مطارات مولدوفا تدخل الصراع الأوكراني الروسي؟

11 اغسطس 2024
جنود مولدوفيون في بولبواكا، 16 مايو 2024 (ويل باكستر/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **تدريبات "الدرع الناري 2024" في مولدوفا**: بدأت في 5 أغسطس وتستمر حتى 23 أغسطس، بمشاركة عسكريين أميركيين ورومانيين، بهدف تعزيز القدرات العملياتية وتطابق القوات المشاركة، وتثير تساؤلات حول تأثيرها على الانتخابات الرئاسية المولدوفية المقبلة.
- **الشائعات حول استخدام المطارات المولدوفية**: نفت وزارة الدفاع المولدوفية شائعات استخدام الطائرات الأوكرانية للمطارات المولدوفية، واعتبرها أندريه أندرييفسكي جزءاً من حملة الانتخابات الرئاسية.
- **التوترات الإقليمية والمخاوف من التصعيد**: يرى قسطنطين بلوخين أن واشنطن تسعى لتكوين صف ثانٍ من الدول المعادية لروسيا، وحذر أناتول بلوغارو من أن فوز ساندو قد يجعل مولدوفا طرفاً في النزاع الإقليمي.

بدأت في جمهورية مولدوفا السوفييتية السابقة تدريبات "الدرع الناري 2024" التي انطلقت في 5 أغسطس/آب الحالي وتستمر حتى 23 من الشهر ذاته، بمشاركة عسكريين أميركيين ورومانيين. واللافت أن التدريبات الجارية في مولدوفا تزامنت مع تسلّم أوكرانيا المجاورة مقاتلات "أف 16" من شركائها الغربيين، والتوغل الأوكراني غير المسبوق في العمق الروسي بالمناطق الحدودية في مقاطعة كورسك، الواقعة تحت تأثير معارك طاحنة منذ أيام عدة. وفي موازاة ذلك، بدأ العد التنازلي للانتخابات الرئاسية المولدوفية والاستفتاء على العضوية في الاتحاد الأوروبي المقرر إجراؤهما في 20 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وسط تساؤلات حول ما إذا كانت إعادة انتخاب المرشحة الأوفر حظاً، الرئيسة الحالية الموالية لأوروبا، مايا ساندو، ستؤدي إلى مزيد من التقارب بين كيشيناو (عاصمة مولدوفا) والغرب. وذلك في مقابل بروز تحذيرات من مغبّة انزلاق مولدوفا إلى الضلوع المباشر في حرب جارتها أوكرانيا مع روسيا.


أندريه أندرييفسكي: تدريباتنا مع الأطلسي لا تعني انضمامنا إليه

مطارات مولدوفا

في هذه الأثناء، انتشرت شائعات مفادها بأن الطائرات الأوكرانية قد تهبط في المطارات المولدوفية للتموين بالوقود، وحتى استخدامها للإقلاع وقصف الأراضي الروسية، وسط تداول أنباء غير مؤكدة رسمياً حول عودة مقاتلات "أف 16" إلى مولدوفا، بعد تحليقها فوق مقاطعة أوديسا الساحلية الأوكرانية. وأعلنت وزارة الدفاع المولدوفية، الاثنين الماضي، عن انطلاق تدريبات "الدرع الناري 2024" بمشاركة الولايات المتحدة ورومانيا، باستخدام المعدات العسكرية والنظم المدفعية التابعة للجيش المولدوفي، والهدف المعلن منها هو "الارتقاء بالقدرات العملياتية وتطابق القوات المشاركة"، علماً أن تدريبات "الدرع الناري" الجارية سنوياً منذ عام 2015، مدرَجة ضمن خطة تدريب الجيش الوطني المولدوفي. ومن العوامل التي تزيد من مخاطر فتح جبهة جديدة في مولدوفا، أن قوات حفظ السلام الروسية موجودة في إقليم ترانسنيستريا، الموالي لموسكو الواقع في شرق البلاد والخارج عن سيطرة كيشيناو، في ما يشبه من الوهلة الأولى الوضع في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا بين عامي 2014 و2022. وتبلغ مساحة ترانسنيستريا 4136 كيلومتراً مربعاً من أصل 33843 كيلومتراً مربعاً هي مساحة مولدوفا.

