بالتزامن مع الشكوك التي تثيرها قوى سياسية كردية بشأن جدية حكومة رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بتنفيذ اتفاق تطبيع الأوضاع في بلدة سنجار، 90 كم غرب محافظة نينوى، شمالي العراق، بدأت قوى سياسية مرتبطة بـ"الحشد الشعبي" خطوات جديدة لتحريك الشارع في البلدة من أجل الإبقاء على "الحشد"، الأمر الذي عده الجانب الكردي ملامح "تمرد" على تنفيذ الاتفاق، متهما بغداد بـ"العجز" عن فرضه على الجماعات الخارجة على القانون التي ما زالت موجودة في البلدة.
ويقضي الاتفاق الذي أبرم في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول المنصرم، بين حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان جملة من البنود؛ من أبرزها إخراج المليشيات المسلحة من المدينة، وعلى رأسها مسلحو حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة، وفصائل "الحشد الشعبي"، وذلك تمهيدا لإعادة عشرات الآلاف من سكانها بعد أكثر من أربع سنوات على تحرير البلدة من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأثار مسؤولون كرد، في وقت سابق، شكوكاً بشأن إعلان بغداد انسحاب عناصر حزب العمال و"الحشد الشعبي" من البلدة، مؤكدين أن الواقع يناقض ذلك.
ورغم التفاهمات التي أجرتها الحكومة مع القوى السياسية المرتبطة بـ"الحشد" بشأن خروجها من البلدة وتنفيذ الاتفاق، فإن موقف "تحالف الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، بدأ يتغير، لا سيما مع حراك بعض أجنحته المقربة من إيران، لتأليب الشارع في سنجار ضد الاتفاق.
النائب عن التحالف، مختار الموسوي، تحدث عن وجود "توجيهات خارجية تضغط باتجاه إخراج الحشد من هذه المناطق"، مبينا في تصريح صحافي أن "الأقليات في البلدة تطالب ببقاء الحشد، وعدم سحبها إلى الخارج، خاصة وأن البلدة تحتاج وجودها لأجل توفير الحماية، وضمان عدم حدوث عمليات إرهابية".
وأضاف أن "المكوّن الأيزيدي طالب أيضاً بالإبقاء على لواءين من الحشد، في المناطق التي يوجد فيها المكون، في وقت تستمر فيه القوى الكردية بالدفع تجاه إخراج الحشد".
من جهته، قال مسؤول محلي في حكومة نينوى إنه "على الرغم من عدم الانسحاب الكامل لعناصر حزب العمال والحشد الشعبي، فإن القوى السياسية المرتبطة بالحشد، تخوض حراكا منذ عدّة أيام من أجل تأليب الشارع في البلدة لمنع تنفيذه، والسعي لإبقاء جزء من فصائل الحشد بالبلدة"، مبينا، لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك أشبه بالتمرد على الاتفاق، لا سيما أن تلك القوى أجرت تفاهمات مع الحكومة نصّت على إخراج الحشد".
وأكد أن "الأيام المقبلة ستشهد خروج تظاهرات داخل البلدة، بدعم الجهات المرتبطة بالحشد، لأجل المطالبة ببقاء الفصائل"، مشيراً إلى أن "تلك الجهات استغلت ضعف إرادة الحكومة بتنفيذ الاتفاق، وبدأت حراكها ضدّه، الأمر الذي قد يتطور ويحول من دون تنفيذه".
وتحذّر أطراف كردية من مغبة "عدم وجود إرادة حقيقية" من قبل بغداد لتطبيق بنود الاتفاق. وقال عضو الحزب الديموقراطي الكردستاني، آزاد حسن، إن "ضعف إرادة الحكومة وعدم جديتها بتطبيق الاتفاق، يثير مخاوف من تمرد وتراجع بالتنفيذ"، مبيناً، لـ"العربي الجديد"، أن "الضعف الحكومي أعطى فرصة للجهات الداعمة للحشد والجماعات المسلحة، بالحراك نحو التمرد على الاتفاق".
وأكد أن "التأخر في التنفيذ لبنود الاتفاق سيعقد الملف بشكل كبير، وستتراجع فرص تنفيذه، الأمر الذي قد ينعكس على العلاقات بين بغداد وأربيل بشكل عام"، محملاً حكومة الكاظمي "مسؤولية الإيفاء بتعهداتها بتنفيذ الاتفاق وإعادة النازحين البلدة".
وكان رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، قد بحث، أمس الثلاثاء، مع رئيس جهاز الأمن الوطني العراقي، عبد الغني الأسدي، ملف "اتفاق سنجار"، داعياً إلى تنفيذه وإخراج "المليشيات" والقوات المسلحة غير القانونية من البلدة.