في وقت دخلت فيه مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن بواسطة أطراف الاتفاق النووي المترنح، حالة غموض، إذ ليس واضحاً موعد استئنافها في جولة سابعة بعد، ثمة مؤشرات تشي باحتمال نجاح مفاوضات أخرى تجريها إيران والولايات المتحدة لإنجاز صفقة محتملة لتبادل السجناء بين الطرفين، على غرار صفقات مشابهة تمت خلال السنوات الماضية.
وهذه المرة، هناك محاولات بين الطرفين، ترمي إلى إنجاز صفقة شاملة تشمل الإفراج عن جميع السجناء، أقله هذا ما تريد الولايات المتحدة، حسب تصريحات صدرت عن المسؤولين الأميركيين أخيراً.
في المقابل، تؤكد إيران استعدادها للإفراج عن جميع المواطنين الأميركيين السجناء لديها، بشرط موافقة الولايات المتحدة على الإفراج عن جميع الإيرانيين المعتقلين على أراضيها، أو المعتقلين في دول أخرى بطلب أميركي، وليس واضحاً بعد ما إذا كانت واشنطن قد توافق على الطلب الإيراني أو لا.
في السياق، كشف المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، يوم الثلاثاء، أن المفاوضات بين بلاده والولايات المتحدة للإفراج المتبادل عن السجناء "جارية راهناً"، قائلاً إنه "فور الوصول إلى نتائج مقبولة سيعلنها زملاؤنا في الخارجية".
ولم يكشف ربيعي في مؤتمره الصحافي الأسبوعي الافتراضي الذي تابعه "العربي الجديد"، عن القناة أو القنوات التي تجري إيران من خلالها التفاوض مع واشنطن، قائلاً إن "الجمهورية الإسلامية مستعدة لإنجاز صفقة تبادل تشمل جميع السجناء الأميركيين، مقابل الإفراج عن جميع السجناء الإيرانيين في أنحاء العالم، الذين اعتقلوا بطلب وأوامر من أميركا".
وأشار إلى أن طهران سبق أن أعلنت استعداها للإفراج عن جميع السجناء و"جو بايدن منذ توليه رئاسة الولايات المتحدة أبدى اهتمامه بهذا الملف".
وجاءت تصريحات ربيعي هذه رداً على تصريحات المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي، قبل أيام في مقابلة صحافية، تحدث فيها عن "إحراز تقدم" في ملف السجناء مع إيران، قائلاً إن هذه المفاوضات "معقدة"، وطالب بالإفراج عن جميع السجناء الأميركيين في إيران.
وأوضح مالي أنه لا يمكنه الكشف عن تفاصيل هذه المباحثات أو تحديد موعد لصفقة التبادل، مضيفاً أنه "واثق من أنهم سيعودون إلى بلادهم".
وكشفت سابقاً مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" خلال مايو/ أيار الماضي، عن أن مفاوضات تبادل السجناء تجري بواسطة سويسرية، مشيرة إلى إحراز "تقدم كبير" فيها، مع تأكيدها أنها "لم تصل بعد إلى حد إنجاز صفقة".
هذه المفاوضات تجري بعيداً عن المفاوضات النووية غير المباشرة بين الطرفين، لكن نتائجها في حال إتمام الصفقة قد تكون لها مفاعيلها على مفاوضات فيينا.
وبالأساس، يحتل ملف المعتقلين بين إيران والغرب، وتحديداً مع الولايات المتحدة الأميركية، مساحة مهمة في الصراع الإيراني الغربي منذ أكثر من أربعين عاماً، بعد احتلال الثوار الإيرانيين مقر السفارة الأميركية في طهران عام 1979، واعتقال 52 دبلوماسياً أميركياً استمر 444 يوماً.
وأدى هذا الحدث إلى توتر غير مسبوق وانقطاع في العلاقات بين طهران وواشنطن، يستمر حتى اليوم. وطوال العقود الأربعة الماضية، ظل ملف المعتقلين حاضراً على أجندة الصراع، على الرغم من اختفائه لفترات بسبب عدم وجود معتقلين، وعودته في فترات أخرى بعد اعتقالات جديدة، إلا أن الأعوام الأخيرة، وخصوصاً بعد الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو 2018، شهدت تصاعداً لافتاً في الاعتقالات، سواء لمواطنين إيرانيين في الغرب بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية، أو لمواطنين غربيين ومزدوجي الجنسية في إيران بتهمة التجسس والإضرار بالأمن القومي الإيراني.
