مصر: وزير الأوقاف ممنوع من التصريحات السياسية

22 مايو 2022
جمعة في مسجد بالقاهرة، مارس 2021 (محمد الراعي/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت مصادر خاصة عن تعليمات أمنية "صارمة" صدرت لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، بالامتناع التام عن الإدلاء بأي تصريحات أو الانخراط في أحاديث إعلامية مختصة بقضايا ذات أبعاد سياسية.

وأوضحت المصادر، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "جهاز الأمن الوطني تولى ملف تنظيم صلاة عيد الأضحى المقبل (بين 9 و11 يوليو/تموز المقبل)، وذلك في أعقاب الأزمة التي أثارتها تصريحات الوزير قبل صلاة عيد الفطر (مطلع شهر مايو/أيار الحالي) بشأن شروط ومحاذير الصلاة، والتي تسببت في أزمة سياسية، دفعت منظمة هيومن رايتس ووتش لإصدار بيان تطالب فيه بإطلاق حرية إقامة الفعاليات الدينية، وأعقب ذلك حضور شعبي مكثف غير مسبوق في ساحات صلاة العيد، وصفه مراقبون بأنه حضور سياسي، رفضاً للقرارات الحكومية".

وفي نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي، اعتبرت "رايتس ووتش" في بيان رسمي أن "على وزارة الأوقاف المصرية إنهاء جميع القيود التعسفية على التجمعات الدينية والصلاة والشعائر خلال الأيام العشرة الأواخر من شهر رمضان واحتفالات العيد".

وجاء البيان عقب إعلان وزير الأوقاف حظر الصلوات والشعائر في آخر أيام رمضان، وفرض قيود على الصلاة والاحتفال بعيد الفطر، الذي يأتي ختاماً لشهر رمضان.

وأشارت المصادر إلى أن "تقارير أمنية حذرت، في أعقاب عيد الفطر الماضي (في العام الماضي)، من الدلالات الخطيرة للأزمة التي أثيرت مع نهاية شهر رمضان 2021، بعدما أعلن الوزير منع صلاة التهجد والاعتكاف، قبل أن يتراجع بشأن صلاة التهجد أمام حالة السخط في الأوساط الشعبية، ليتم السماح بها في الليالي الثلاثة الأخيرة من رمضان".

مسار منع وزير الأوقاف المصري من التصريح

وبحسب المصادر، فإن التقديرات الأمنية أشارت إلى أن "سوء الإدارة من جانب الوزير محمد مختار جمعة، وسعيه الدائم إلى المشاركة برأيه في القضايا العامة والسياسية، تسببا في حالة من السخط، خصوصاً أن الكثير من آرائه تشهد خلطاً بين ما هو سياسي وما هو ديني".

ولفتت المصادر إلى أنه "جرى استدعاء الوزير أخيراً بسبب بيان رسمي صادر عنه بشأن التعليق على الدعوة التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي للحوار الوطني مع القوى السياسية المعارضة، والذي تسبب في سخرية وانتقادات حادة بعدما تضمن إشارات سلبية، إذ شبّه الدعوة بالتوجيه الإلهي للنبي موسى بالتوجه إلى فرعون مصر الذي عرف عنه طغيانه".


سوء الإدارة من جانب الوزير تسبب في حالة من السخط وفقاً لتقديرات أمنية

وفي محاولة من الوزير لتوجيه خطاب يفخّم فيه من دعوة الرئيس أمام المعارضة، لإقناعها بالمحاورة من دون التعرض بانتقادات، ذكر البيان الوزاري أن "الله أمر نبيه موسى وأخاه هارون أن يذهبا إلى فرعون، وأمرهما الحق سبحانه وتعالى أن يقابلا طغيان فرعون بالحكمة والموعظة الحسنة والقول اللين الحسن، وألا يقابلا طغيانه وجبروته بمثل فعله أو لغته".

وبعد الأزمة التي أثارها البيان، جرى حذفه من الحساب الرسمي للوزارة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حُذف من الحساب الرسمي لمجلس الوزراء المصري على موقع "فيسبوك".

