كشفت مصادر مصرية مطلعة على مفاوضات غزة وملف العدوان الإسرائيلي على القطاع عن "اتصال غير معلن أجري بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً، جرى خلاله بحث آخر التطورات بشأن جهود تحرير الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى المقاومة في قطاع غزة". وقال مصدر مصري إن "الرئيس الأميركي طالب السيسي خلال الاتصال بمزيد من الجهد لإزالة العقبات التي تعيق التوصل للاتفاق في أسرع وقت ممكن"، مضيفاً أن "بايدن شدّد على أن قضية تحرير الأسرى تحظى باهتمام شخصي من جانبه".
ممارسات نتنياهو تعرقل مفاوضات غزة
وقال مصدر مصري آخر إن "تقديرات القاهرة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق يقضي بمنع تمدد الصراع في المنطقة ووقف إطلاق النار، تصطدم بممارسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"، متابعاً أن "هناك تخريباً متعمداً للجهود المبذولة لخفض التوتر والتوصل لاتفاق ينهي حالة التصعيد في المنطقة على وقع الحرب المندلعة في القطاع".
وأشار المصدر المصري إلى تصريحات عضو مجلس الحرب الإسرائيلي بني غانتس الذي أكد أنه وزميله في المجلس غادي أيزنكوت منعا فتح جبهة الشمال وإطلاق حرب مع "حزب الله" خلال الأيام الأولى التي أعقبت السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث قال المصدر المصري إن "نتنياهو يتبع منذ بداية الحرب نهجاً لا يخدم سوى أهداف ضيقة جداً".
مصدر مصري: القاهرة تلقت رسائل طمأنة من جانب قيادات في أجهزة أمنية إسرائيلية بشأن عدم تصعيد الموقف عند الحدود
ولفت المصدر إلى أن "ما يقال أمام وسائل الإعلام وأسر الأسرى من جانب قيادات الحكومة الإسرائيلية يختلف تماماً عما يقال في الغرف المغلقة، سواء مع الوسطاء، أو ما يتم تنفيذه على الأرض فعلياً"، موضحاً أن القاهرة "سبق أن توصلت إلى تفاهمات خلال الأيام الماضية بشأن حجم المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع، في إطار تمهيد الأجواء لمفاوضات تبادل الأسرى".
وأكد المصدر أن القاهرة "طالبت واشنطن بممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية ورئيسها بنيامين نتنياهو، من أجل إبداء مرونة بشأن وقف إطلاق النار في القطاع"، متابعاً: "بعض الأطروحات والرؤى الموجودة على الساحة حالياً غير واقعية، وتتجاهل الواقع الراهن، سواء تلك المطروحة من جانب الإدارة الأميركية، أو حكومة الاحتلال، أو بعض الأطراف الأوروبية".
وعلى صعيد مفاوضات غزة والمشاورات الجارية بشأن تفاصيل القواعد والخطوط العريضة المتعلقة بإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار، قال المصدر إن "الحديث حول إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لدى "حماس" وباقي فصائل المقاومة والذين تقدر أعدادهم بنحو 136 بينهم نحو 27 جثة، دفعة واحدة، مقابل هدنة شهر وإطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، غير دقيق"، مشدداً على أن "حركة حماس ترفض فكرة أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى دفعة واحدة، إلا في حال التوصل لوقف شامل لإطلاق النار".
وأوضح المصدر أنه "بخلاف ذلك، فإن الحركة تتمسك بإطلاق سراح الأسرى على مراحل، تكون آخرها مرحلة الأسرى العسكريين، والذين يقدر عددهم بنحو 55 أسيراً، قائلاً إن "حماس أكدت أكثر من مرة خلال المباحثات مع الوسطاء أنها لا تثق بمواقف الاحتلال، خصوصاً في ظل توجهات وزراء اليمين المتطرف".
في المقابل، قال مصدر قيادي في "حماس"، لـ"العربي الجديد"، إن "الاحتلال سيكون أمام مفاجآت بشأن أعداد الأسرى لدى كتائب القسام وفصائل المقاومة وتحديداً من العسكريين".