وفي موازاة هذا التصعيد، شهد ملف المعتقلين انفراجات عبر صفقات ومساومات مهمة بين إيران ودول غربية، بينها الولايات المتحدة، كان أهمها بعد توقيع الاتفاق النووي عام 2015.
وإلى ذلك، يشكّل السجناء مزدوجو الجنسية معظم السجناء الأجانب المحكومين بتهم أمنية، لكن السلطات الإيرانية لا تعتبرهم "أجانب"، لأنها لا تعترف بالجنسية الثانية لمواطنيها، غير أنها وافقت على الإفراج عن بعضهم خلال السنوات الماضية، في إطار صفقات تبادل مع الولايات المتحدة.
وتنظر إيران بريبة تجاه مواطنيها ذوي الجنسية المزدوجة، وتمنعهم القوانين الإيرانية من تولي المناصب، وانطلاقاً من ذلك تعتبر هذه الشريحة مشاريع أو فرصاً للدول الغربية للتجسس عليها. واتهم السفير الإيراني في بريطانيا حميد بعيدي نجاد، في 17 سبتمبر/ أيلول 2018، هذه الدول بـ"ممارسة الضغوط" على الإيرانيين مزدوجي الجنسية للتجسس لمصلحتها. إلا أن هذه الدول من جهتها، تتهم طهران باستخدام هؤلاء كـ"أدوات لممارسة الضغط الدبلوماسي" عليها، بحسب تصريح لوزير الخارجية البريطاني السابق جيريمي هانت، خلال الشهر نفسه.
السجناء الأميركيون
السجناء الأميركيون حالياً في إيران، هم أربعة، كلهم من أصول إيرانية، ومن مزدوجي الجنسية، حصلوا لاحقاً على الجنسية الأميركية، ولا يوجد في السجون الإيرانية مواطنون من أصول أميركية، وأُفرِج عمّن كان موجوداً منهم خلال السنوات الماضية في إطار صفقات، كان آخرهم الجندي الأميركي السابق مايكل وايت، الذي أفرجت عنه طهران خلال مايو/ أيار 2020، في إطار صفقة تبادل. لكن ما زال مصير الأميركي روبرت ليفنسون مجهولاً، وسط ترجيحات عائلته بوفاته داخل السجن في إيران، مع نفي الأخيرة احتجازه لديها. وليفنسون ضابط متقاعد في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (إف بي آي)، زار جزيرة كيش الإيرانية، المطلة على الخليج، عام 2007. وقيل وقتها إن الزيارة كانت بهدف إجراء تحقيقات عن "تهريب السجائر" لشركة خاصة. إلا أن وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية، أعلنت في ديسمبر/ كانون الأول 2013، أنها بعد تحقيقات أجرتها توصلت إلى أن ليفنسون كان يعمل لجمع معلومات للاستخبارات الأميركية، إلا أنها أشارت إلى أنه كان في مهمة من دون موافقة رسمية من الوكالة.
وبعد اتهامات لها باحتجاز ليفنسون، ظلت إيران خلال السنوات الماضية تنفي علمها بمصيره، مشيرة إلى أنه غادر أراضيها. ومطلع عام 2016، أعلنت الإدارة الأميركية السابقة أنها باتت على قناعة بأن ليفنسون لم يعد في إيران.
السجناء الأربعة هم:
1- المواطنان الإيرانيان الحاصلان على الجنسية الأميركية، سيامك نمازي ووالده محمد باقر نمازي.. سيامك، مدير التخطيط الاستراتيجي لشركة "كرسنت" النفطية، اعتقلته السلطات الإيرانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، بتهمة "التعاون مع الحكومة الأميركية والتجسس لها". واعتقلت أيضاً والده بعد ثلاثة أشهر بالتهمة نفسها، عندما زار إيران لمتابعة ملف ابنه سيامك. وحكمت السلطة القضائية الإيرانية على الاثنين بالسجن لمدة عشر سنوات. علماً أن باقر نمازي البالغ من العمر 83 عاماً من الموظفين السابقين في منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، وشغل مناصب حكومية، مثل محافظ خوزستان، إبان العهد البهلوي الملكي في إيران، قبل قيام الثورة الإسلامية عام 1979. وبسبب وضعه الصحي الحرج، منحته السلطات الإيرانية منذ أكثر من عام، إجازة طبية خارج السجن، لكنه ممنوع من الخروج من البلاد.
