ملك المغرب يدعو رئيس الحكومة الإسبانية لزيارة رسمية: فرصة لتعزيز العلاقات بعد أزمة غير مسبوقة
وجه العاهل المغربي الملك محمد السادس، اليوم الأربعاء، دعوة رسمية لرئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، لزيارة بلاده "في القريب العاجل"، وذلك قبل ساعات من انطلاق القمة المغربية الإسبانية بين رئيسي حكومة البلدين، والتي تنعقد بعد أقل من عام من تمكن البلدين من تجاوز أزمة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، جراء استقبال مدريد زعيم جبهة "البوليساريو" الانفصالية، إبراهيم غالي.
وأفاد بيان للديوان الملكي، مساء الأربعاء، بأن العاهل المغربي دعا رئيس الحكومة الإسبانية للقيام بزيارة رسمية إلى المغرب "في القريب العاجل، لتعزيز الديناميكية الإيجابية في الشراكة الاستراتيجية الثنائية الممتازة"، لافتا إلى أن الزيارة "ستكون فرصة لمزيد من تعزيز العلاقات الثنائية من خلال إجراءات ملموسة في المجالات الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك".
وقال الديوان الملكي إن الملك محمد السادس رحب خلال الاتصال الهاتفي، "بجو الثقة والتشاور والاحترام المتبادل، الذي يطبع المرحلة الجديدة من الشراكة الثنائية، منذ اجتماع 7 إبريل/ نيسان الماضي، حيث تم إلى حد كبير تنفيذ الالتزامات الواردة في الإعلان المشترك المعتمدة بهذه المناسبة".
من جهته، أعلن سانشيز، على صفحته الرسمية في "تويتر"، أنه أجرى محادثة مع العاهل المغربي قبل الاجتماع رفيع المستوى و"اتفقنا على أن هذا الاجتماع سيكون ناجحا لبلدينا"، مضيفا: "تدعم إسبانيا والمغرب المرحلة الجديدة من علاقاتهما الثنائية".
وفي السياق، أفاد بيان صادر عن "قصر المونكلوا" أن سانشيز قبل دعوة رسمية من الملك محمد السادس للقيام بزيارة رسمية جديدة إلى الرباط في القريب العاجل.
ويأتي ذلك، في وقت ينتظر أن يصل فيه رئيس الحكومة الإسبانية إلى العاصمة المغربية الرباط، مساء الأربعاء، لترؤس القمة المغربية-الإسبانية إلى جانب نظيره المغربي عزيز أخنوش، وهي القمة التي تحظى بأهمية استراتيجية كبرى لمستقبل العلاقات بين المملكتين الجارتين.
يرتقب أن يجري سانشيز مباحثات أولية مع أخنوش مباشرة بعد وصوله إلى مطار الرباط سلا، وأن يترأس بعد ذلك اختتام منتدى الأعمال
إلى ذلك، يرتقب أن يجري سانشيز مباحثات أولية مع أخنوش مباشرة بعد وصوله إلى مطار الرباط سلا، وأن يترأس بعد ذلك اختتام منتدى الأعمال، لتعزيز الاستثمارات والتجارة بين البلدين، بإشراف من الاتحاد العام لمقاولات المغرب (نقابة رجال الأعمال في المغرب) والاتحاد الإسباني لمنظمات رجال الأعمال، على أن يتم افتتاح اجتماع اللجنة المشتركة رفيعة المستوى بين البلدين صباح الخميس بمقر الخارجية المغربية.
ويرافق سانشيز، في زيارته، وفد رفيع المستوى يتكوّن من 12 وزيرا، من أبرزهم وزير الخارجية خوسيه ألباريس، ووزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا، ووزيرة العدل بيلار لوب. في حين ينتظر أن يتم توقيع 20 اتفاقية ثنائية في مختلف المجالات الحيوية المعنية بالتعاون بين الشركات المغربية والإسبانية والطاقة والأمن والهجرة.
ويأتي انعقاد الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا في الأول والثاني من فبراير/ شباط الحالي، بعدما أرجئ مرتين عامي 2020 و2021، بسبب الموقف الإسباني السابق من قضية الصحراء بعد الاعتراف الأميركي بسيادة الرباط عليها، وأيضا بسبب أزمة استقبال مدريد زعيم "البوليساريو" بهوية جزائرية مزيفة للعلاج بعد إصابته بفيروس كورونا، قبل أن يتم الاتفاق على عقد هذا الاجتماع في نهاية السنة الماضية، بعد إعلان إسبانيا دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب لحل قضية الصحراء، في تحول لافت في موقف المستعمر السابق للمنطقة.
كما تأتي القمة في وقت تبدي فيه الرباط رضاها عن سير النقاش بين الجارين لتفعيل "خريطة الطريق" التي فتحت، في إبريل/ نيسان الماضي، صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.
ورغم الأزمات المتتالية التي مرت بها تلك العلاقات خلال السنوات الماضية في سياق ما يسمى بـ"الجوار الصعب"، إلا أنها تتميز بالتطور على أكثر من صعيد، حيث تعتبر إسبانيا الشريك التجاري الأول للمملكة منذ 2012، كما استطاع البلدان على الصعيد الأمني بناء جسور الثقة لمواجهة الإرهاب العابر للحدود والذي جعل "أمن مدريد يمر عبر الرباط".
وينتظر أن يتناول الاجتماع رفيع المستوى بين الرباط ومدريد بدرجة أولى قضايا الهجرة والدفاع والأمن وإعادة افتتاح دائرة جمارك مليلية المغربية المحتلة، بالإضافة إلى افتتاح مكتب جديد في سبتة المحتلة. كما يتوقع أن يكون ترسيم الحدود البحرية للواجهة الأطلسية بين المغرب وجزر الكناري التابعة للحكم الإسباني من بين أهم الملفات المطروحة على الاجتماع.
معالجة القضايا التقليدية
وبحسب الباحث في العلاقات المغربية الإسبانية، إدريس الكنبوري، فإن القمة ستعالج القضايا التقليدية المعتادة بين البلدين لتحيين وجهات النظر بين البلدين بعد قطيعة استمرت نحو عام؛ وهي التعاون الأمني والهجرة السرية والوضع في سبتة ومليلية المحتلتين؛ وكذلك ترسيم الحدود البحرية بعد قرار مدريد التنقيب عن النفط في المياه المتاخمة للمغرب؛ وهو موضوع ظل معلقا لفترة طويلة.
وأوضح الكنبوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن التعاون الاقتصادي والتجاري سيكون مطروحا بعد تراجع المبادلات بين الجزائر وإسبانيا بسبب موقف الأخيرة من قضية الصحراء والاعتراف بمغربيتها؛ مما أثر على علاقاتها مع الجزائر وجعل المغرب الشريك الأبرز لمدريد.
كما ينتظر أن تطرح إسبانيا إمكانية طرد بعض المتهمين بالإرهاب إلى المغرب؛ وهو ما تطرحه اليوم في قضية المغربي المعتقل في الخزيرات الأسبوع الماضي.