مصدر قيادي في "حماس": الاحتلال سيكون أمام مفاجآت بشأن أعداد الأسرى لدى كتائب القسام
إلى ذلك، أكد المصدر أن "هناك عواصم مرشحة لاستقبال لقاء مرتقب سيجمع المدير العام لوكالة الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، ورئيس جهاز الموساد الإسرائيلي، ديفيد برنيع، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة المصري، اللواء عباس كامل، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، لدفع جهود الوساطة". وأوضح المصدر أن "العواصم هي: بروكسل أو هلسنكي، بعدما كان هناك اقتراح بعقد اللقاء في العاصمة القطرية الدوحة".
فصل المسارات ومفاجآت "حماس"
ورغم تعثر مفاوضات غزة غير المباشرة بين حكومة الاحتلال والمقاومة في القطاع، التي يقودها الوسطاء في قطر ومصر من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وصفقة لتبادل الأسرى، إلا أن العاصمة المصرية شهدت حراكاً على مستوى اللقاءات ووفود الأطراف ذات الصلة، إذ أنه خلال نحو 4 أيام، تمّت زيارات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية، ووفدين أحدهم أمني إسرائيلي، وآخر من حركة "حماس".
وأكد مصدر مصري أن "المسؤولين في جهاز الاستخبارات العامة، نقلوا لنظرائهم في الأجهزة الإسرائيلية، رسائل متعلقة بضرورة فصل المسارات، مشددين على رفض خطط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ومطالبين في الوقت ذاته، بحصر التعامل في الوقت الراهن في القنوات المعتمدة سواء الأمنية أو العسكرية".
وقال المصدر: "القاهرة باتت تدرك أن المستقبل القريب لن يكون لنتنياهو دور فيه، لذلك هناك توجه مصري بعدم الانخراط في أي اتفاقات جديدة معه أو التعاطي مع توجهاته، وحصر التعامل بين الجانبين في القنوات الدائمة والمستقرة". وأكد "أن القاهرة تلقت رسائل طمأنة من جانب قيادات في أجهزة أمنية إسرائيلية بشأن عدم تصعيد الموقف عند الحدود، وأن هناك مباحثات مكثفة داخل إسرائيل بشأن عدم توتير العلاقات مع مصر والوصول إلى صيغة تراعي حساسية العلاقات وتمنع تصدير مشكلات لأي من الجانبين".
في مقابل ذلك، كشف المصدر عن "تواجد وفد قيادي جديد من حركة حماس في القاهرة، من أجل التباحث عن قرب" بحد تعبير المصدر، الذي أوضح أن "المباحثات تشمل كافة الملفات المتعلقة بغزة". وأشار إلى أن هناك "محاولات حثيثة من جانب المسؤولين في القاهرة، لترتيب لقاء يهدف إلى تقريب وجهات النظر بين حركة حماس والسلطة الفلسطينية في القاهرة، لحسم مجموعة من الأفكار المقترحة والتي تقتضي وجود درجة كبيرة من التفاهم بين كافة الفصائل والمكونات الفلسطينية". وأوضح أن "وفد حماس بحث أفكاراً متعلقة بإدارة غزة في اليوم التالي للحرب، وتشكيل حكومة وحدة، وكذلك إمكانية الالتحاق بمنظمة التحرير خلال الفترة المقبلة".
في مقابل ذلك، كشف المصدر عن أن "حركة حماس لم تبد تمسكاً بتصدرها إدارة القطاع عقب الحرب"، لافتاً إلى أنها "عرضت أكثر من تصور لا يتضمن أي منها سيطرة مطلقة لها، وجميعها يقوم على التشارك عبر آليات يحددها الفلسطينيون أنفسهم". وأوضح أن "ما تشددت الحركة فقط بشأنه، هو رفض أي تصور يتضمن تجريد المقاومة من سلاحها، وشرط خروج كامل للقوات الإسرائيلية من أراضي القطاع كافة".