كشفت مصادر عراقية مطلعة في العاصمة بغداد، اليوم الثلاثاء، عن تفاصيل الحراك الأخير لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، حيال وقف التصعيد العسكري للفصائل المسلحة تجاه المصالح والمنشآت الأميركية في البلاد، بعد ست هجمات شهدتها الأيام الخمسة الماضية، بواسطة طائرات مسيّرة وصواريخ "كاتيوشا" استهدفت بالتتابع قاعدتي عين الأسد وحرير، غربي وشمالي العراق، إلى جانب معسكر فيكتوريا المجاور لمطار بغداد الدولي.
ومساء أمس الاثنين، أعلن المكتب الحكومي العراقي عن تلقي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، اتصالين هاتفيين من وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، بحث خلالهما مسألة "حماية المستشارين العسكريين والبعثات الدبلوماسية" العاملة في العراق.
وبحسب البيان، فإن العراق أكد "الالتزام بحماية المستشارين العسكريين والبعثات الدبلوماسية العاملة في البلاد".
واليوم الثلاثاء، قال عضو في البرلمان العراقي عن التحالف الحاكم "الإطار التنسيقي" لـ"العربي الجديد"، إنّ لقاءات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، التي أجراها مساء الأحد ونهار أمس الاثنين، لم تفض إلى نتيجة ضامنة لوقف الهجمات على المصالح الأميركية في العراق.
وأضاف البرلماني الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن السوداني عقد لقاءات مباشرة وأخرى عبر الهاتف مع عدة قيادات سياسية، أبرزها نوري المالكي وهادي العامري وعمار الحكيم، لبحث وقف التصعيد، كما أجرى لقاءات مع قادة فصائل مسلحة حليفة لإيران، لكن الحراك لم يفض إلى أي نتائج مضمونة لوقف الهجمات.
وأضاف البرلماني أن موقف قادة القوى السياسية في الإطار التنسيقي مع وقف التصعيد، وأبرزهم نوري المالكي وهادي العامري، بالإضافة إلى قادة الفصائل المسلحة الأخرى، على غرار قيس الخزعلي، إلا أن هناك قادة فصائل أخرى رفضوا حتى التواصل مع السوداني، مثل أكرم الكعبي زعيم جماعة النجباء، وكذلك قيادات في كتائب حزب الله، ويُعتقد أنهم يقفون خلف الهجمات الأخيرة في قاعدتي عين الأسد وحرير".
وكشف المصدر أن رئيس الوزراء تلقى تحذيراً من مسؤولين أميركيين، بأن القوات الأميركية في المنطقة سترد في حال أوقعت تلك الهجمات أي خسائر في صفوف قواتها أو قوات التحالف الموجودة في العراق.
من جهته، قال مسؤول عسكري في بغداد لـ"العربي الجديد"، إنّ قوات الأمن أعادت نشر قوات إضافية حول المنشآت والقواعد التي تحوي أنشطة لقوات التحالف وواشنطن.
وأضاف في اتصال عبر الهاتف أن "فصائل مسلحة تستخدم عناوين مختلفة لتنفيذ الهجمات الأخيرة، ويظهر أن واشنطن تتهمها أيضاً بالهجمات التي نفذت أخيراً في التنف السوري المجاور للعراق"، معتبراً أن "تكرار الهجمات قد يدفع واشنطن للرد المحدود على بعض مواقع الفصائل المسلحة الموجودة على الحدود مع سورية".
وأمس الاثنين، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيلو ميلر، عن قلق بلاده إزاء سلامة وأمن المواطنين الأميركيين والمصالح الأميركية في المنطقة. وأكد ميلر، في تصريحات لمحطة تلفزيون عراقية، أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات اللازمة لضمان قدرتها على "الرد المناسب" على هذه الهجمات.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، قد وجّه الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقب وتتبع العناصر المنفذة للهجمات على مقرات مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق.
