مصالحة درعا والسويداء تُزعج مليشيات النظام

11 نوفمبر 2020
تعيش درعا أجواء توتر مع قوات النظام (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

بعد توتر تخللته اشتباكات وعمليات خطف متبادلة، توصّل وجهاء من محافظتي درعا والسويداء، جنوبي سورية، أول من أمس، إلى اتفاق مصالحة، وسط ارتياح شعبي، في مقابل انزعاج ضمني من النظام السوري والمليشيات الموالية له، إذ قضى الاتفاق بإبعاد قوات النظام عن المنطقة موضع النزاع. وبموجب الاتفاق أخلى عناصر "اللواء الثامن"، الذي يقوده أحمد العودة، والتابع لـ"الفيلق الخامس" المدعوم من روسيا، النقاط العسكرية المنتشرة في بلدة القريا، جنوبي السويداء، على الحدود الإدارية مع محافظة درعا.

وذكر مصدر محلي لـ"العربي الجديد"، أن تنفيذ الانسحاب من أراضي البلدة هو أول بنود الاتفاق، على أن تلي ذلك خطوات باتجاه إجراء مصالحات عشائرية تتعلق بالقتلى والمخطوفين بين الطرفين. وأوضح أن الاتفاق تمّ بين قيادة "اللواء الثامن" ووجهاء من مدينة بصرى الشام مع وجهاء من محافظة السويداء، على رأسهم الأمير لؤي الأطرش وشيخ العقل حمود الحناوي، في المنطقة الفاصلة بين بصرى الشام والقريا. وقضى بتسليم النقاط التي ينسحب منها "اللواء الثامن" لفصائل محلية من أبناء السويداء فقط، وليس لأي جهات عسكرية أخرى، تحديداً المليشيات التي تدعمها إيران، أو قوات النظام السوري.

سُلّمت مناطق لفصائل محلية من أبناء السويداء

كما اتفق الجانبان على ضرورة مواجهة أي شخص يثير الفتنة بين المحافظتين، ومنع التدخلات الخارجية، ومعالجة كل أسباب التوتر المحتملة وعلى رأسها عصابات الخطف التي جرى التوافق على منعها من الاقتراب من المنطقة. كذلك تضمن الاتفاق إنشاء نقطتي مراقبة في المنطقة التي انسحب منها "اللواء الثامن"، واحدة لفصائل السويداء المحلية في بلدة القريا، وأخرى لـ"اللواء" ضمن أراضي بصرى الشام، مع ضرورة التنسيق بين الجانبين في الأسابيع الأولى لضمان عدم حصول أي خطأ. وأوضح الأطرش في بيان له أن انسحاب "اللواء الثامن" من أراضي بلدة القريا، جاء بعد سلسلة لقاءات جرت في محافظة السويداء خلال الأسابيع الماضية، أبرزها اجتماع أولياء الدم في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ممن قُتل أبناؤهم في الاشتباكات التي وقعت في المنطقة.

من جهته، ذكر الناشط محمد أبو ريان أن بعض الأطراف لم تكن مرتاحة لهذا الاتفاق، خصوصاً النظام السوري والمليشيات الإيرانية، لأنه تم بعيداً عنها، فضلاً عن أنه قضى بإبعادها عن المنطقة موضع النزاع. وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن مليشيا "الدفاع الوطني"، الفصيل المسلح النشط في محافظة السويداء والتابع للنظام السوري، رفضت الاتفاق فيما طالب آخرون بوجود "طرف ثالث" فيه، كي لا يقتصر على قيادة "اللواء الثامن" ووجهاء المنطقتين. ورأى أبو ريان أنه يتضح من خلال شريط الفيديو الذي صوّر مراسم الصلح، أن لجنة درعا تحمّل لجنة السويداء مسؤولية حفظ الأمن في المنطقة التي انسحب منها عناصر "اللواء الثامن". لكن المشكلة أنه لا يوجد من بين المجموعات المسلحة المحلية في السويداء فصيل متفرغ للعمل العسكري، لأن جميع المسلحين في السويداء يحملون السلاح ويمارسون أعمالاً أخرى في الوقت نفسه، وفي حال حدوث طارئ يستنفرون بنظام "الفزعة" (التجمّع وقت الخطر) ثم يعودون لأعمالهم. ولفت إلى أنه "بشكل عام، يثير الاتفاق ارتياحاً بين الأهالي، نظراً لتدهور الأوضاع أخيراً بين المحافظتين المتجاورتين، مع تزايد عمليات الخطف والاشتباكات، وحالة التوتر والإرهاق التي يسببها ذلك للأهالي في كلتا المحافظتين".

وكانت بلدة القريا في ريف السويداء الغربي، شهدت في 29 سبتمبر/أيلول الماضي اشتباكات عنيفة، أسفرت عن مقتل عنصر من "الفيلق الخامس" و14 عنصراً من الفصائل المحلية في مدينة السويداء وإصابة 80 عنصراً آخرين، وذلك عندما هاجمت فصائل محلية من السويداء نقاط "الفيلق الخامس" في أراضي بلدة القريا، في محاولة لاستعادة الأراضي.

وصلت تعزيزات للنظام السوري إلى الكرك الشرقي ودرعا

ويأتي ذلك في وقت تعيش محافظة درعا أجواء توتر مع قوات النظام السوري، إثر مواجهات واشتباكات خلال اليومين الماضيين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى ومخطوفين. ورصدت شبكة "درعا 24" وصول تعزيزات إلى الحاجز العسكري التابع للمخابرات الجوية، غربي بلدة الكرك الشرقي شرقي محافظة درعا، تمثلت في أربع دبابات وعربتين. وتمّ إغلاق الحاجز الواقع على طريق بلدة أم ولد - الكرك. كما أفيد بوجود تحركات عسكرية في اللواء 52 ميكانيك، الواقع على الطريق الواصل بين بلدة الكرك الشرقي ومدينة الحراك.

في المقابل، تستمر المفاوضات بين وجهاء من بلدة الكرك الشرقي واللجنة الأمنية في مدينة درعا، التي تهدد باقتحام البلدة، في حال لم يتم تنفيذ مطالبها بتسليم أسلحة تقول إنها موجودة في البلدة. وسبق أن عُقِد اجتماع في بلدة الكرك الشرقي بين النظام ووجهاء البلدة، بحضور وفد من قيادة "اللواء الثامن" التابع للفيلق الخامس. وتمّ الاتفاق على تسليم عناصر الحاجز الذين تم أسرهم من قبل عناصر فصائل التسوية في البلدة، بعد أن هاجموا حاجزاً للمخابرات الجوية هناك، وسيطروا عليه، وقتلوا ضابطاً وعنصراً من الحاجز.

المساهمون