2- التاجر الإيراني اليهودي مراد طاهباز.. هو الآخر يحمل الجنسية الأميركية، بالإضافة إلى الجنسية البريطانية، اعتقله جهاز استخبارات الحرس الثوري في ینایر/كانون الثاني 2018، ضمن مجموعة عُرفت بـ"نشطاء البيئة"، واجهوا تهمة التجسس وجمع معلومات سرية عن مناطق استراتيجية تحت ستار مشاريع الحفاظ على البيئة. إلا أن الملف تحول إلى أحد أهم الملفات القضائية، الذي أثار الرأي العام خلال السنوات الأخيرة، وبات محل خلاف بين المؤسسات الأمنية الإيرانية، بعد نفي وزارة الأمن تهمة التجسس عنهم. وأعلنت السلطة القضائية الإيرانية في 18 فبراير/ شباط 2020 إصدار أحكام بالسجن بحق هؤلاء، منهم مراد طاهباز، الذي حكم عليه بالسجن لثمانية أعوام بتهمة "التعاون" مع الولايات المتحدة.
3- عماد شرقي.. هو تاجر إيراني أميركي صاحب شركة "سراوا"، اعتقل في مايو/ أيار 2018، ثم أفرج عنه لاحقاً بكفالة، لكنه اعتقل مرة أخرى خلال يناير/ كانون الثاني 2021 بعد محاولته الهرب من الحدود الغربية لإيران، حسب نادي "المراسلين الشباب" الإيراني.
وأفادت شبكة "إن بي سي" الأميركية، أن إيران أصدرت حكماً بحق التاجر شرقي بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس والخيانة، وذلك قبل يومين من تولي الرئيس الأميركي جو بايدن السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
السجناء الإيرانيون
ليس واضحاً عدد السجناء الإيرانيين في الولايات المتحدة، أو في دول أخرى، وتقول طهران إنهم اعتقلوا بطلب أميركي بتهمة الالتفاف على العقوبات التي تصفها بأنها "ظالمة وإرهاب اقتصادي".
وحسبما رصد "العربي الجديد"، فالسجناء الإيرانيون في الولايات المتحدة هم 17 شخصاً:
1- سجاد شهيديان، 33 عاماً. اعتُقِل في بريطانيا عام 2016 بطلب أميركي، ثم رُحِّل إلى الولايات المتحدة. شهيديان مالك شركة "بيمنت 24" للصرافة على شبكة الإنترنت. جاء اعتقاله بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية ضد إيران. وهو معتقل حالياً في أميركا، وينتظر المحاكمة.
2- مهرداد أنصاري، 38 عاماً، اعتُقِل في جورجيا خلال مارس/ آذار 2020 بطلب أميركي، بتهمة تصدير قطع عسكرية حساسة من الولايات المتحدة إلى إيران. ينتظر المحاكمة في الولايات المتحدة بعد ترحيله إليها.
3- بهزاد بورقناد، 66 عاماً، اعتُقِل خلال مايو/ أيار 2017 في ألمانيا بطلب أميركي، ثم رُحِّل إلى الولايات المتحدة ليُحكَم عليه بالسجن لمدة 46 شهراً خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بتهمة تصدير ألياف الكربون.
4- رضا أولنغيان 59 عاماً، إيراني حاصل على الجنسية الأميركية، اعتُقل خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2012 في إستونيا، وبعد ستة أشهر رُحِّل إلى الولايات المتحدة بطلب منها. وفي مارس/ آذار 2018 حكمت عليه محكمة أميركية بالسجن لـ25 عاماً بتهمة التخطيط ومحاولة إرسال صواريخ أرض جو ومعدات أخرى إلى إيران.
5- بهروز بهروزيان، 65 عاماً. يحمل الجنسية الأميركية أيضاً، وحكمت عليه محكمة أميركية خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2019 بالسجن لـ20 شهراً بتهمة التصدير غير القانوني لقطع تستخدم في صناعات البتروكيماويات.
6- مهدي هاشمي، 47 عاماً، إيراني حاصل على الجنسية الأميركية. اعتُقل خلال أغسطس/ آب 2019 في مطار لوس أنجلس الأميركي، بتهمة إرسال قطع ومعدات محظورة إلى إيران، وهو ينتظر المحاكمة حالياً.
