مليشيات مسلحة تهدد باستهداف المصالح الأميركية في العراق مجدداً

25 يونيو 2023
توجد القوات الأميركية في ثلاثة مواقع رئيسية في العراق (Getty)
+ الخط -

منحت جماعة عراقية مسلحة تطلق على نفسها اسم "تنسيقية المقاومة العراقية"، وتتألف من عدة فصائل مسلحة حليفة لطهران، حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني "فرصة أخيرة"، لإخراج القوات الأميركية من العراق، مهددة بإعادة العمليات العسكرية ضد الوجود الأميركي.

وتشهد الساحة العراقية حالة من الهدوء الأمني غير المسبوق بين الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، والقوات الأميركية في العراق، بعد توقّف عمليات القصف واستهداف المصالح الأميركية منذ ما يزيد على 8 أشهر، وتُعَدّ فترة التهدئة هذه الأطول منذ مقتل قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس "هيئة الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع يناير/ كانون الثاني 2020.

وتوجد القوات الأميركية في ثلاثة مواقع رئيسية في العراق، هي قاعدة "عين الأسد" الواقعة على بعد 130 كيلومتراً من مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار غربي البلاد، وقاعدة "حرير" شمال أربيل، ضمن إقليم كردستان العراق، إلى جانب معسكر "فيكتوريا" الملاصق لمطار بغداد، الذي توجد فيه وحدة مهام وتحليل معلومات استخبارية. وتحوي السفارة الأميركية وسط بغداد قوة صغيرة خاصة مكلفة حماية السفارة والبعثة الموجودة فيها.

وذكر بيان لـ"تنسيقية المقاومة العراقية"، وهو ائتلاف من عدة فصائل مسلحة، تشكل في يناير/ كانون الثاني 2020 عقب اغتيال الولايات المتحدة قائد فيلق القدس قاسم سليماني في بغداد، مساء أمس السبت، أنه "في ظل التطورات السياسية والأمنية والاقتصادية الأخيرة التي عصفت بالبلاد، تؤكد الهيئة التنسيقية أن دورها كان وما زال ينصبّ في تغليب مصالح شعبنا الحبيب والتمكين من خدمته، وإدراكاً منها لخطورة تلك المرحلة وضرورة تجاوزها، كان من ضمن إجراءاتها (إيقاف العمليات العسكرية ضد الوجود العسكري الأميركي) داخل العراق".

وبيّنت أنّ "ذلك يجب ألا يفهم منه أنه القبول باستمرار هذا الوجود غير الشرعي وغير القانوني والمنتهك للدستور العراقي، وأننا لسنا غافلين عن تعنت الأميركان بطغيانهم والتدخل السافر في شؤون البلد وهتك سيادته، كما أن استمرار وجود القواعد العسكرية والقوات القتالية والطيران العسكري بما فيه المسير التجسسي، يحتم علينا القيام بواجبنا الشرعي والوطني بالرد المناسب، إذا ما استمرت هذه الانتهاكات".

وأضاف: "الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية وبناءً على الجهود التي تروم الحكومة العراقية القيام بها، فإنها تمنح فرصة أخيرة للحد من هذه الانتهاكات، وليعلم الجميع أن لصبرنا حدوداً، ولكل فعل رد فعل، وقد أعذر من أنذر". 

ولم تعلّق الحكومة العراقية على بيان تلك الفصائل، لكن مسؤولاً في بغداد قال لـ"العربي الجديد" إنه "جزء من سلسلة ضغوط على السوداني"، في إشارة إلى رئيس الحكومة محمد شيّاع السوداني. وأضاف: "الخلافات ليست جديدة، داخل هيئة الحشد الشعبي وداخل الإطار التنسيقي. يمكن اعتبار هذا البيان انعكاساً له"، مقللاً من شأن تلك التهديدات بأنها "تويترية"، يعني أنها لا تتعدى نطاق موقع تويتر الذي نشرت تلك الفصائل البيان عليه. 