وأشارت المصادر إلى أن "الوزير، خلال استجوابه من جانب مسؤول رفيع المستوى في دائرة السيسي، أكد أنه غير مسؤول عن البيان وأن المسؤول عن مضمونه هو أحد مساعديه، الذي أوقف عن العمل وأُحيل للتحقيق".

ووفقاً للمصادر، فإن "حالة الاستياء الواسعة بسبب أداء الوزير لم تقتصر على القيادة السياسية فقط"، مشيرة إلى أن "هناك حالة غضب واسعة داخل ديوان عام الوزارة بسبب سوء معاملة الوزير وتطاوله على العاملين وتهديده الدائم للمعارضين قراراته بإرسال أسمائهم إلى جهاز الأمن الوطني بدعوى أنهم خلايا إخوانية نائمة"، وهو ما أكده أيضاً مصدر داخل الوزارة.

مخطط الوزير المصري لتفادي غضب القيادة

في المقابل، كشف مصدر في ديوان عام الوزارة عن "مخططات الوزير لتفادي غضب القيادة السياسية وتجاوز الأزمة الراهنة التي يمر بها، والتي جعلت مستقبله السياسي وبقاءه في منصبه على المحك".

وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن "الوزير كلف الإدارة القانونية بالوزارة بإعداد تصور قانوني بشأن إدخال تعديلات على قانون الأوقاف، تسمح بإدخال جزء كبير من الأوقاف العامة تحت ولاية الصندوق السيادي، في محاولة لإرضاء القيادة السياسية التي تتبنى سياسة اقتصادية تتضمن التوسع في إشراك القطاع الخاص".

وكانت قد تزايدت المطالبات البرلمانية للوزير بالاستثمار الأفضل لأموال الوقف وإعادة تقييمها واستثمارها، وإعلان كيفية توزيع أموال الوقف على الأنشطة المختلفة. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، صادق السيسي على القانون رقم 145 لسنة 2021 بإنشاء صندوق الوقف الخيري، الذي أقره مجلس النواب في 28 يونيو/حزيران الماضي.


سعى الوزير لإدخال تعديلات على قانون الأوقاف لتفادي غضب القيادة

وينص القانون على إنشاء صندوق باسم الوقف الخيري تكون له الشخصية الاعتبارية، ويتبع رئيس الوزراء، وبعضوية وزير الأوقاف (نائباً لرئيس مجلس الإدارة) و4 أعضاء من الشخصيات ذات الخبرة الاقتصادية يختارهم رئيس الوزراء، و3 أعضاء يختارهم وزير الأوقاف أحدهم من داخل الوزارة، والثاني من هيئة الأوقاف، والثالث من الشخصيات العامة من ذوي الخبرة بهذا المجال.

ووفقاً للقانون، فإن الصندوق يستهدف تشجيع نظام الوقف الخيري، لإقامة ورعاية المؤسسات العلمية والثقافية والصحية والاجتماعية، إلى جانب المساهمة في نشر الدعوة الإسلامية بالداخل والخارج، كما يستهدف مُعاونة الدولة في إقامة مشروعات خدمية وتنموية، وكذلك المساهمة في تطوير مشروعات البنية التحتية، وتطوير العشوائيات، فضلاً عن المساهمة في الحد من ظاهرة أطفال الشوارع.

وفي سياق الترويج لمشروع محمد مختار جمعة "الاستثماري"، قررت وزارته أن يكون موضوع خطبة الجمعة عن "الاستثمار"، وفرضت على خطباء المساجد الالتزام بموضوع الخطبة كغيرها من الخطب السابقة.

وجاء في خطبة الأوقاف الرسمية: "ديننا دين عظيم مفعم بالخير والحرص على تحقيق مصالح البلاد والعباد، كما يحرص على عمارة الكون والحياة، فهو دين بناء لا هدم، وتعمير لا تخريب، دين يوازن بين المصالح العامة والخاصة، ويعلي دائماً من شأن المصلحة العامة ويعظم من شأن ما هو عام النفع".

وجاء في الخطبة أيضاً: "لا شك أن المال عصب الحياة وقوامها، وقد حث الشرع الحنيف على استثمار المال وتنميته لتحقيق تقدم الأوطان ورقيها، وأن على المستثمر الوطني دوراً اجتماعياً تجاه وطنه، من خلال المساهمة في حل المشكلات التي تواجه المجتمع".

المساهمون