وذكر بيان للناطق العسكري باسم الحكومة، أنه "لا يمكن التهاون في أمن وسلامة تلك المقرات"، مشيراً إلى أن "القائد العام للقوات المسلحة وجّه الأجهزة الأمنية كافة بالقيام بواجباتها وتنفيذ القانون وتعقّب وتتبع العناصر المنفذة لتلك الهجمات، وعدم السماح بأي حال من الأحوال في الإضرار بالأمن والاستقرار اللذين تحققا بفضل التضحيات الجسام لأبناء قواتنا المسلحة، بمختلف صنوفها وتشكيلاتها".
في السياق ذاته، حذرت السفارة الكندية في بغداد رعاياها، داعية إياهم إلى "تجنب السفر إلى العراق بسبب الوضع الأمني المتقلب وغير المتوقع، والذي يحتمل أن يكون خطيراً".
#الكنديون المتواجدون حاليًا في #العراق - يمكن أن يتدهور الوضع الأمني في البلاد دون سابق إنذار. لمزيد من المعلومات اقرأ نصائح السفر الخاصة بنا: https://t.co/rlGkfzCCqR pic.twitter.com/UR0Ug0Uudb
— Canada in Iraq (@CanadainIraq) October 24, 2023
وحثت المتواجدين في العراق على "المغادرة إذا كان القيام بذلك آمناً".
والأحد الماضي، طالبت وزارة الخارجية الأميركية، الموظفين غير الأساسيين في طاقمها المتواجد ببغداد مع عائلاتهم إلى مغادرة العراق، معللة قرارها بأن "ازدياد خطر الإرهاب، الخطف، العنف المسلّح، وعدم الاستقرار في العراق يهدد المواطنين والمصالح الأميركية" في البلاد.
ويأتي القرار الأميركي والكندي بتحذير المواطنين من السفر إلى العراق، عقب سلسلة هجمات تعرضت لها قواعد جوية تحوي قوات أميركية في بغداد، والأنبار، وأربيل.
ومنذ الأربعاء الماضي، تعرضت 3 قواعد تضم قوات أميركية وقوات من التحالف الدولي (هي عين الأسد وحرير في إقليم كردستان ومعسكر قرب مطار بغداد) لعدة هجمات صاروخية وطائرات مسيّرة.
وأنهت الفصائل العراقية المسلحة الحليفة لطهران، الأربعاء الماضي، هدنة دامت أكثر من عام كامل مع القوات الأميركية الموجودة في البلاد، وذلك بعد الإعلان عن استهداف قاعدتي عين الأسد وحرير، غربي وشمالي العراق، بواسطة طائرات مسيّرة، فيما أعادت القوات العراقية تشديد إجراءاتها في محيط المنطقة الخضراء التي تضم السفارتين الأميركية والبريطانية، عقب ظهور دعوات تحشد للتظاهر أمام سفارات الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة.
والأسبوع الماضي، هددت جماعة "كتائب حزب الله" بقصف القواعد الأميركية، في حال تدخلت واشنطن بالهجوم على غزة، وذلك في ثاني تهديد من نوعه تطلقه الفصائل المسلحة الحليفة لإيران، بعد تصريحات مماثلة لزعيم تحالف "الفتح"، وقائد "منظمة بدر" المسلحة هادي العامري.
وقالت الجماعة التي تصنف على أنها الأكثر ارتباطا بـ"فيلق القدس" الإيراني، في بيان لها، إنّ "الواجب الشرعي يحتم وجودنا في الميدان، ولدفع شرور الأعداء عن أمتنا وأهلنا في غزة، وسائر الأراضي المحتلة، بل ودفع الأذى عن المستضعفين، وعليه فإن صواريخنا ومسيّراتنا وقواتنا الخاصة على أهبة الاستعداد، لتوجيه الضربات النوعية للعدو الأميركي في قواعده، وتعطيل مصالحه، إذا ما تدخّل في هذه المعركة"، وفقاً لما جاء في البيان الذي نقلته وسائل إعلام محلية عراقية.
بدوره، أصدر كلٌّ من زعيم مليشيا "النجباء" أكرم الكعبي، وزعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، وزعيم مليشيا "بدر" هادي العامري، بيانات وتصريحات مختلفة ومتفقة في مضمونها، هددوا فيها بالتدخل واستهدف مصالح أميركية في العراق بحال ما وصفوه بـ"تدخل أميركي مباشر" مع الاحتلال الإسرائيلي ضد غزة.