ومع ذلك، شكك رئيس تحرير موقع أفا الإخباري المولدوفي، أندريه أندرييفسكي، في دقة المزاعم بشأن قابلية انخراط مولدوفا في المواجهة مع روسيا، معتبراً إياها تندرج ضمن حملة الانتخابات الرئاسية وسعي القوى الموالية لروسيا للتشهير بساندو. وقال أندرييفسكي لـ"العربي الجديد": "هذه ليست أول مرة تُجري فيها مولدوفا تدريبات مشتركة مع دول حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهي لا تعني انضمامنا إلى كتلة الحلف، وإن كانت لا تخلو من رسائل الضغط النفسي والسياسي على موسكو من قبيل (إذا هاجمتم مولدوفا، فالناتو سيدافع عنها)، رغم أنني أشكك في جاهزية الأطلسي لذلك". وكذّب أندرييفسكي الشائعات حول استخدام مقاتلات "أف 16" الأوكرانية للمطارات المولدوفية، مضيفاً: "هذا خبر كاذب لا يمتّ إلى الواقع بصلة، بل تتداوله الأحزاب المعارضة الموالية لروسيا للتشهير بالرئيسة ساندو والترويج لفكرة توريطها مولدوفا في الحرب وتعريض مواطني البلاد للخطر، وللتلاعب بذلك بالرأي العام". ودعماً لروايته، ذكّر أندرييفسكي بأن أوكرانيا عرضت على كيشيناو عدة مرات مساعدتها في تسوية الوضع في ترانسنيستريا باستخدام القوة، لإبعاد القوات الروسية عن الحدود من هذه الجهة، ولكن مولدوفا رفضت ذلك رسمياً، مشددة على عدم قبولها للحل العسكري.


لم يستبعد قسطنطين بلوخين احتمال قصف روسيا المطارات المولدوفية التي ستقلع منها "أف 16" الأوكرانية 

العداء لروسيا

وفي موسكو، رأى الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، أن واشنطن تسعى من خلال إجرائها تدريبات مع مولدوفا إلى تكوين صف ثانٍ من الدول المعادية لروسيا التي تتصدرها أوكرانيا على الجبهة الأمامية. وقال بلوخين لـ"العربي الجديد": "تسعى الولايات المتحدة إلى إعداد الصف الثاني من الدول، تحسباً لتوسع نطاق النزاع في أوكرانيا، والذي يضم مولدوفا ورومانيا وبولندا وجمهوريات البلطيق الثلاث، لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، التي تنظر إليها واشنطن على أنها نوع من المنطقة العازلة في الجوار الروسي". ولم يستبعد احتمال أن تبدي القيادة الروسية إرادة سياسية لقصف المطارات المولدوفية التي ستقلع منها "أف 16" الأوكرانية في حال تأكدت صحة مثل هذه الخطط.

من جهته، ادّعى وزير الأمن المولدوفي الأسبق، أناتول بلوغارو، المعروف بانتقاده للسلطة الحالية، أن ساندو وقّعت في وقت سابق على وثائق سرية مع أوكرانيا ورومانيا لتوفير أراضٍ لهما لأغراض عسكرية، محذراً من أن فوز ساندو بالانتخابات الرئاسية سيجعل مولدوفا طرفاً في النزاع في المنطقة. ولم يستبعد بلوغارو، في حديث لصحيفة نيزافيسيمايا غازيتا الروسية، احتمال استخدام الطيارين الأوكرانيين المطار العسكري المولدوفي في مدينة ماركوليشتي ومطارات أخرى سيتم بناؤها بالقرب من كيشيناو. وأضاف: "لا يزال خطر أعمال القتال في مولدوفا قائماً طالما تبقى ساندو رئيسة، ولديها كافة الفرص للفوز بالانتخابات الرئاسية في الخريف المقبل". ورغم أن الدستور المولدوفي ينص على الوضع المحايد للدولة، إلا أن كيشيناو تتعاون مع حلف شمال الأطلسي في إطار الخطة الفردية للشراكة منذ عام 1994. وبعد انتخاب ساندو في نهاية عام 2020، ازدادت كثافة إجراء التدريبات العسكرية بمشاركة العسكريين الأميركيين والبريطانيين والألمان والرومانيين.

المساهمون