استبعدت مصادر في "لجنة العفو الرئاسي" في مصر، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تشمل قوائم العفو المتوقع صدورها في يناير/ كانون الثاني المقبل لمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة، وثورة 25 يناير، أيّاً من أسماء المعارضين البارزين، ولا سيما من ذوي التوجهات الإسلامية.
حراك أوروبي لتحريك ملف المعتقلين
وقالت المصادر إنّ "من المتوقع أن تقتصر القوائم على المحكوم عليهم بأحكام جنائية، وأن تخلو من المعتقلين السياسيين البارزين أمثال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح". ولفتت إلى أنه "عادةً ما يقوم جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية بإعداد قوائم المنويّ الإفراج عنهم، بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية". وشددت المصادر على أن "تدخّل لجنة العفو وأي مسؤولين بأجهزة سيادية أخرى في الدولة يكون في أضيق الحدود".
ولكن المصادر ذاتها أشارت إلى أن "هناك إلحاحاً من دوائر أوروبية، معظمها غير حكومية، تسعى لزيادة الضغط على المسؤولين الأوروبيين المعنيين بالتواصل مع النظام المصري". ويهدف هذا الضغط إلى "الدفع باتجاه اتخاذ خطوات أكثر جدية في ملف حقوق الإنسان، بصفة عامة، وملف المعتقلين السياسيين، على وجه الخصوص".
ولفتت إلى أن "ثمة تحركاً جماعياً دولياً، قد يفضي إلى مبادرة جديدة لمنظمات مجتمع مدني غربية، تؤيدها دوائر رسمية، من أجل اتخاذ خطوات عملية حقيقية يمكن أن تفضي إلى الإفراج عن عدد من السجناء والمعتقلين السياسيين في السجون ومراكز الاحتجاز المصرية".
مصادر: من المتوقع أن تقتصر قوائم العفو على المحكوم عليهم بأحكام جنائية
ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال مأدبة إفطار سُمِّي "إفطار الأسرة المصرية" في 26 إبريل/ نيسان الماضي، إلى إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي، بعد مطالبات من حضور أغلبهم سياسيون، إلى إعادة النظر في ملف السجناء السياسيين.
وشمل هذا الإفطار دعوة لـ"حوار وطني" يضم وزراء وقيادات المعارضة مثل المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، والمحامي طارق العوضي، وغيرهما. ويرتكز هذا الحوار في الأساس على فتح ملف زيادة أعداد السجناء السياسيين والذين بلغت أعدادهم 60 ألف سجين، وفقاً لتقديرات مؤسسات حقوقية.
بدأت لجنة العفو الرئاسي تمارس عملها بالفعل، بعد تشكيلها من 5 أعضاء، وأمل سياسيون وحقوقيون من النظام وخارجه، بانفراجة سياسية وشيكة، ولا سيما أنه في اليوم التالي للإفطار، كان حمدين صباحي أمام مجمع السجون، في انتظار خروج الصحافي المصري حسام مؤنس. وقد خرج مؤنس بموجب أول قرار عفو رئاسي صدر عقب الوعد الذي أطلقه السيسي في الإفطار.
ورغم ذلك، فقد بقيت الوعود بلا تحقيق. وتحدثت منظمات حقوقية وشخصيات سياسية ومعارضون، عن أن هذا الحوار الوطني لا يستهدف الشروع في عملية إصلاح، أو الالتفات لأزمة حقوق الإنسان.
لا يوجد حصر دقيق بأعداد المفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي
بدوره، لفت مركز القاهرة لحقوق الإنسان، في ورقة موقف حول الحوار الوطني، إلى أنه "بعد 8 أشهر من إعلان الحوار الوطني في مصر، لا يزال آلاف من السجناء السياسيين في السجون". وأكد أن "عمليات القبض على العديد منهم تتواصل، وخصوصاً بعد دعوات التظاهر في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قبل وأثناء وبعد انعقاد مؤتمر المناخ كوب 27".
وأوضح المركز أنه "رغم ترحيبه بقرارات العفو الرئاسي عن بعض المسجونين السياسيين، إلا أنه يؤكد أنها لا ترقى لتكون علامة على البدء في عملية إصلاح حقيقي، في ظل استمرار احتجاز عشرات الآلاف، وتواصل عمليات القبض على العديد منهم".
وعقد أعضاء لجنة العفو الرئاسي أول اجتماعاتهم في 30 إبريل/ نيسان الماضي، عقب أيام قليلة من "إفطار الأسرة المصرية". وصدرت أول قائمة عفو رئاسي عن عدد من السجناء السياسيين، بعد مراجعتها من قبل أعضاء لجنة العفو في 30 مايو/ أيار الماضي. ومع ذلك، لا يوجد حصر دقيق لأعداد المفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي، سواء من قبل أعضاء لجنة العفو أو منظمات حقوقية. كذلك لا يوجد جدول زمني لعمل اللجنة، حسب تأكيدات أعضائها.
تضارب أرقام المستفيدين من العفو الرئاسي
من جهته، لفت عضو لجنة العفو الرئاسي، النائب البرلماني طارق الخولي، في تصريحات سابقة لجريدة "صوت الأمة"، إلى أن "عدد المفرج عنهم بموجب العفو الرئاسي يتخطى 1200 سجين"، فيما أعلن في تصريحات أخرى لصحيفة "الأهرام" أن عددهم "يقتصر على ألف مواطن فقط".
في غضون ذلك، أكدت منظمات حقوقية وشخصيات معارضة، أن قرارات العفو الرئاسي التي شملت سجناء سياسيين صادراً بحقهم أحكام قضائية، أو قرارات إخلاء السبيل من النيابة العامة بحق محبوسين احتياطياً، لم تتخطَّ مئات الأشخاص.
ويمكن الوصول إلى عدد تقريبي للمفرج عنهم، بتتبّع القرارات الصادرة والمعلنة عبر حسابات أعضاء لجنة العفو الرئاسي على منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم الخولي، الذي كان آخر منشور له عن قرارات العفو الرئاسي يشمل 30 مفرجاً عنه في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. ووصل عدد المفرج عنهم والمخلى سبيلهم منذ 30 مايو/ أيار الماضي، وحتى اليوم، إلى 504 سجناء سياسيين على أقصى تقدير.