مفاوضات القاهرة: الاحتلال يرفض عودة المهجرين إلى الشمال ووقف إطلاق النار

04 مارس 2024
قيادي في حماس عن المفاوضات: الأمر أشبه بالتحرك في المكان (Getty)
+ الخط -

قيادي في حماس يبدي "عدم تفاؤله" بشأن "إمكانية التوصل لاتفاق

مفاوضات القاهرة: لا ضغوط أميركية حقيقة حتى الآن

عائق أساسي في مفاوضات القاهرة

أكدت مصادر مصرية مطلعة على مسار مفاوضات القاهرة حول الأزمة في قطاع غزة، أن "الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، لا يزال كل منهما متمسك بموقفه، ولا يريد تقديم أي تنازلات تساهم في الحل"، مضيفة أن "كلاً منهما يراهن على عامل الوقت".

وقالت المصادر إن "الترويج لأن هناك (تقدماً ملحوظاً) في المفاوضات، يبقى مجرد وسيلة (معنوية) هدفها الحفاظ على مسار المفاوضات الجارية، على أمل التوصل إلى (صفقة) قبل شهر رمضان" الذي يبدأ الأسبوع المقبل.

وفي الوقت الذي شدد فيه وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال استقباله سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة، اليوم الاثنين، على "حتمية تحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع، وإنفاذ التهدئة قبل شهر رمضان حتى يتسنّى زيادة تدفق المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة بالكميات الكافية لاحتياجات سكان القطاع"، وقال القيادي في حركة حماس، أسامة حمدان في تصريح، إن الحركة "تتحلى بالمرونة في التفاوض، حرصاً على شعبنا، ومستعدة للدفاع الكامل عنه".

من جهته، كشف قيادي بحركة المقاومة الإسلامية حماس، مطلع على مسار مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة تبادل الأسرى التي تجري في العاصمة المصرية القاهرة، عن أن "الاجتماع الأول بجولة المفاوضات الجديدة غير المباشرة التي تجري في القاهرة، لم يشهد أي اختراق للأزمة".

تحرك في المكان

وقال القيادي بالحركة، لـ"العربي الجديد"، إن "الأمر أشبه بالتحرك في المكان، في ظل الموقف الإسرائيلي (المراوغ)، وتحديداً موقف رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو الذي يتبع سياسة ممنهجة لاستمرار الحرب، حتى يجري تحقيق هدف رئيسي بالنسبة له، يتمثل بإزاحة أزمة القطاع، تمهيداً لخطوة جديدة في المشروع التوسعي الإسرائيلي، عبر إفراغ أكبر مساحة ممكنة من قطاع غزة من السكان، وتخفيض عدد سكانه البالغ نحو 2.4 مليون نسمة، عبر فرض معادلات جديدة، في مقدمتها الإبقاء على المناطق المتاخمة لمستوطنات الغلاف، خالية من السكان، مع الإبقاء كذلك على باقي مناطق الشمال، بأعداد سكان قليلة للغاية، وهو الأمر الذي تدركه المقاومة وترفض التجاوب معه وتتمسّك بإقرار مبدأ عودة السكان والمهجرين لمناطقهم دون قيد أو شرط".

وأبدى المصدر "عدم تفاؤله" بشأن "إمكانية التوصل لاتفاق في ظل عدم تحقق العتبة الرئيسية للصفقة"، قائلاً إنه "حتى الآن لا تزال النوايا الإسرائيلية مبيتة لاستئناف القتال بمجرد الانتهاء من تسلم الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة".

وأوضح القيادي في حماس أن "المقاومة قبلت بمبدأ المراحل في التفاوض، إدراكاً بأن معالجة ما حدث، لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة، ولكن ذلك مشروط ومرهون بالوقف الشامل لوقف إطلاق النار قبل إطلاق سراح آخر أسير لدى المقاومة".

وشدد المصدر على أن "كل ما يُثار بشأن ضغوط أو محاولات أميركية لتسهيل التوصل لاتفاق، (غير حقيقي)"، قائلاً إن "الإدارة الأميركية معنية فقط بتحقيق وقف القتال بشكل مؤقت، لتخفيف الضغط عن كاهلها، ومنح إسرائيل فرصة لمعالجة صورتها التي انهارت في الدوائر الغربية التي كانت طالما تدفع فيها بأنها في موقع هجوم دائم من قبل الفلسطينيين".

وتابع أن "الإدارة الأميركية ليست لديها غضاضة في استمرار القتل بعد ذلك، ولكن بعد امتصاص موجة الغضب الشعبي الدولي". مشيراً إلى أن "الإنزال الجوي الأميركي للمساعدات، هو تأكيد على النهج الداعم لإسرائيل، وليس لمد يد العون لأهل غزة الذين يواجهون حرب تجويع، كون من يملك الإنزال الجوي للمساعدات يملك كسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال على الشمال وإدخال المساعدات والغذاء".

وكشف المصدر عن أن "الأزمة الآن خلال عملية التفاوض، متوقفة عند رفض إسرائيل الوقف الشامل لإطلاق النار، ورفضها عدم عودة المهجرين من الجنوب إلى الشمال".

