قُتل شرطي أفغاني، الجمعة، بهجوم طاول مجمّعاً للأمم المتحدة في هرات، بحسب ما أعلن مسؤولون، مع احتدام القتال بين القوات الحكومية ومسلحي "طالبان" في ضواحي هذه المدينة الواقعة غربي البلاد.
وتصاعدت أعمال العنف في أفغانستان منذ أوائل مايو/أيار، عندما بدأت القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة الانسحاب النهائي الذي أوشك على الاكتمال.
وفي غضون ثلاثة أشهر، سيطر مقاتلو الحركة على مساحات ريفية شاسعة، في مواجهة قوات أفغانية لم تُظهر إلى الآن مقاومة فعلية.
وسيطرت "طالبان" على العديد من المناطق في ضواحي مدينة هرات، بالإضافة إلى معبرين حدوديين في ولاية هرات المتاخمة لإيران وتركمانستان، فيما تواصل تقدمها في كل أنحاء البلاد.
واشتبك مسلحون من "طالبان" مع القوات الحكومية على مشارف مدينة هرات، الجمعة، ما أجبر عشرات العائلات على الفرار، كما قال سكان، فيما يضيّق المتمردون الخناق على المدينة.
وخلال تلك الاشتباكات، تعرضت مكاتب الأمم المتحدة في مدينة هرات لهجوم أسفر عن مقتل شرطي أفغاني، كما أعلنت بعثة المنظمة الدولية لتقديم المساعدة إلى أفغانستان.
وقالت البعثة في بيان: "هذا الهجوم على مدخل مبنى يظهر بوضوح أنه تابع للأمم المتحدة، نفّذته عناصر مناهضة للحكومة"، مشيرة إلى أن الشرطي القتيل كان يحرس المبنى. وأصيب آخرون بجروح.
وتابعت أن مدخل المجمع تعرّض لإطلاق نار من قاذفات صواريخ ومدافع. وأضافت أنه لم يصب أي من موظفي الأمم المتحدة.
ونقل البيان عن ديبورا لايونز، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان ورئيسة البعثة في البلاد، قولها إن "هذا الهجوم على الأمم المتحدة مؤسف، ونحن ندينه بأشد العبارات". وأشارت إلى أنه "يجب تحديد هوية منفذي هذا الهجوم ومحاسبتهم".
وقالت إن المنطقة التي تعرضت فيها المكاتب للهجوم، شهدت اشتباكات بين "طالبان" والقوات الحكومية.
وأعلن مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، جايك سوليفان، في بيان، أنّ الولايات المتحدة "تدين بشدة" الهجوم.
وأضاف أنّ "الأمم المتحدة في أفغانستان هي كيان مدني ينصبّ تركيزه على دعم جهود السلام والدفاع عن حقوق كل الأفغان وتوفير المساعدة الإنسانية والإنمائية"، داعياً كلاً من الحكومة الأفغانية وحركة "طالبان" إلى استئناف محادثات السلام.
بدوره، دان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الهجوم وجدّد التأكيد على أنّ الأمم المتحدة "ملتزمة دعم مساعي حكومة أفغانستان وشعبها من أجل تحقيق السلام والاستقرار".
والهجمات ضد الموظفين المدنيين في الأمم المتحدة ومقارها محظورة بموجب القانون الدولي وقد تعتبر جرائم حرب، كما ذكرت البعثة. مشيدة بالحراس الأفغان الذين دافعوا عن مجمع الأمم المتحدة في مواجهة المسلحين.
وعندما سيطر المتشددون الإسلاميون على كابول في عام 1996، دخلوا مجمع الأمم المتحدة وخطفوا الزعيم السابق للبلاد محمد نجيب الله، الذي عذبوه وقتلوه بوحشية.
وبعد سنتين، خلال حكمهم، دخل مقاتلو "طالبان" أراضي القنصلية الإيرانية في مزار شريف وقتلوا 10 دبلوماسيين وصحافياً يعمل في وكالة الأنباء الحكومية.
وألقى وفد الاتحاد الأوروبي في كابول باللوم على "طالبان" في الهجوم على مجمع الأمم المتحدة في هرات.
وكتب السفير أندرياس فون برانت، رئيس وفد الاتحاد الأوروبي إلى كابول، على "تويتر": "يجب أن تحاسب طالبان على الجريمة التي ستعتبر هجوماً ضدنا جميعاً. هذا مخالف لكل التطمينات المقدمة".
الناس مرعوبون
انتشرت قوات أفغانية ومليشيات تابعة لأمير الحرب المخضرم والقائد المناهض لـ"طالبان"، إسماعيل خان، حول المدينة التي يبلغ عدد سكانها 600 ألف نسمة.
وتعهد خان، الذي حارب قوات الاحتلال السوفييتي في الثمانينيات ثم "طالبان" خلال حكمهم في التسعينيات، بمحاربة المسلحين مجدداً لمواجهة تقدمهم في الأشهر الأخيرة.
وأفاد مراسل لوكالة "فرانس برس" في هرات، أن مقاتلي "طالبان" والقوات الحكومية يشتبكون على الطريق المؤدية إلى مطار المدينة، في حين قال سكان إن اشتباكات تدور أيضاً في منطقتي إنجيل وغوزارا المجاورتين.
وقال عبد الرب أنصاري، الذي فر إلى المدينة من غوزارا: "الناس هناك مرعوبون". وأضاف محمد اللهيار، الذي لجأ أيضاً إلى المدينة: "القتال عنيف، لكنهم لم يستولوا على غوزارا حتى الآن".
واندلع القتال أيضاً في ولايتي هلمند وقندهار الجنوبيتين منذ الخميس.
وهاجم مسلحون من "طالبان" العاصمة الإقليمية لشكر جاه من اتجاهات مختلفة، الخميس، في هلمند، كما أفاد الشرطي المحلي داود شاه، مضيفاً أن المسلحين استهدفوا نقاط تفتيش تابعة للشرطة، لكن جرى صدهم في وقت لاحق، بعد ضربات جوية نفذتها القوات الجوية الأفغانية.
وأصيب 33 شخصاً على الأقل في الاشتباكات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في أنحاء قندهار، كما أعلنت إدارات المستشفيات المحلية.
وأعربت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان، في تغريدة على "تويتر"، عن مخاوفها من "تصاعد العنف" في مدينة قندهار وحولها، مستشهدة "بتقارير موثوقة عن مقتل مدنيين".
(فرانس برس)