استمع إلى الملخص
- يركز المشروع على دعم خريطة الطريق الدولية لإنهاء الحرب وحل الأزمة السياسية في لبنان، مع احترام الخط الأزرق، ودعم سيادة لبنان، وتقديم المساعدات الإنسانية.
- يواجه المشروع انتقادات من حزب الله وأطراف لبنانية، معتبرين أنه ضغط لتغيير الوضع السياسي لصالح إسرائيل، مع تحذيرات من احتقان داخلي وعنف.
تتصدّر القرارات الدولية المشهد اللبناني بالتوازي مع استمرار العدوان على لبنان، باعتبارها المسار الوحيد لوقف إطلاق النار بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث يجرى العمل خارجياً على إيجاد تسوية جديدة أو صيغة ترضي الأطراف، ضمنها إجراء تعديلات على القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2006. ونشرت جريدة "المدن" الإلكترونية اليوم الاثنين نسخةً من مشروع قرار يتم العمل على إعداده بين عدد من الدول الفاعلة، على أن يُدرس بين الدول الأعضاء في مجلس الأمن، تحضيراً للتصويت عليه وإقراره.
وذكرت "المدن" أن "هذا المشروع لا يقتصر فقط على وقف إطلاق النار، بل يجمع بين جملة قرارات دولية، ومبادرات سياسية، فيشتمل على وقف النار، وترسيم الحدود، وإنهاء الصراع الحدودي، وضمان عمل القوات الدولية، ونزع سلاح حزب الله، وتطبيق القرارات 1559، 1680، و1701، بالإضافة إلى الدعوة لتغيير جذري بالسلطة وتركيبتها، من خلال إنجاز تسوية سياسية وإجراء انتخابات رئاسية أو انتخابات نيابية مبكرة، يتم بعدها انتخاب رئيس وتشكيل حكومة من قوى سياسية جديدة أو من التكنوقراط". ومن النقاط التي ينصّ عليها القرار الدعوة إلى وقف كامل للأعمال العدائية، ويستند بشكل خاص إلى وقف حزب الله فوراً أي هجمات على إسرائيل، مقابل وقف إسرائيل فوراً جميع العمليات العسكرية الهجومية ضد لبنان.
كذلك يتضمن تأييداً لخريطة الطريق الدولية المُقتَرَحة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا لإنهاء الحرب وحل الأزمة السياسية في لبنان، بما في ذلك إعادة تكوين السلطة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة مستقلة من الحياديين، وإجراء انتخابات نيابية حرة ونزيهة خلال 60 يوماً، تراعي تداول السلطة وفقاً لقواعد الدستور اللبناني الموضوعة، وبما يحقق التزام لبنان بموجبات تنفيذ هذا القرار وسائر القرارات ذات الصلة.
إلى جانب ذلك، يؤكد مشروع القرار على الدعم القوي لاحترام الوضع على الخط الأزرق بشكل كامل وعدم حصول أي تجاوزات، وتأكيد الدعم القوي لسلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن الحدود الدولية المعترف بها، كما هو منصوص عليه في اتفاقية الهدنة الإسرائيلية-اللبنانية بتاريخ 23 مارس/ آذار 1949. ويشمل القرار دعوة الأسرة الدولية إلى اتخاذ خطوات فورية لمدّ يد المساعدة المالية والإنسانية إلى الشعب اللبناني، بما في ذلك عبر تسهيل العودة الآمنة والمتدرجة للنازحين، وتأكيد وضع المطارات والمرافئ تحت سلطة الحكومة اللبنانية، ولأهداف مدنية بحتة قابلة للتحقق، ويدعوها أيضاً إلى النظر في مساعدات إضافية في المستقبل للمساهمة في إعادة بناء وتنمية لبنان. ويشدد على أهمية بسط سيطرة حكومة لبنان على كل الأراضي اللبنانية بما يتطابق مع بنود القرار 1559 (2004) والقرار 1680 (2006) والبنود المرتبطة بذلك في اتفاق الطائف، وممارسة كامل سيادتها وسلطتها، كما يدعو إسرائيل ولبنان إلى دعم وقف نار دائم، وإلى حل بعيد المدى.
تعليقاً على ذلك، قال مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان نبيه بري لـ"العربي الجديد" إن "المنشور هو مجرد مسودة، ونحن أكدنا التزامنا تطبيق القرار 1701 بكافة مندرجاته، ولا يجب اليوم الالتفاف على أي قرار واستغلال ما يحصل عسكرياً، من هنا نشدّد على ضرورة إلزام إسرائيل وقف عدوانها والتزامها تطبيق القرار 1701 الذي تتجاوزه وتخرق بنوده باستمرار، فهذه هي الأولوية اليوم". وأشار إلى أنّ "هناك جهوداً دبلوماسية تبذل لوقف إطلاق النار، ولبنان أيّد الحراك، بما في ذلك الحكومة التي فيها وزراء تابعون لحزب الله، ما يعني موافقته أيضاً، في حين أن العدو هو الذي يواصل عدوانه، من هنا أيّدنا المبادرة الأميركية الفرنسية المدعومة عربياً ودولياً وقلنا إن ذلك سيفسح المجال أمام مفاوضات لحل يؤدي إلى وقف إطلاق النار".
