معارك الموصل: تقدم في الساحل الأيسر وتحذيرات إنسانية

10 ديسمبر 2016
مئات آلاف الأشخاص بحاجة لمساعدات (محمود السامرائي/فرانس برس)
+ الخط -
نجحت القوات العراقية مدعومة بغطاء جوي كثيف من مقاتلات التحالف الدولي، في بسط سيطرتها على حي الزهور، أكبر أحياء الضفة اليسرى لمدينة الموصل. وجاء ذلك بعد معارك استمرت نحو 24 ساعة، تكبّدت فيها القوات العراقية وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) خسائر بشرية ومادية كبيرة، لينسحب على إثرها التنظيم من الحي مخّلفاً وراءه ما يُطلِق عليهم "سرية الانغماسيين" الذين يختفون داخل المنازل والمباني ليفجروا أنفسهم في قوات الجيش كلما سنحت الفرصة لذلك، في سيناريو مكرر مع كل حي يضطر التنظيم للانسحاب منه.
وقال العميد رياض الحمداني، من قيادة عمليات نينوى الفرقة 16، إن القوات العراقية دخلت الحي أمس الجمعة وبسطت سيطرتها عليه وتعمل على تفتيش واقتحام المباني السكنية والحكومية. وأوضح الحمداني لـ"العربي الجديد"، أن "السيطرة على الحي ستتيح طريقاً أكثر سهولة إلى ضفاف دجلة"، مضيفاً: "سنقوم بتأمينه بشكل كامل لمنع عودة داعش إليه، فيما التفجيرات الحالية داخل الحي هي نتاج الانتحاريين المختبئين، ونحن أكثر حذراً في التحرك".
من جهته، قال مسؤول كبير في جهاز مكافحة الإرهاب لـ"العربي الجديد"، إن القوات العراقية باتت على مشارف حي النور والمشراق في الساحل الشرقي لكنها لن تتقدّم قبل تثبيت مواقعها في حي الزهور والبريد شرق وجنوب شرق الموصل. وأكد المسؤول الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "التقدّم كان جيداً بشكل واضح" أمس الجمعة، مضيفاً أن "داعش بات يجبر السكان على الخروج من منازلهم في كل حي يقرر الانسحاب منه، ومن لا يرضخ لأوامره فإنه يُقتل أو يُعذب، معتبراً أن "التنظيم يحاول أن يحتمي آخر المطاف بخزانات بشرية كبيرة من المدنيين".
وفي السياق نفسه، أعلن ضابط في قيادة شرطة محافظة نينوى، لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الشرطة تمكّنت من انتشال جثث عشرات المدنيين من تحت أنقاض منازل عدة في المناطق المحررة في شرق مدينة الموصل". وأوضح أن "الضحايا قُتلوا بسبب القصف العنيف الذي تعرضت له مناطقهم، وكذلك بسبب قيام تنظيم داعش بتنفيذ عمليات انتحارية بعربات مفخخة وسط الأحياء السكنية المأهولة بالسكان".
كما أعلن المتحدث باسم قيادة الفرقة التاسعة في الجيش العراقي العقيد سعد خلف لـ"العربي الجديد"، أن قوات الفرقة التاسعة المدرعة تواصل عملياتها العسكرية في مناطق جنوب شرق الموصل وتتقدّم في أحياء السلام والوحدة بهدف إكمال السيطرة على الحيين. وأشار خلف إلى أن "قوات الجيش نفذت انسحاباً تكتيكياً من مبنى مستشفى السلام الذي سيطرت عليه قبل يومين، وأعادت قواتها مسافة مائة متر تقريباً، بسبب قيام عناصر داعش بهجمات انتحارية متواصلة استهدفت مبنى المستشفى وقوات الجيش المتواجدة حوله، ما دفع قيادة الجيش للانسحاب قليلاً إلى الوراء للسماح للقوة الجوية العراقية وطيران التحالف بالقضاء على عربات داعش المفخخة وتدمير دفاعات التنظيم في المنطقة".


