مفاوضات عسيرة لاختيار الرئيس العراقي الخامس بعد 2003

12 يناير 2022
صالح هو مرشح "الاتحاد الوطني الكردستاني" الوحيد (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

بخلاف ما كان متوقعاً، لا يبدو أن الاتفاق على مرشح لرئاسة العراق سيكون سهلاً، وإن كان الأمر يقتصر على الأحزاب الكردية التي تمّ منحها عرفاً، منذ أول انتخابات جرت في 2005، حق ترشيح الرئيس العراقي.

ولا تزال القوى السياسية الرئيسية في إقليم كردستان غير متفقة على مرشحها لرئاسة الجمهورية، ولم يصدر عنها موقف رسمي موحد بهذا الشأن.

وباستثناء الرئيس العراقي المؤقت غازي الياور (2004-2005) الذي كان عربياً، فإن رؤساء العراق الثلاثة الآخرين منذ انتخابات 2005 حتى اليوم هم من الأكراد.

وهؤلاء هم جلال الطالباني (2005-2014)، ثم فؤاد معصوم (2014-2018)، وآخرهم برهم صالح (2018-2022). والثلاثة من "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي حلّ ثانياً على مستوى أحزاب إقليم كردستان في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 10 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بحصوله على 14 مقعداً، بعد "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بزعامة مسعود البارزاني الذي حصد 31 مقعداً.


ذهاب الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الجلسة الأولى كان خطوة غير موفقة

الحوارات بين القوى الكردية بشأن الاستحقاقات المقبلة، ومنها اختيار رئيس الجمهورية، خصوصاً بين حزبي "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" وصلت إلى مراحل متقدمة، قبل جلسة انتخاب رئيس البرلمان التي عُقدت يوم الأحد الماضي.

لكن الأمر اختلف بعد الجلسة التي شهدت انسحاب نواب "الاتحاد الوطني الكردستاني" لاعتراضهم على آلية التصويت، في حين مضى "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بالاقتراع لصالح رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونائبه الأول حاكم الزاملي، ونائبه الثاني شاخوان عبد الله، وهو من قيادات "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني".

موقف ضعيف للأكراد في بغداد

 

وحول هذه التطورات، أكدت مصادر سياسية مقرّبة من "الاتحاد الوطني الكردستاني" أن ما حدث في يوم الجلسة وذهاب "الديمقراطي الكردستاني" للتصويت منفرداً أثّرا على التفاهمات الكردية ـ الكردية السابقة، التي جرى خلالها الاتفاق على جميع القضايا التي تتعلق باستحقاقات قوى إقليم كردستان.

وأوضحت المصادر لـ"العربي الجديد" أن الحوارات المتعلقة بمنصب رئيس الجمهورية تأثرت هي الأخرى بما حدث في يوم الجلسة، الذي أضعف موقف الأكراد التفاوضي في بغداد بحسب اعتقاد الحزب.

وبيّنت المصادر أن "الوطني الكردستاني" ما يزال متمسكاً بمنصب رئيس الجمهورية، ولن يتخلى عنه، مؤكدة أن الأيام القليلة المقبلة ستشهد حوارات يخوضها وفد من الحزب في بغداد قبل أن يتم الإعلان عن مرشح رئاسة الجمهورية بشكل رسمي.

وأكد القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" محمود خوشناو اختلاف حزبه مع "الديمقراطي الكردستاني" بشأن ما جرى يوم الأحد الماضي. وأوضح في تصريحات صحافية أن ذهاب "الديمقراطي الكردستاني" إلى جلسة التصويت على رئاسة البرلمان جرى خارج ورقة العمل الكردستانية التي جرى الاتفاق عليها سابقاً.

وأضاف أن "ذهاب الحزب الديمقراطي الكردستاني للجلسة الأولى كان خطوة غير موفقة"، موضحاً أن برهم صالح هو أحد الأسماء المرشحة لرئاسة الجمهورية. وفي 5 يناير/كانون الثاني الحالي، أعلن حزب البارزاني عن توصله إلى اتفاق مع "الوطني الكردستاني" على تشكيل وفد كردي مشترك، يتولى مهمة التفاوض مع القوى العراقية الأخرى بشأن استحقاقات المرحلة المقبلة وحصة القوى الكردية منها.

من جهتها، أكدت مستشارة المكتب السياسي لـ"الاتحاد الوطني الكردستاني" ريزان شيخ دلير، في بيان مقتضب، أن مرشح حزبها الوحيد لرئاسة الجمهورية هو برهم صالح، من دون تبيان موقف بقية القوى الكردية من هذا الترشيح، في مؤشر على عدم وجود إجماع كردي على ترشيح صالح حتى اليوم.

في المقابل، يتحفظ "الحزب الديمقراطي الكردستاني" على ما يتم تداوله من أسماء لرئاسة الجمهورية، من دون وجود توافق بين القوى الكردية عليها.


توجه نحو عدم التجديد لبرهم صالح، على اعتباره بات من الوجوه القديمة

بدوره، اعتبر عضو البرلمان الجديد عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" ماجد شنكالي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "ملف رئيس الجمهورية مرتبط بالتوازنات السياسية وطريقة إدارة الدولة وإشراك الأكراد فيها، إضافة إلى قرارات المكاتب السياسية للحزبين في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني).

وبالتالي فإن الحديث عن اسم مرشح رئاسة الجمهورية حالياً لا تدعمه أي مواقف رسمية". وأشار إلى أن "الاتحاد الوطني شريك أساسي في إدارة إقليم كردستان، والأيام المقبلة ستشهد تواصلاً مهماً بين الحزبين قد يجرى في أربيل أو في السلمانية، من أجل توحيد البيت الكردي والاتفاق على مرشح رئاسة الجمهورية". وكشف عن وجود نية للاتحاد والذهاب إلى بغداد في وفد كردي واحد، وعدم تكرار الأخطاء الماضية.

لا عودة لتجربة 2018

أما المستشار السياسي السابق في رئاسة إقليم كردستان كفاح محمود، فقد لفت إلى أن "هناك اتفاقاً بين حزبي الديمقراطي والاتحاد على عدم تكرار تجربة 2018، حين اتفق الاتحاد مع أطراف سياسية من بغداد على القبول ببرهم صالح رغماً عن الديمقراطي الكردستاني، وجزء من الاتفاق الجديد هو أن يذهب الأكراد مجتمعين تحت سقف الأغلبية الوطنية".

وأكد في حديثٍ مع "العربي الجديد" أن "هناك توجهاً نحو عدم التجديد لبرهم صالح، على اعتباره بات من الوجوه القديمة، وأن عملية اختيار المرشح الجديد لمنصب رئيس الجمهورية ستكون ضمن صفقة يمكن اعتبارها مجموعة اتفاقات في سلة واحدة، منها طريقة توزيع الوزارات السيادية ورئاسة الجمهورية ومحافظ كركوك".

وكان البرلمان العراقي قد صوّت، يوم الأحد الماضي، على اختيار رئيس ونائبين لمجلس النواب، في أولى خطوات اختيار الرئاسات الثلاث (رئاسة البرلمان، رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة).

وبحسب الدستور العراقي، فإن الخطوة الثانية بعد التصويت على اختيار رئاسة البرلمان، تتمثل بالتصويت على المرشح لرئاسة الجمهورية خلال 15 يوماً، بعدها يقوم رئيس الجمهورية الجديد بتكليف مرشح الكتلة البرلمانية الكبرى بتشكيل الحكومة وتقديمها للبرلمان لنيل الثقة خلال شهر واحد بعد التكليف.

 

المساهمون