مصر: بدء إزالة المنطقة السكانية لتوسعة ميناء العريش

05 سبتمبر 2022
جرى نقل تبعية ميناء العريش لوزارة الدفاع (فرانس برس)
+ الخط -

بدأت آليات تابعة للحكومة المصرية، مساء أول من أمس السبت، بالمرحلة الأولى من إزالة الكتلة السكانية على شاطئ بحر مدينة العريش، ضمن مشروع توسعة ميناء العريش شرقي مصر، تنفيذاً لقرار جمهوري بذلك.

ويأتي ذلك على الرغم من المناشدات التي أطلقها سكان المنطقة، بضرورة تغيير موقع الميناء، في ظل أن المنطقة السكانية التي ستجري إزالتها لتوسعة الميناء، هي الأخيرة على طول ساحل شمال سيناء، في حين أن بقية مناطق الساحل فارغة ويمكن إنشاء الميناء فيها وبمساحة أكبر مما تريده الدولة في العريش.

بدء الهدم على شاطئ بحر العريش

وفي التفاصيل، قال محمد نور، أحد سكان منطقة السعد في ساحل العريش، لـ"العربي الجديد": "فوجئنا مساء السبت بوصول قوة أمنية كبيرة، ترافقها آليات هندسية، ومسؤولين حكوميين إلى منطقة الساحل، حيث تم إغلاق الطرق المؤدية إلى المنطقة، وبدأت الآليات بهدم وتجريف شاليهات نجمة سيناء، في ما يعتبر أولى مراحل الهدم في الكتلة السكانية على شاطئ بحر العريش".

وأضاف أن "الأهالي الذين هم في صدمة مما يجري، تداعوا إلى عقد لقاء عاجل لتحديد الفعاليات التي سيتم البدء فيها لمواجهة عمليات الهدم، خصوصاً أنهم قطعوا شوطاً كبيراً في رفض المشروع الجديد، كان أبرز نشاطاته الاعتصام داخل مقر المحافظة، ورفع لافتات ترفض القرار الجمهوري في فبراير/شباط الماضي".

وأوضح نور أن "السلطات المصرية بدأت في هدم شاليهات خالية من السكان تتبع لجهات حكومية، لتجس نبض أهالي المنطقة، ومن ثم مراقبة ردة الفعل المتوقعة منهم على بدء الإزالة".

توجه لدى الأهالي للإعلان عن خطوات تصعيدية

ولفت إلى أن السلطات "لم تخبر أهالي المنطقة بأي تطورات تتعلق بالمشروع منذ وعود محافظ شمال سيناء اللواء محمد عبد الفضيل شوشة، بالسعي لتغيير وجهة المشروع، ومراجعة الجهات السيادية وإطلاعها على مخاطره على ساحل العريش، والتأثيرات السلبية المتمثلة في تهجير آلاف المواطنين من سكان المنطقة، ليضافوا إلى عشرات آلاف المواطنين الذين هجرهم الإرهاب من شمال سيناء، خلال السنوات العشر الماضية".

رفض شعبي لقرار توسعة ميناء العريش

وأكد نور أن "الأهالي لديهم توجّه لإعلان خطوات تصعيدية خلال الأيام المقبلة، تتمثل في الخروج في وقفات احتجاجية، والإعلان عن إضراب عن الطعام، وحشد أكبر عدد ممكن من المواطنين ونواب سيناء في مجلس الشعب، بالإضافة إلى عدم الخروج من المنازل في حال وصلت إليها الآليات الهندسية لهدمها، وإرسال رسائل إلكترونية حول القضية لأوسع شريحة من المؤسسات الحقوقية والإنسانية داخل مصر وخارجها، بمساعدة عدد من النشطاء السياسيين المتابعين للقضية منذ بداياتها".

وعلى مدار عدة أشهر، منذ أكتوبر/تشرين الأول 2021 وحتى مارس/آذار 2022، ازداد الضغط الشعبي من أهالي مدينة العريش على الجهات الحكومية، من خلال فعاليات إلكترونية وعلى الأرض، رفضاً للقرار الجمهوري القاضي بتوسعة حرم ميناء المدينة، وإزالة ما يعترض ذلك من أحياء سكنية.

مع العلم أن الميناء القائم، الذي تنوي السلطات توسعته، ذو قدرات متواضعة وتجهيزات قديمة، وتمّ بناؤه في المنطقة السكنية الوحيدة المتبقية على طول ساحل المحافظة، ما يعني وجود بدائل لإنشاء الميناء الجديد، بما فيها منطقة الكيلو 17 في العريش أيضاً.

تقارير عربية
التحديثات الحية

اهتمام رسمي بميناء العريش

وبدا واضحاً خلال السنوات الماضية، الاهتمام الرسمي المصري بميناء العريش في محافظة شمال سيناء، من خلال التدرج في السيطرة عليه، عبر تحويله بداية إلى أغراض المنفعة العامة ونزع الملكية الخاصة لأي عقارات تقع في نطاق حدوده.

وجرى نقل تبعية الميناء إلى وزارة الدفاع بشكل مباشر، مع إبعاد الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس عن استخدامه أو إدارته، ليصبح الميناء منطقة عسكرية لا علاقة لأي جهة مدنية بها.

محمد نور: تنفيذ القرار يمثّل جريمة بحق عشرات آلاف السكان

وفي تفاصيل القرار الجمهوري الأخير، فإنه يقضي بنقل تبعية ميناء العريش إلى الجيش، وتخصيص الأراضي المحيطة به، واللازمة لأعمال التطوير، للقوات المسلحة، وذلك بإجمالي مساحة 541.82 فداناً (الفدان يعادل 4200 متر مربع).

وبذلك، استبدل الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً سابقاً أصدره في 2019، ويقضي بأن "تتولى الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمويل وتنفيذ تطوير وإدارة وتشغيل ميناء العريش".

وكان القرار القديم قد تضمّن "توقيع بروتوكول بين وزارة الدفاع والهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يشمل الالتزامات الفنية والمالية والقانونية المتعلقة بإدارة الميناء".

وسيؤدي القرار الجمهوري الأخير إلى تهجير آلاف المواطنين من سكان المنطقة، بعدما مكثوا فيها منذ عقود، وسط تجاهل إعلامي محلي للقضية، ما دفع المواطنين إلى إنشاء مجموعات إلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي لنشر صور منازلهم المعرضة للهدم، وللاستغاثة بالرئيس السيسي، وبكل القيادات في الدولة، من دون وجود أي إشارة من الأطراف ذات العلاقة بإمكانية التراجع عن قرار الهدم والإزالة.