انعكس الهجوم الحوثي الواسع على مدينة مأرب النفطية، شرقي اليمن، بشكل سلبي على مفاوضات ملف الأسرى التي رعتها الأمم المتحدة بين طرفي النزاع طيلة شهر كامل، وتم رفعها اليوم الأحد من دون إحراز أي تقدم.
وأكد مصدر مقرب من المفاوضات، لـ"العربي الجديد"، أن الجولة التي استضافها الأردن منذ 23 يناير/كانون الثاني الماضي انتهت من دون نتائج حقيقية، إثر التطورات السياسية والعسكرية الحاصلة في اليمن، لافتاً إلى "وجود نقاشات يمكن البناء عليها مستقبلا"، من دون إضافة المزيد من التفاصيل.
وقال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، مارتن غريفيث، في بيان: "أشعر بخيبة أمل لأن هذه الجولة من المحادثات لم ترق إلى ما رأيناه في سويسرا في سبتمبر/أيلول الماض، والذي أسفر عن الإفراج التاريخي عن 1056 معتقلا".
وأضاف "أحث الطرفين على مواصلة مناقشاتهما ومشاوراتهما، والانتهاء من تنفيذ ما اتفقا عليه، وتوسيع الترتيبات اللازمة للإفراج عن المزيد من المحتجزين قريبا. وأكرر دعوتي إلى الإفراج غير المشروط عن جميع المحتجزين المرضى والجرحى والمسنين والأطفال، فضلا عن المدنيين المحتجزين، بمن فيهم النساء والصحافيون".
وتبادل طرفا الأزمة اليمنية الاتهامات وراء فشل الجولة التي كان من المقرر أن تسفر عن تنفيذ تفاهمات سابقة تقضي بتبادل 300 أسير ومعتقل من الجانبين، بينهم شقيق الرئيس اليمني اللواء ناصر منصور هادي.
واتهم مصدر في الوفد الحكومي المفاوض جماعة الحوثيين بتعمد إفشال الجولة، وذلك من خلال القفز على تفاهمات "اتفاق عمان 3" الذي ينص على تبادل 300 أسير والمطالبة بأسماء وقوائم جديدة، بعضها وهمية.
وقال المصدر في تصريحات لـ"العربي الجديد": "الوفد الحوثي رفض إدراج الصحافيين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام في الصفقة الجديدة، وأصر على الانتقال إلى اتفاقات جديدة، من دون تنفيذ ما تم الاتفاق عليه قبل عام".
وأكد المصدر أن مكتب المبعوث الأممي مارتن غريفيث لم يحدد لأطراف النزاع اليمني أي موعد لجولة مفاوضات جديدة في الملف الإنساني، الذي كان قد حقق اختراقاً هاماً منتصف أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، وذلك بتبادل 1056 أسيراً من الجانبين.
في المقابل، اتهم كبير المفاوضين الحوثيين في ملف الأسرى عبد القادر المرتضى الجانب الحكومي بالتسبب في إفشال مشاورات الأردن، وهو ما أدى إلى رفعها من دون إحراز أي تقدم.
وذكر المرتضى، في تغريدة على تويتر، أن الوفد الحوثي "حاول بكل الطرق إنجاح الجولة، وقدّم عدداً من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى".
انتهت المفاوضات على ملف الاسرى في العاصمة الاردنية (عمّان) دون احراز اي تقدم بسبب تعنت قوى العدوان ومرتزقتهم.
— عبدالقادر المرتضى (@abdulqadermortd) February 21, 2021
حاولنا بكل الطرق ٳنجاحها وقدمنا عدد من المقترحات المنصفة لتجاوز الخلافات لكن دون جدوى.
ولم يصدر أي تعليق رسمي عن مكتب المبعوث الأممي حول فشل مفاوضات الأسرى، وما إذا كانت الأمم المتحدة ستعلن عن جولة قادمة بالملف أم أنها ستعمل على المضي في سبيل إيجاد حل شامل للأزمة اليمنية بشكل عام، من دون الذهاب إلى حلول جزئية أو إجراءات بناء ثقة، كما كانت خططها سابقاً.
وكان المبعوث الأممي مارتن غريفيث قد ندد، في وقت سابق الأحد، بالقصف المدفعي الذي طاول أحياء سكنية في مدينة تعز أمس السبت، وأسفر عن مقتل طفل وجرح آخرين. ووصف غريفيث، في بيان صحافي على تويتر، "الهجمات على المدنيين بأنها انتهاك للقانون الإنساني الدولي، ويجب التحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها".
غريفيث: "أدين اعتداء الأمس على منطقة سكنية في #تعز والذي أسفر عن مقتل طفل وجرح آخرين. يستحق أطفال #اليمن العيش بسلام وأمان. الهجمات على المدنيين انتهاك للقانون الإنساني الدولي، يجب التحقيق فيها ومحاسبة مرتكبيها"
— @OSE_Yemen (@OSE_Yemen) February 21, 2021
مقتل 70 حوثياً في هجمات انتحارية
على الصعيد الميداني، شهدت الأطراف الغربية لمحافظة مأرب معارك ضارية، بعد هجمات حوثية جديدة على مواقع القوات الحكومية في جبهة المشجح، التي تسعى المليشيا للتوغل منها إلى مناطق الحكومة المعترف بها دولياً، بعد فشل محاولات التسلل من مناطق الكسارة وصرواح.
