مظلمة القضاة المعزولين في تونس تتواصل بعد عام على إنصافهم قانونياً

12 اغسطس 2023
لا تزال قضية 57 قاضياً عزلهم سعيّد تراوح مكانها رغم إبطال قراره (Getty)
+ الخط -

لا تزال قضية القضاة التونسيين الـ57 الذين عزلهم الرئيس قيس سعيّد بجرة قلم تراوح مكانها، رغم قرار المحكمة الإدارية إعادة أغلب القضاة المعفيين إلى مناصبهم وإبطال قرار سعيّد.

ففي 1 يونيو/حزيران 2022، أصدر الرئيس التونسي مرسوماً رئاسياً بإعفاء 57 قاضياً، سبقه مرسوم يقضي بتعديل القانون المتعلق بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء (الذي عيّنه بعد حلّ المجلس المنتخب)، بشكل يسمح له بإعفاء كل قاضٍ تعلقت به "شبهة فساد".

ونصّ التعديل الذي نُشر في الجريدة الرسمية، على أنه "يحق لرئيس الجمهورية، في صورة التأكّد أو المساس بالأمن العام أو بالمصلحة العليا للبلاد، إصدار أمر رئاسيّ يقضي بإعفاء كلّ قاض تعلّق به، ما من شأنه أن يمس بسمعة القضاء أو استقلاليته أو حُسن سيرته".

ولجأ غالبية القضاة المعفيين إلى القضاء الإداري. وفي 10 أغسطس/آب 2022، قررت المحكمة الإدارية إعادة غالبية هؤلاء إلى مناصبهم، وإبطال قرار سعيّد.

واعتبر رئيس جمعية القضاة التونسيين، أنس الحمادي وقتها، قرار المحكمة الإدارية "تاريخياً وإيجابياً"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "صدور قرار بإيقاف تنفيذ إعفاء عدد كبير من القضاة المشمولين بالإعفاء، هو تتويج لمسيرة نضالية على جميع المستويات".

واليوم، وبعد عام من قرار المحكمة الإدارية، ترفض السلطات التونسية تنفيذه، وتمتنع عن إنصاف القضاة المعفيين أو إعادتهم إلى عملهم، في سابقة هي الأولى من نوعها.

وفي هذا السياق، أكد الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء، يوسف بوزاخر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عدم تنفيذ هذا القرار يعود إلى رفض السلطة التنفيذية لذلك، وهي التي امتنعت عن إعادة القضاة إلى عملهم، مبيناً أن عدم تنفيذ الأحكام الجزائية مخالف للقانون، وهو من قبيل الفساد، ويُعتبر جريمة حسب المجلة الجزائية.

تقارير عربية
التحديثات الحية

وأوضح أنهم "تقدموا بشكاوى في هذا الخصوص، ولكنها للأسف مجمدة"، مبيناً "أننا في حالة غياب القانون، ولسنا في دولة القانون، بل في إطار السلطة التنفيذية المتسلطة التي لا تحترم أحكام القضاء". وأضاف بوزاخر أن "تنفيذ أحكام القضاء هو الذي يؤكد إن كنا ضمن دولة القانون أو لا، لأن المظلوم يتجه نحو القضاء بحثاً عن الإنصاف، ليقول القضاء الكلمة الفصل، ولكن الكلمة الفصل في ملف القضاة المعفيين بيد رئيس الجمهورية".

وتابع أن "الوضع عالق، فالمحكمة الإدارية أعادت القضاة لعملهم، ولكنهم لم يباشروه لغاية اليوم، لأن السلطة التنفيذية ترفض التطبيق، في خطوة تسلطية لا مبرر لها".

ولفت إلى أنه "مرت سنة على عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية، ولا يوجد أي مبرر لذلك"، مؤكداً أن "الحكم غير قابل للطعن بأي وجه من الوجوه، وليس هناك تفسير قانوني أو واقعي لعدم التطبيق، والمفروض تنفيذه، ولكن لم يتم ذلك لأننا خارج إطار القانون، وخارج تنفيذ أحكام القضاء"، معتبراً أن "السلطة التنفيذية تقف وراء كل هذا الإشكال، وعليها إيجاد حل".

من جهته، رأى القاضي عفيف الجعيدي أن "عدم إنصاف القضاة المعفيين يعود إلى رفض السلطة التنفيذية تنفيذ قرار المحكمة الإدارية"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة التونسية سبق أن تعهدت بذلك في إطار المراجعة الدورية لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في دورته الـ51 المنعقدة بجنيف، حيث أقرت الدولة التونسية في جلسة 13 سبتمبر/أيلول 2022 بصدور قرارات قضائية لفائدة القضاة المعفيين، وبالتزامها باحترام استقلال القضاء، والقرارات القضائية، وتعهدت بالتطبيق، ولكن لا تنفيذ لغاية الآن".

وأوضح أن "هذه المسألة بيد السلطة التنفيذية، وهذا أمر واقع يتم التعامل معه"، مبيناً أن "الوضع غير عادي بمرور عام على عدم تنفيذ قرار من المحكمة الإدارية".

المساهمون