره قد ينتقل إلى الشارع"، مبيناً في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة في ديالى بين قوى شيعية في بغداد، وهي "دولة القانون"، و"بدر". ومن وجهة نظره، فإنّ الأخطر "أنّ كل طرف صار يستقوي بالفصائل والعشائر المسلحة". ويعتبر أن الأحزاب السنية "قدمت مرشحاً عنها، ضمن تخطيط مسبق لطرح محافظ توافقي، وتجنب الاصطفاف مع أي طرف شيعي ضد آخر".

أوس إبراهيم: حل الأزمة السياسية في ديالى يتطلب تقديم تنازلات

من جانبه، يعتبر عضو مجلس ديالى، أوس إبراهيم، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأزمة في ديالى "دخلت في منعطف خطير، ولا بوادر لأي حلول رغم كل الاجتماعات التي أجريت بين الأطراف السياسية". ويضيف أن "الوضع وصل إلى مرحلة خطيرة، وربما يكون له تداعيات على الملف الأمني، وكذلك الاستقرار المجتمعي والأهلي، وجر الشارع لهذا الصراع السياسي". ويكشف إبراهيم أن التميمي "رفض العودة للمنصب على إثر قرار من مجلس الدولة، حتى لا تتعمق الأزمة بشكل أكبر وأخطر وتكون هناك تظاهرات وربما اعتصامات شعبية". ويوضح أن التميمي منح لنفسه "إجازة لمدة 15 يوماً، على أمل أن تجد القوى السياسية حلاً للأزمة خلال هذه المدة، وبعكس ذلك ربما سيعود لإدارة أمور المحافظة". ويضيف أن "حل الأزمة السياسية في ديالى يتطلب تقديم تنازلات من كل الأطراف السياسية والنظر إلى مصلحة ديالى واستقرارها، خصوصاً أن تأخير تشكيل الحكومة المحلية أثر بشكل كبير على المستوى الخدمي، وربما يكون له تداعيات على المستوى الأمني، لهذا هناك خشية من استمرار الأزمة لفترة أطول".

بدوره، يوضح النائب في البرلمان العراقي ببغداد، أحمد الموسوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "منصب محافظ ديالى من استحقاق الإطار التنسيقي والاختلاف ما بين أطراف التحالف بهذا الملف لا يعني أننا سنقبل ذهاب المنصب لغير قوى الإطار". ويضيف أن "الإطار التنسيقي" اتفق على أن يكون المنصب "من حصة ائتلاف دولة القانون، وعلى الجميع الالتزام بما اتفق عليه قادة الإطار". ويشير الموسوي إلى أن "الحوارات بشأن حل الخلافات في ديالى مستمرة من دون توقف، والاجتماعات تعقد على مستوى قوى ديالى وكذلك القيادات في بغداد"، متوقعاً أن الأزمة ستُحل "خلال الأسبوعين المقبلين". ويعتبر أن استمرار الأزمة بشكل أكبر "يهدد شرعية مجلس ديالى، كونه أخفق في حسم تشكيل الحكومة المحلية وانتخاب رئيس له طيلة الأشهر الماضية".

أحمد الشريفي: أزمة منصب محافظ ديالى تهدّد بتشظي الإطار التنسيقي الحاكم

في المقابل، يقول المحلل السياسي أحمد الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة السياسية في ديالى وصلت إلى مرحلة كسر العظم ما بين كل القوى السياسية"، مضيفاً أن "كل الأحزاب لا تريد التنازل خشية فقدان نفوذها وسيطرتها على المحافظة، لما لها من أهمية اقتصادية وكذلك سياسية لموقعها المهم". ويبيّن الشريفي أن "صراع ديالى ستكون له تداعيات على وحدة القرار داخل الإطار التنسيقي بباقي الملفات السياسية خلال المرحلة المقبلة، فهذه الأزمة تهدد بتشظي الإطار، خصوصاً أن بعض اجتماعاته قاطعها هادي العامري، والذي يمثل ثقلاً سياسياً داخله". وبرأي الشريفي، فإن "إعادة التميمي لمنصب المحافظ بقرار من مجلس الدولة يحمل أجندة سياسية"، معتبراً أن "القرار جاء لإرضاء العامري، الذي زعل كثيراً لخسارته المنصب، خصوصاً لما تمثله ديالى من ثقل لمنظمة بدر". ويوضح أن "هناك خشية سياسية من انسحاب العامري من الإطار التنسيقي إذا ما خسر المنصب بشكل رسمي".

المساهمون