وفي محور جنوب الموصل، أعلن المتحدث باسم قيادة الشرطة الاتحادية العقيد رحمن مشاوي، لـ"العربي الجديد"، أن قوات الشرطة الاتحادية اشتبكت مع عناصر في تنظيم "داعش" حاولوا التعرض لقوات الشرطة الاتحادية في قرية أبو سيف جنوب الموصل، مضيفاً أن "قوات الشرطة تمكّنت من القضاء على عناصر التنظيم، وتنفذ عمليات قصف مكثف تستهدف خطوط دفاعه استعداداً لشن عملية عسكرية وشيكة بهدف السيطرة على مناطق جنوب الموصل والتي تتضمن مطار الموصل الدولي".
أما في المحور الغربي، فأعلن مكتب الإعلام الحربي لمليشيات "الحشد الشعبي" في بيان، أن "قوات الحشد نجحت في السيطرة على ناحية تل عبطة جنوب مدينة تلعفر بعد هجوم نفذته من ثلاثة محاور ومعارك شرسة خاضتها قوات الحشد مع عناصر داعش الذين كانوا متحصنين بشكل جيد في المنطقة". ووصف بيان "الحشد" منطقة تل عبطة بأنها "مفرق استراتيجي مهم على عدة مناطق وأقضية هامة ما زال يسيطر عليها تنظيم داعش، منها منطقتا الحضر والبعاج". كما أشار البيان إلى أن "مرحلة الهجوم على تل عبطة سبقتها مرحلة عزل المنطقة عن بلدات الحضر والقيروان المجاورتين تمهيداً لمحاصرة هذه البلدات والسيطرة عليها في المرحلة المقبلة".
وفي محور شمال الموصل، أعلنت قيادة الفرقة 16 في الجيش العراقي في بيان نقله المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول، أن "قيادة الفرقة 16 في الجيش العراقي دخلت الأحياء الشمالية الشرقية لمدينة الموصل من المحور الشمالي وتستعد لاقتحام أحياء الموصل الشمالية لتحقيق تماس مباشر مع قطعات الجيش العراقي وقوات البشمركة وقوات جهاز مكافحة الإرهاب في مناطق شرق وشمال شرق الموصل".
وشنّت قوات الجيش في المحور الشمالي عملية عسكرية واسعة خلال اليومين الماضيين بهدف تطهير المناطق والقرى الواقعة شمال حي الزهراء في مدينة الموصل. وقال مصدر عسكري في الفرقة 16 في الجيش العراقي لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الجيش تطوق حالياً قرية قرة تبة المجاورة لمدينة الموصل في المحور الشمالي بهدف السيطرة عليها في الأيام المقبلة، ثم التوجّه للسيطرة على قرية جوري غريبان المجاورة لها". وأضاف المصدر أن "أهمية العملية العسكرية في محور شمال الموصل تكمن في تحقيق تماس مع قوات الجيش العراقي وقوات البشمركة المتواجدة في بعشيقة وقوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تقوم حالياً بتطهير أحياء شرق الموصل".
وحول الأوضاع الإنسانية لسكان مدينة المواصل والنازحين منها، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في العراق في بيان وصلت "العربي الجديد" نسخة منه، أن "عدد النازحين من مدينة الموصل تجاوز الاثنين وثمانين ألفاً، وأن هناك مئات آلاف الأشخاص من المناطق التي تمت استعادتها أخيراً بحاجة إلى مساعدات عاجلة ضرورية". وأضاف المكتب أنه "مع استمرار وجود ما يقارب مليون شخص في مدينة الموصل لا يمكن الوصول إليهم لإيصال المساعدات الإنسانية، فإن القلق تجاه سلامتهم ما يزال قائماً، إضافة إلى التقارير التي تتحدث عن استمرار حاجة هؤلاء إلى الماء والغذاء"، مؤكداً أن "ثمانية آلاف شخص فقط من النازحين تمكنوا من العودة إلى مناطقهم في المناطق المحررة في شرق مدينة الموصل وجنوبها".