معتدلو الجمهوريين إلى أفول: تزاحم لوراثة ترامب

03 سبتمبر 2021
يتقدم ديسانتيس في استطلاعات الرأي الرئاسية (Getty
+ الخط -

لا يزال دونالد ترامب صانع الملوك في الحزب الجمهوري، ومشروع مرشح لانتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2024، على الرغم من محاولة كثيرين داخل حزبه، القفز عنه، ومنافسة جاذبيته لدى الناخبين المحافظين. وبحسب مدير الحملات الجمهورية، بريت دوستر، في حديث لموقع "بوليتيكو"، فإن الكلّ ينتظر إذا ما سيكون ترامب خلف الباب، في الانتخابات النصفية بعد عام، أو في 2024. وإذا كان من المبكر التكهن بالوضع الذي سيكون عليه الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، عند الرئاسيات المقبلة، ينبئ التحول الذي طرأ على المحافظين خلال السنوات الماضية، بأن هذا الحزب يتجه سريعاً إلى معسكر أكثر تشدداً، ومنتقلاً خلال فترة لا تتجاوز العقدين مما أرساه جناح "حزب الشاي" داخل الحزب، إلى حزب "أميركا أولاً"، الذي ستلمع فيه أسماء كثيرة، على ظهر ترامب وبفضله.

يعقّد حكّام جمهوريون عمليات الإجهاض ويسهّلون حمل السلاح

ومن عرقلة أي تحقيق مستقل في أحداث 6 يناير/كانون الثاني الماضي، حين اقتحم مناصرو ترامب مقر الكونغرس للاعتراض على فوز منافسه جو بايدن، إلى المبادرات التي بدأت تتخذها ولايات عدة يسيطر عليها الجمهوريون لإلغاء أساليب تصويت في الانتخابات مفضلة لدى المؤسسات الديمقراطية، والضغط على مسؤولين إداريين عن الانتخابات، إضافة إلى التشدد في الأجندة المحافظة المتعلقة بالإجهاض وحمل السلاح، تسعى بعض الوجوه الجمهورية إلى استنساخ خطاب ترامب، بل تجاوزه، في محاولة لاستعادة تجربة نجوميته، وتحوله إلى أيقونة لدى شريحة واسعة من القاعدة الجمهورية.

 

ورأى موقع "بوليتيكو" في تقرير نشره أمس الخميس، أنه إذا كان الشيوخ الجمهوريون في الكونغرس، يبدون اليوم متشددين، فـ"علينا أن ننتظر نتائج الانتخابات النصفية المقبلة لنفهم معنى التشدد". ولفت الموقع إلى أن خمس ولايات يذهب أعضاء مجلس الشيوخ الحاليون المنتخبون عنها للتقاعد، وهي بنسلفانيا وكارولينا الجنوبية وأوهايو وميزوري وألاباما، تتربع على لائحة المتنافسين فيها أسماء متشددة، بدعم من مؤيدي ترامب، والذين يشكلون الأغلبية. وفي بنسلفانيا، أعلن ترامب أول من أمس الأربعاء، دعمه لترشح العسكري المتقاعد شون بانيل لـ"الشيوخ"، قائلاً إنه "سيكون أميناً على أميركا أولاً".

وأشار "بوليتيكو" إلى أنه بالإضافة إلى السيناتورات الخمسة المغادرين في 2022، فإن الأسئلة تدور حول خطط ثلاثة آخرين، من المعتدلين، وهم جون تون عن داكوتا الجنوبية وليزا موركوفسكي عن ألاسكا وتشاك غراسلي عن أيوا، الذين لم يعلنوا بعد إعادة ترشحهم للانتخابات النصفية رسمياً. ويعدّ تون وموركوفسكي من أشد المعارضين لترامب، الذي أعلن دعمه للسياسة الجمهورية كيلي تشيباكا، لخلافة موركوفسكي. وأول من أمس أيضاً، أعلن كذلك دعمه للعسكري المتقاعد جو كنت، لمنافسة النائبة الجمهورية هيريرا بوتلر (واشنطن)، العام المقبل، رداً على تصويتها لعزله، وهو الدعم الثالث له لمرشحين لـ"النواب"، ويستهدف الإطاحة بمعارضين له من داخل حزبه.
إلى ذلك، يتنافس ثلاثة حكّام جمهوريين على وراثة ترامب، واستمالة القاعدة الناخبة للمحافظين، مع طرح مواضيع مكافحة الإجهاض أو رفع القيود عن حمل الأسلحة النارية، أو التصدي لإجراءات كورونا، على الرغم من عدم تأكيدهم طموحاتهم الرئاسية. ويطمح الحكام الثلاثة، وهم غريغ آبوت عن تكساس، ورون ديسانتيس عن فلوريدا، وحاكمة ولاية داكوتا الجنوبية كريستي نويم، لولايات جديدة في مناصبهم العام المقبل.

