تأمل عشرات السجينات السياسيات في مصر، أخيراً، بانفراج قد يحدث في هذا الملف، بعد تقديم السيناتور الأميركي روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أمس الخميس، مشروع قرار لإدانة اعتقال النساء سياسياً والمطالبة بالإفراج الفوري عن السجينات السياسيات، في 10 دول حول العالم من بينها مصر.
ومشروع القرار المطروح أمام مجلس الشيوخ الأميركي يأتي من منطلق أن "كل يوم، تواجه الناشطات في جميع أنحاء العالم مخاطر جسيمة أثناء سعيهن للنهوض بحقوق الإنسان الأساسية وحماية الديمقراطية ودعم سيادة القانون"، حسب ما قال السيناتور الأميركي روبرت مينينديز، في بيان نشره موقع لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.
وأضاف مينينديز: "تقوم الحكومات القمعية والسلطات المسيئة في جميع أنحاء العالم بسجن النساء بشكل غير عادل بسبب ممارستهن للحقوق المعترف بها عالمياً في حرية التجمع وتكوين الجمعيات والتعبير وإخضاع العديد من النساء للعنف الجنسي المروع والتعذيب، من بين أشكال أخرى غير إنسانية ومهينة وغير مقبولة على الإطلاق".
وأكد مينينديز أنه "يجب على الولايات المتحدة أن تستمر في شجب سجن النساء لدوافع سياسية في جميع أنحاء العالم، والضغط من أجل الإفراج الفوري عن أولئك المعتقلين ظلماً"، مشدداً على أن "أصواتهن لا يمكن ولن يتم إسكاتها".
قرار مجلس الشيوخ لم يعترف فقط ببطولة وشجاعة الكثير من النساء في سعيهن لفضح الفساد والتحدث بالحقيقة إلى السلطة، ولكنه دان أيضاً تلك الحكومات والجهات الفاعلة التي تقف وراء هذه الانتهاكات الشنيعة.
السجينات السياسيات في مصر
وتعتقل السلطات الأمنية المصرية ما يقارب 143 معتقلة سياسية، وفق آخر إحصائيات مركز بلادي للحقوق والحريات، موجهة إليهن تهماً عديدة تتعلق بالإرهاب، والتظاهر غير المشروع والسعي لقلب نظام الحكم.
وتتوزع السجينات السياسيات في مصر على عدد من مراكز الاحتجاز، المعروفة بغياب الظروف الصحية والمعيشية المناسبة، إذ وصفت الأمم المتحدة في تقرير صادر في عام 2019 السجون المصرية "بالقذرة وغير الصحية"، مشيرة إلى المعاملة المهينة وغير الإنسانية من قبل السلطات المصرية تجاه المحتجزين في سجونها، إذ تتسم السجون في مصر برداءة البنى التحتية والمرافق الصحية والخدمية، في ظل الغياب الكامل من قبل الجهات الحكومية في هذا الصدد.
ولم يعر المشرع المصري في قانون تنظيم السجون ولا في اللوائح الداخلية مسألة الاحتياجات الخاصة للسجينات الاهتمام الكافي، إلا في بعض الأمور الطفيفة المتعلقة بمعاملة السجينة الحامل والموضحة لاحقاً، حسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بل ويلاحظ أن القواعد القانونية المقررة بالقوانين واللوائح تسري على جميع السجناء رجالاً ونساء من دون الأخذ في الاعتبار الاحتياجات الخاصة للنساء السجينات ومن دون مراعاة النوع الاجتماعي، ويبقى الاختلاف الرئيسي في تشريعات السجون الخاصة بوضع النساء السجينات هو وضع السجينات الحوامل والمرضعات.
وحسب دراسة صادرة عن مركز نظرة للدراسات النسوية، بعنوان "نظرة على تجارب النساء داخل السجون وأماكن الاحتجاز في مصر"، تتعرض السجينات للاعتداء الجسدي والسب اللفظي من قبل السجانات أو إدارة السجن، خاصة عند نشوب شجارات داخل العنابر أو عند اعتقاد إدارة السجن مخالفتهن للوائح السجن وقد يتم وضع السجينات في التأديب، وهو عبارة عن السجن الانفرادي لمدة خاضعة لتقدير مأمور السجن؛ قد تستمر لمدة أيام أو أشهر. كما قد تحدث وقائع تحرش جنسي داخل السجون من قبل سجينات أُخريات أو من قبل العاملين في السجن.
وحسب تقرير صادر عن منظمة العفو الدولية، في يناير/ كانون الثاني الماضي، بعنوان "أرواح السجناء في خطر بسبب الانتهاكات والحرمان من الرعاية الصحية"، فإن السلطات المصرية تحرم عمداً رجالاً ونساءً احتُجزوا دون سبب سوى ممارستهم لحقوقهم الإنسانية، وآخرين احتُجزوا لأسباب سياسية من الرعاية الصحية والغذاء الكافي والزيارات العائلية، وتسعى إلى ترهيب وتعذيب مدافعين عن حقوق الإنسان وسياسيين ونشطاء وغيرهم من المعارضين الفعليين أو المفترضين بحرمانهم من الرعاية الصحية.
ويأتي مشروع القرار المقدم إلى مجلس الشيوخ الأميركي، بعد أسابيع من تحذير شديد اللهجة صادر عن وزارة الخارجية الأميركية، بشأن استهداف السلطات المصرية للناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان، باعتباره "يهدد استقرار مصر وازدهارها".
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، في يوليو/ تموز الماضي، إن "الولايات المتحدة تشعر بالقلق إزاء استمرار الاعتقالات وقرارات الاتهام والمضايقات التي يتعرض لها قادة المجتمع المدني المصري والأكاديميون والصحافيون".
وأشار برايس في بيانه الرسمي إلى تصريح وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في إبريل/ نيسان الماضي، بأن "الولايات المتحدة ستقف مع المدافعين الشجعان عن حقوق الإنسان والصحافيين في جميع أنحاء العالم".
وقال: "نعتقد أنه يجب السماح لجميع الناس بالتعبير عن آرائهم السياسية والتجمع السلمي بحرية. بصفتنا شريكاً استراتيجياً، فقد ناقشنا هذه المخاوف مع الحكومة المصرية، وسنواصل القيام بذلك في المستقبل".