وحول المطلب الإسرائيلي الخاص بالحصول على قائمة بأسماء الأسرى الأحياء لدى المقاومة، قال القيادي الحمساوي، إنه "يظهر مدى المراوغة الإسرائيلية، ومحاولة نتنياهو الحصول على أي مسكّن لأزمته الداخلية مع عائلات الرهائن".

ولا يعوّل القيادي بالحركة كثيراً على الوصول لنتيجة في الوقت الحالي، طالما استمر الاحتلال ونتنياهو على موقفهم، قائلاً: "هم يريدون فقط الحصول على أسراهم، ومن ثم استكمال عمليات القتل والتهجير والتجويع".

وجدد المصدر رسالته للمجتمع الإسرائيلي بأنه "لن يخرج أي أسير على قيد الحياة من قطاع غزة، دون اتفاق مع المقاومة"، مشدداً في الوقت ذاته "على أنهم حريصون على أرواح الأسرى، بالقدر الذي يحرص فيه نتنياهو على التخلص منهم".

مفاوضات القاهرة: لا ضغوط أميركية حقيقية

وتعليقاً على مسار المفاوضات الجارية، قال الكاتب والمحلل السياسي، إياد القرا، لـ"العربي الجديد": إنه "من الواضح جداً جدية الوسطاء مصر وقطر والولايات المتحدة، في محاولة الوصول إلى اتفاق، وواضح أيضاً أن أميركا تريد اتفاقاً".

واستدرك القرا بالقول: "لكن في الوقت نفسه، حتى الآن لم تمارس واشنطن ضغوطاً حقيقية على الاحتلال للتقدم في هذه المفاوضات، خاصة أنه أجريت تعديلات في الجولة الثانية من لقاءات باريس، وهذا جزء مما يعطل التوصل لاتفاق، خاصة القضية المتعلقة بعودة النازحين من مناطق جنوبي قطاع غزة إلى الشمال، وهي قضية ملحة بالنسبة لحركة حماس، لأنها تتعلق بمئات الآلاف من المواطنين الذين يطالبون بألا يكون هناك اتفاق إلا بعودتهم إلى مناطقهم الشمالية".

 وأضاف القرا أنه "إذا ما تراجعت إسرائيل عن شرطها بعدم إعادة هؤلاء، ففي تقديري، أننا سنكون أمام اتفاق، لأنه سيكون حينها انسحاب الجيش الإسرائيلي من عمق المدن الفلسطينية، ومن تجمعات سكانية، والابتعاد عن محاصرة المدن الفلسطينية من الداخل، ويمكن بذلك أن تكون هناك حلول للذهاب إلى الاتفاق".

نتنياهو يراوغ

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، طلال عوكل، لـ"العربي الجديد"، إنه "بعيداً عن التفاصيل المتعلقة بنقاط الاختلاف، فالأصل أن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، ويحاول المراوغة واستفزاز المقاومة والوسطاء، من خلال مواصلة ارتكاب المجازر والتصعيد في الشمال، واستخدام التجويع، وإظهار الصمود في وجه الطلبات الأميركية، لكنه سيضطر للذهاب إلى اتفاق رغماً عنه، لأن وجود (الوزير في مجلس الحرب بيني) غانتس في أميركا وبعدها في بريطانيا، يشكل تهديداً له وحكومته".

وأوضح عوكل قوله: "بمعنى أن نتنياهو يخشى من أن أميركا قد تقرر العمل على الإطاحة به، فضلاً عن أن مجزرة الطحين أحرجت إسرائيل، وأعطت المقاومة المجال للتمسك بشروطها". مضيفاً أن "نتنياهو يلعب بالوقت، ولكن الأمر مرتبط بنوع وطبيعة الضغط الأميركي عليه".

عائق أساسي في مفاوضات القاهرة

من ناحيته، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إنه "محتمل الوصول إلى اتفاق خلال الجولة الحالية من التفاوض؛ لكنّ الأمر ليس أكيداً".

 وأوضح فايد أن "العائق الأساسي هو تمسك نتنياهو باشتراطات تجعل من الهدنة مجرد تهدئة لا تمنع الاحتلال من استكمال حربه بأساليب أخرى، فهو مثلاً يرفض سحب الجيش من داخل غزة، ويصرّ على بقاء قواته، مما سيجعلها هي المتحكم في حركة المواطنين والمساعدات، وبالتالي ستعتقل من تشاء، وربما تقتل أيضاً من تشتبه بهم، فضلاً عن منع السكان من العودة إلى مناطقهم".

وشدد فايد على أنه "إذا لم تمنح الهدنة للسكان، حرية الحركة ووصول كامل للمساعدات والمنازل المتنقلة وتوقف الاستهداف الجوي، فلا معنى لها"، وقال: "لا أدري إن كانت مسألة تبادل الأسرى قد اقتربت فيها وجهات النظر من حيث الأعداد ونوعياتهم، لكن مسألة سحب الجيش جوهرية".

 

 

المساهمون