7- أمين حسن زادة، 44 عاماً، مهندس إيراني حاصل على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة، اعتُقل فيها خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بتهمة نقل أسرار فنية سرية في صناعات الجوفضائية إلى إيران. اتهمته واشنطن بأن لديه علاقة مباشرة مع الجيش الإيراني.
8- مهين مجتهد زادة، البالغة من العمر 74 عاماً، اعتُقِلَت خلال نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 بتهمة انتهاك العقوبات الأميركية على إيران عبر إرسال قطع توربينات غازية إلى إيران. حكمت عليها محكمة أميركية خلال يناير 2020 بالسجن لـ443 يوماً.
9- أحمد رضا محمدي دوستدار، 39 عاماً، إيراني أميركي الجنسية أيضاً، اعتُقِل خلال سبتمبر/ أيلول 2018 بتهمة التجسس لإيران على مواطنين أميركيين من أعضاء منظمة "مجاهدي خلق" الإيرانية المعارضة. حكمت عليه محكمة أميركية بالسجن 38 شهراً.
10- المواطنان بهرام كريمي، 53 عاماً، وعلي صدر هاشمي نجاد 40 عاماً، اعتُقلا خلال مارس/ آذار 2018 ويناير/ كانون الأول 2020 على التوالي، بتهمة المشاركة في مشروع مشترك بين إيران وفنزويلا وإرسال أكثر من 115 مليون دولار منها إلى إيران عبر البنوك الأميركية. علماً أن كريمي يحمل أيضاً الجنسية الكندية.
11- التجار الثلاثة، صدر عماد واعظ، وبوران أزاد، وحسن علي مشير فاطمي، وهم مواطنون إيرانيون أميركيون، اعتقلوا خلال إبريل/ نيسان 2018 بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية. والمواطنون الثلاثة من مديري شركة "تقنية القارة الخضراء" في طهران.
12ـ علي رضا جلالي، 42 عاماً، اعتُقل خلال مارس/ آذار 2018 بتهمة تصدير التقنيات العسكرية إلى إيران، وحُكم عليه بالسجن 15 شهراً، وهو حالياً يقضي الفترة في السجون الأميركية.
13- ميلاد كلانتري، 35 عاماً، اعتُقل خلال ديسمبر/ كانون الأول 2015، وحُكم عليه بالسجن لعشر سنوات عام 2016، بتهمة سرقة الهوية والاحتيال على الإنترنت.
14- منصور أرباب سير، مواطن إيراني أميركي، يبلغ من العمر 65 عاماً، اعتُقل عام 2011 بتهمة التخطيط لاغتيال السفير السعودي آنذاك في الولايات المتحدة بتعاون مع الحرس الثوري، حسب الولايات المتحدة، وخلال مايو/ أيار 2013 صدر حكم قضائي ضده بالسجن 25 عاماً.
أبرز صفقات التبادل
أنجزت طهران وواشنطن ثلاث صفقات لتبادل السجناء منذ عام 2016، هي:
صفقة عام 2016:
هذه الصفقة تمت يوم 16 يناير/ كانون الثاني 2016 بين طهران وواشنطن في عهد إدارة باراك أوباما، وهي أكبر صفقة تبادل بين البلدين. بموجب هذه الصفقة، أفرجت إيران عن خمسة مواطنين أميركيين كانوا معتقلين بتهمة التجسس، أربعة منهم من أصول إيرانية يحملون الجنسية الأميركية أيضاً. وهؤلاء الخمسة هم: مدير مكتب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في طهران، جيسون رضائيان، الذي كان أبرز المفرج عنهم وقضى 18 شهراً في السجن، والقس الإيراني الأميركي سعيد عابديني، والعسكري السابق في الجيش الأميركي أمير حكمتي، والتاجر الإيراني الأميركي نصرت الله خسروي رودسري، والطالب الأميركي مات تريفيثيك.
في المقابل، أفرجت الولايات المتحدة عن سبعة مواطنين إيرانيين، كانت قد اعتقلتهم بتهمة الالتفاف على العقوبات. وهم نادر مدانلو، وبهرام مكانيك، وخسرو أفقهي، وأرس قرماني، وتورج فريدي، ونيما غلستانه، وعلي صابونجي. إلا أن ما حصلت عليه طهران تجاوز الإفراج عن هؤلاء السبعة إلى تسلّم مبلغ مليار و700 مليون دولار نقداً، كان جزءاً من المدفوعات الإيرانية وأرباحها إبان الحكم الملكي لقاء صفقات شراء أسلحة أميركية ألغيت بعد الثورة.