وقال الجيش الوطني، في بيان صحافي وصل إلى "العربي الجديد"، إن قواته مسنودة بالمقاومة الشعبية، صدت هجمات حوثية متتالية هي الأعنف على جبهات المشجح وهيلان والكسارة.
وأشار البيان إلى أن المعارك أسفرت عن مقتل 70 عنصرا حوثياً على الأقل، فضلاً عن عشرات الجرحى والأسرى، وإعطاب 7 دوريات وعربات عسكرية.
ولم يتسن لـ"العربي الجديد" التحقق من تلك الأرقام التي أعلنتها القوات الحكومية، لكن وسائل إعلام حوثية أذاعت اليوم بيانات تشييع 15 عسكرياً في محافظة حجة، شمالي البلاد، غداة تشييع 28 ضابطا في صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة، ما يكشف حجم النزيف البشري الهائل جراء معارك مأرب.
#مارب
— المركز الإعلامي للقوات المسلحة #اليمن (@Yem_army_media) February 21, 2021
قوات الجيش الوطني مسنودة بالمقاومة الشعبية، كسرت عدّة هجمات انتحارية شنتها مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، في عدة جبهات غرب محافظة مارب.
اتهامات للحوثيين بـ"تجنيد نساء"
في السياق، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين بتجنيد نساء وأطفال لتنفيذ أعمال إرهابية في محافظة مأرب، بهدف قتل المدنيين والطواقم الطبية، وذلك بعد أيام من اتهامات حوثية للحكومة الشرعية باختطاف 7 نساء داخل مدينة مأرب.
وقال مدير عام شرطة مأرب يحيى حُميد، في مؤتمر صحافي، إن تحقيقات الأجهزة الأمنية مع عدد من الخلايا التابعة لمليشيا الحوثي، التي تم ضبطها، كشفت أن جهازاً سرياً خاصاً تابعاً لزعيم الحوثيين ينشط في كثير من الأحيان تحت لافتة منظمات إغاثية ومدنية، ويقوم باستقطاب واستدراج النساء من الأسر الفقيرة وتجنيدهن أمنياً وتدريبهن على تنفيذ أعمال إرهابية.
وأشار المسؤول الأمني إلى أنه تم إرسال النساء لتنفيذ عمليات في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية ومحافظة مأرب بشكل خاص، بعد توريطهن بمستمسكات غير أخلاقية ضاغطة عليهن لضمان عدم تراجعهن وتنفيذ الأعمال الإرهابية المطلوبة منهن.
شرطة محافظة #مأرب في مؤتمر صحفي تكشف عن جانب من الأدلة الموثقة عن تجنيد مليشيا الحوثي الإرهابيةنساء وأطفال في مناطق سيطرتها عبر جهاز متخصص لتنفيذ أعمال إرهابية في محافظة #مأرب تستهدف قتل المدنيين والطواقم الطبية وتتطابق مع بصمة الاعمال الارهابية للقاعدة وداعش #Marib #Yemen pic.twitter.com/N925HjgDRo
— محافظة مأرب (@Marib_gov) February 21, 2021
وعرض مدير شرطة مأرب نموذجاً لاعترافات إحدى النساء التي تم إرسالها إلى المحافظة من قبل قيادة المليشيا بعد تدريبها وتمويلها لتنفيذ عمليات إرهابية، وفي مقدمتها زرع العبوات الناسفة لتفجير الصالة الرياضية بمدينة مأرب التي يسكنها مئات الجرحى من منتسبي الجيش الوطني والمقاومة.
ولم يصدر أي تعليق فوري من جماعة الحوثيين على الاتهامات الحكومية، أو ما ورد في اعترافات إحدى النساء المتهمة بانخراطها ضمن خلية تم تكليفها بتنفيذ هجمات داخلية بالتزامن مع الهجوم البري على المدينة من الأطراف الغربية.
خيبة أمل أممية
وفي وقت لاحق من مساء الأحد، أعرب المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث عن "خيبة أمله" من النتائج التي انتهت إليها مفاوضات الأسرى بالأردن، وحث الأطراف على الاستمرار في النقاشات وتوسيع نطاق الترتيبات لإطلاق سراح المزيد من المحتجزين في القريب العاجل.
وقال غريفيث، في بيان صحافي وصل إلى "العربي الجديد"، "كان مخيبًا للآمال انتهاء هذه الجولة من المحادثات من دون الوصول إلى ما يماثل النتيجة التاريخية للاجتماع الذي انعقد في سويسرا في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، والذي أسفر عن إطلاق سراح 1056 محتجزاً".
وعلى الرغم من تعثر الجولة الخامسة من مفاوضات الأسرى، إلا أن المبعوث الأممي كشف أن طرفي النزاع "أعلنا التزامهما بالاستمرار في مناقشة مُحَدِدات عملية مستقبلية موسَّعة لإطلاق سراح المحتجزين".
وجدد غريفيث دعوته لإطلاق سراح جميع المحتجزين من المرضى والجرحى وكبار السن والأطفال، والمحتجزين المدنيين، بما يتضمن النساء والصحافيين فوراً من دون قيد أو شرط" .