الضغط على لبنان والحرب النفسية
من جهته، قال مصدرٌ نيابيٌّ في حزب الله لـ"العربي الجديد"، "لا حديث أو نقاش قبل وقف العدوان"، معتبراً أنّ "هذه المسودة إن أبصرت النور، ليست سوى محاولة للضغط على حزب الله ولبنان، بحيث يحاول الخارج، وخصوصاً أميركا، فرض تغيير سياسي أمني، مستغلة الحرب المندلعة، ولاعتقادها أنّ الحزب مهزومٌ وهذا غير صحيح بل على العكس هو في عزّ عملياته، ولن يتراجع عنها ولن يقبل بأي تنازل أو محاولة على حساب لبنان وأرضه"، لافتاً إلى أنّ "كل المشاريع الأميركية تصبّ في صالح إسرائيل وتحقق شروطها وإرادتها، وهذا ما يمكن ملاحظته بأن البنود دائماً ما تكون مطلوبة من لبنان للالتزام بها".
في السياق، قال نائب مديرة المركز لشؤون الأبحاث في مركز مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط، مهنّد الحاج علي، إنّ "هذه مسودة أولية، ولكن طموحة للغاية لجهة احتوائها على بنودٍ تدعو إلى تكوين السلطة السياسية في لبنان، فمثلاً إجراء انتخابات نيابية خلال 60 يوماً، ما يعني عملياً عكس نتائج الحرب على الأرض بصناديق الاقتراع، أي نقل الغضب الموجود في الشارع مباشرةً بعد الحرب والدمار إلى صناديق الاقتراع". وأضاف الحاج علي لـ"العربي الجديد"، "هذا حتماً سيؤدي إلى عنفٍ واحتقانٍ أهليٍّ وأزمة داخلية، وغير منطقي حصوله، وبالتالي فإن هذه المسودة وتعويمها خلال هذه الفترة هما جزءٌ من الضغط والحرب النفسية، وواضحٌ من العنوان الأول في المسودة عدم جدية المسعى وهدفه فقط إضاعة الوقت وخدمة أهداف إسرائيلية بهذه المرحلة تحديداً، لذلك يمكن وضعها في إطار الحرب النفسية أكثر منها مسعى دبلوماسي حقيقي".
طعمة: بري سيتحمل ضغطاً كبيراً باتجاهين
أما الأستاذ الجامعي والناشط الحقوقي جاد طعمه فاعتبر أن "القرار 1701 بصيغته القديمة طرح إشكاليات حول آلية تنفيذه المتضمنة وجوب وجود منطقة منزوعة السلاح ما بين الحدود الجنوبية ونهر الليطاني"، متسائلاً "كيف من الممكن أن يتم تنفيذ أي قرار جديد يتضمن إضافات بحسب ما هو متداول بالإعلام؟". وأضاف طعمه "المسودة المتناقلة تتضمن مواضيع بالغة الخطورة تتعلق بسحب السلاح غير الشرعي في لبنان مع تسمية حزب الله بالاسم ويعطي القوات الدولية صلاحيات واسعة وفقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أي سلطة واسعة للتدخل واستعمال السلاح لفرض تنفيذ القرار".
وتابع "أكثر من ذلك هناك حديث عن انتقال آمن للسلطة خلال 60 يوماً، ويفهم من ذلك محاولة لطرد حزب الله من الميدان ومن الملعب السياسي في آن معاً، دون إغفال تضمين المقترح كلاماً لافتاً حول العودة التدريجية للنازحين إلى مناطقهم وفرض ترسيم الحدود انتهاء بذكر وجوب سحب القوات الأجنبية من لبنان، ومعلوم أن لا قوة أجنبية في لبنان ما عدا إن كان المقصود بذلك ضباط الحرس الثوري الإيراني، إذ قيل إنهم استلموا المهام القيادية في حزب الله". وختم طعمه لافتاً النظر إلى أن الحليف السياسي للحزب، أي رئيس البرلمان نبيه بري، "سيتحمل ضغطاً كبيراً باتجاهين؛ الأول واجب حماية المقاومة وظهر حليفه السياسي أي حزب الله. أما الثاني فهو القدرة على تحمل التهديدات الأميركية بفرض عقوبات اقتصادية عليه وعلى سائر أعضاء نادي الطبقة السياسية ولاستنتاج كيفية الخروج من عنق الزجاجة، فإن العبرة ستبقى في مراقبة الخواتيم والقرارات التي ستتخذها الدولة اللبنانية".