ووقع آبوت قانوناً مثيراً للجدل في تكساس، دخل حيّز التنفيذ أول من أمس، ويجعل الغالبية العظمى من عمليات الإجهاض غير قانونية. وفي اليوم نفسه، بدأ تطبيق 666 قانوناً جديداً في الولاية، بينها قانون يسمح لسكانها بحمل أسلحتهم النارية معهم في أي مكان من دون إذن خاص. من جهته، قام ديسانتيس بالحد من القيود المفروضة على حمل السلاح في فلوريدا، وعقّد إمكانية الإجهاض، بعدما كان فضّل أيضاً استئنافاً سريعاً للاقتصاد بعد الأشهر الأولى من الإغلاق في مواجهة كورونا.

تتشدد القاعدة الجمهورية حيال الصين، وتتمسك بحماية الحدود وحمل السلاح الفردي

أما كريستي نويم، فاحتلت مكانة بارزة في التجمعات الكبرى للمحافظين في الأشهر الأخيرة، مثبتة نفسها كمنافس محتمل. وأعلنت حاكمة داكوتا الجنوبية، من ولاية أيوا، المحطة التقليدية للمرشحين الذين يريدون التعبير عن اهتمامهم بالبيت الأبيض، أنها "تكره فعلياً" أميركا في ظل رئاسة بايدن. وتطرح نويم نفسها مدافعة كبرى عن الحرّية في مواجهة إجراءات كوفيد، وهي لم تتوان عن توجيه انتقادات لحكام جمهوريين آخرين، متهمة إياهم بـ"إعادة كتابة التاريخ" من خلال "الزعم" أنهم لم يغلقوا اقتصاداتهم خلال الوباء، ما رآه كثيرون موجهاً إلى ديسانتيس. كما يتطرق الحكام الثلاثة بانتظام الى القضايا الرئيسية الكبرى في السياسة الأميركية، مثل حقوق المتحولين جنسياً أو الإجراءات المناهضة للعنصرية التي يدافع عنها الديمقراطيون.

وأعلن ترامب من الآن دعمه لغريغ آبوت، في استحقاق الانتخابات النصفية، واصفاً إياه بـ"المحارب"، لكنه لم يبدِ دعماً للحاكمين الآخرين. رئاسياً، يبدو رون ديسانتيس، "الرجل العظيم" كما يصفه ترامب، الأفضل في استطلاعات الرأي غير الرسمية التي يجريها الجمهوريون، والتي لا تأخذ بالاعتبار دونالد ترامب.

ورأى الخبير الاستراتيجي الجمهوري جون فيهيري، في حديث لـ"فرانس برس"، أن "السؤال ليس من سيحل محل ترامب، لكن من هو في وضع أفضل لجذب ناخبي ترامب"، متسائلاً "من يستطيع أن يوصل بشكل أفضل صوت ناخبين من العمال، يشعرون بازدراء المؤسسة السياسية لهم؟ من يمكن أن يفوز بنسبة مشاهدي قناة فوكس" القريبة من المحافظين. وبحسب فيهيري، فإن المهم بالنسبة للمرشحين الجمهوريين، هو "البقاء في حظوة ترامب وعدم عزل" ناخبيه. لكن كل التوقعات ستبقى نظرية إذا دخل ترامب السباق. وقال "أعتقد أن ترامب سيترشح مرة أخرى وسيفوز بتسمية حزبه".

من جهته، لفت الخبير السياسي، كايل كونديك، للوكالة، إلى أن "هؤلاء الحكام الثلاثة سعوا إلى الشجار مع اليسار في مناسبات عدة، وأعتقد أن مؤيديهم يقدرون ذلك". وفي "بوليتكو"، رأى رئيس الحزب الجمهوري في كارولينا الشمالية، مايكل واتلي، أن ترامب "أعاد تشكيل الحزب الجمهوري، نحن اليوم حزب الياقات الزرق، حزب أميركا أولاً". ولفت إلى "أننا اليوم متشددون حيال الصين، نريد حماية الحدود، نحارب من أجل التعديل الثاني (حمل السلاح الفردي)، إنها أجندة شعبية كبيرة تشدد عليها القاعدة".

المساهمون