من جهته، قال المحلل السياسي والأمني ماهر جودة، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "إعادة تهديد الفصائل المسلحة باستهداف الأميركان بعد هدنة طويلة، يؤكد أن هناك خلافات ما بين تلك الفصائل وبعض الأطراف في الإطار التنسيقي مع رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، وهذا التهديد يأتي بعد زيارة قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني لبغداد خلال الأيام الماضية".

وبيّن جودة أن "تهديد الفصائل المسلحة باستهداف الأميركان، ربما تأتي ضمن محاولات الضغط الإيراني على الولايات المتحدة الأميركية، بشأن مفاوضات الملف النووي وغيرها من الملفات، وربما تكون التهديد من قبل أطراف سياسية مسلحة للسوداني وحكومته من أجل فرض بعض القضايا ذات البعد السياسي أو الأمني".

وأضاف المحلل السياسي والأمني أننا "نعتقد أن تلك التهديدات، سوف تبقى تهديدات إعلامية، تهدف للضغط على واشنطن من قبل طهران ومن أطراف داخلية على السوداني وحكومته، فالكل يدرك أن عودة التصعيد الأمني ما بين الفصائل والأميركان، لن يخدم السوداني وحكومته، وربما يدفع واشنطن إلى اتخاذ ردود أفعال لها نتائج سلبية على الوضع العراقي، ولهذا الكل يريد التهدئة في الوقت الحاضر، لكن التهديدات أمر طبيعي".

بيانات التهديد بدلاً من الصواريخ

من جهته، عدّ الباحث في الشأن الأمني العراقي، عصام الجنابي، وهو ضابط برتبة مقدم في الجيش العراقي السابق، بيان الفصائل، مجرد محاولة "إثبات وجود"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "ما تُسمى تنسيقية المقاومة لا تريد أن تغيب عن الساحة السياسية، لذا عمدت إلى إصدار بيانات بين فترة وأخرى، واليوم لا سلاح لها ضد الأميركان عدا التهديد"، مؤكداً أن "الفصائل دخلت مرحلة التهديد بدلاً من مرحلة الصواريخ".

وأضاف أن "تلك الفصائل لن تحرك ساكناً ضد الأميركان، فهي في هدنة وقد انضمت إلى حكومة السوداني، وأن المكاسب التي تريد تحقيقها من خلال وجودها في الحكومة هي أكبر مما تحققه من استهداف مصالح الأميركان وقواعدهم"، مشدداً على أن "تلك الفصائل تعتاش على الابتزاز السياسي وتحاول أحياناً من خلال تلك البيانات إحراج رئيس الحكومة، للحصول على مكاسب معينة". 

وتابع: "بكل الأحوال، فإن تلك التهديدات غير قابلة للتنفيذ في المرحلة الحالية، إلا إن اختلفت مصالح تلك الفصائل مع الحكومة، وهذا أمر غير متوقع على الأقل في الفترة القليلة المقبلة". 

وقبل تشكيل حكومة السوداني في 27 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كانت القواعد والمعسكرات التي تضم القوات الأميركية في العراق، تتعرض دائماً لعمليات قصف من قبل فصائل مسلحة تُعرّف عن نفسها بمصطلح "فصائل المقاومة الإسلامية"، بواسطة طائرات مسيّرة أو صواريخ كاتيوشا، إضافة إلى استهداف أرتال الدعم اللوجستي التابعة لقوات التحالف الدولي.

ووقع آخر هجوم صاروخي شهدته المنطقة الخضراء في 29 سبتمبر/ أيلول الماضي، بصواريخ سقط عدد منها في محيط السفارة الأميركية، أعقبته هجمات بعبوات ناسفة استهدفت ما تعرف بأرتال الدعم اللوجيستي التي تحمل معدات غير عسكرية لقوات التحالف في العراق، آخرها في 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2022.

المساهمون