تنفيذ هذه الصفقة بالتزامن مع بدء تطبيق الاتفاق النووي خلال يناير/ كانون الثاني عام 2016 بعد أشهر من إبرامه في يوليو/ تموز 2015، يطرح فرضية أن الصفقة ربما كانت جزءاً من التفاهمات الأميركية الإيرانية الشفهية، ورافقت الصفقة النووية. وخلال حملته الانتخابية، عام 2016، وجّه ترامب انتقادات حادة إلى صفقة التبادل هذه بين إدارة أوباما والحكومة الإيرانية، معتبراً أن دفع مبالغ مالية كبيرة لإيران كان بمثابة الرضوخ لـ"ابتزازها"، واصفاً خطوة سلفه بأنها "مخجلة".
صفقة ديسمبر/ كانون الأول 2019:
تمت الصفقة يوم السابع من ديسمبر/ كانون الأول 2019 بين طهران وواشنطن برعاية سويسرية، وهي أول صفقة تبادل سجناء بين الطرفين في عهد ترامب، الأمر الذي فتح باب التوقعات بأنها قد تؤدي إلى إطلاق مفاوضات بين الطرفين، عززتها تصريحات الرئيس الأميركي حول أن الصفقة "تشير إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق مع إيران". لكن ما حدث بعد ذلك أثبت عكس هذه التوقعات، وأن مدلولات الصفقة لم تتجاوز تبادل السجينين، وذلك لإصرار طهران على شروطها لأي تفاوض، في مقدمتها رفع العقوبات كلها.
وبموجب هذه الصفقة، أطلقت واشنطن سراح الأكاديمى الإيراني مسعود سليماني مقابل إفراج طهران عن الباحث الأميركي شيوي وانغ.
وسليماني عالم بارز في علوم الدم والخلايا الجذعية، كان معتقلاً في الولايات المتحدة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2018، بتهمة الالتفاف على العقوبات الأميركية. ووانغ باحث من أصل صيني، اعتقلته طهران عام 2017 في طهران بتهمة التجسس، وحكم عليه بالسجن لعشر سنوات.
صفقة يونيو/ حزيران 2020:
أفرجت إيران يوم 5 يونيو/ حزيران 2020 عن الجندي الأميركي السابق مايكل وايت، مقابل إفراج واشنطن عن العالمين الإيرانيين مجيد طاهري، وسيروس عسكري.
ووايت كان عسكرياً سابقاً في سلاح البحرية الأميركية، وقد صدر بحقه حكم بالحبس عشرة أعوام، بتهمة "إهانة قائد الثورة الإسلامية" في إيران و"نشر صور خاصة له" على شبكات التواصل، بحسب وسائل إعلام إيرانية. إلا أن القضاء الإيراني، الذي أعلن إصدار هذا الحكم يوم 11 مارس/ آذار 2019، أشار إلى أن هذا المواطن الأميركي يواجه اتهامات أمنية من النيابة العامة، وشكاوى من جهات خاصة، وأن الحكم عليه صدر على أساس تلك التهم والشكاوى، من دون توضيح طبيعتها.
كذلك فإن المواطن الإيراني عسكري، البالغ من العمر 59 عاماً، والمتخصص في هندسة المواد، اعتقل عام 2016 في الولايات المتحدة، وحاكمه القضاء الأميركي بتهمة "سرقة الأسرار التجارية" من جامعة أوهايو، إلا أن حكماً ببراءته صدر خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكنه بقي قيد الاعتقال بسبب عدم امتلاكه الإقامة القانونية بعد إبطال تأشيرته من قبل إدارة الهجرة الأميركية.
أما مجيد طاهري، فهو طبيب إيراني، عاش في الولايات المتحدة 33 عاماً قبل أن يعتقل فيها مطلع عام 2019 بتهمة مساعدة طهران في الالتفاف على العقوبات الأميركية. وعزا طاهري سبب اعتقاله لمدة عام ونصف إلى "مساعدته جامعة طهران في إنتاج لقاح ضد السرطان".