انتقل أعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني تباعاً في اليومين الماضيين إلى الرياض، لمناقشة عدد من الملفات السياسية، والدبلوماسية، والاقتصادية، والعسكرية.
وتأتي التطورات في ظل التحركات الدولية والإقليمية في ما يخص الأزمة اليمنية، خصوصاً بعد الاتفاق السعودي الإيراني، كذلك فإنها تتزامن مع استمرار تردي الوضع المعيشي، إلى جانب الأزمة المستجدة المرتبطة بتغيير مصر الإجراءات المرتبطة باستقبال اليمنيين، وربط البعض ذلك بزيارة وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك لأديس أبابا أخيراً.
وتأتي الاجتماعات أيضاً مع اقتراب إكمال عام على تأسيس المجلس (في 7 إبريل/ نيسان 2022)، الذي شهد العديد من الأزمات والتصدّعات الداخلية خلال السنة الأولى من تشكيله.
ووفق المعلومات التي حصل عليها "العربي الجديد"، فقد وصل إلى الرياض كل أعضاء المجلس الرئاسي، إلى جانب رؤساء مجلس النواب والشورى والحكومة، وعدد من المسؤولين والوزراء والقيادات، وعدد من مستشاري رئيس مجلس القيادة.
وبحسب مصادر يمنية موجودة حالياً في الرياض تحدثت مع "العربي الجديد"، فإن لقاءات بدأت أمس الاثنين وسط ملفات ساخنة تضغط على مؤسسات الشرعية والمكونات السياسية المنضوية تحت لوائها.
ووفقاً للمصادر نفسها، فإن من ضمن الملفات، أزمات المجلس نفسه، الحديثة والقديمة، كاستمرار النقاش في تقليص مجلس القيادة الرئاسي إلى رئيس ونائبين، أو الاستمرار بالمجلس، لكن مع تقليص وتحديد صلاحيات كل عضو. وكل هذا يأتي بسبب خلافات المجلس الداخلية التي تخرج إلى العلن كل فترة.
ووفقاً للمصادر نفسها، يضاف إلى ذلك توتر العلاقة من جديد بين مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الانتقالي الجنوبي، ولا سيما أن الأخير يتعامل بحذر شديد في ما يتعلق بأي تفاهمات أو نقاشات تخص مستقبل الجنوب والقضية الجنوبية.
وتتحدث المصادر عن مساعٍ من قبل الرياض، لإيجاد صيغ تفاهمية تحدّ من التوترات، وتنفذ الاتفاقيات المبرمة في مشاورات الرياض خلال الفترة الماضية، منها ملف عمليات دمج جميع القوات المسلحة، وتوحيد المواقف، وهو ما لم يحصل حتى الآن.
وقالت المصادر إن النقاشات تتضمن طرح ملف الاستهدافات العسكرية الحوثية الأخيرة، التي طاولت عدداً من قيادات ومسؤولي الدولة في تعز والساحل الغربي، فضلاً عن نقاشات ملف السلام والضغوط الدولية. ويضاف إلى ذلك ملف الأسرى والمعتقلين، فيما يفترض أن تجري صفقة التبادل بين الشرعية والحوثيين خلال أيام، مع مخاوف من أن التطورات الأخيرة قد تؤثر فيها، لكونها مرتبطة برؤية عمليات السلام الشاملة.
في سياق متصل، قال مصدر سياسي في "الشرعية"، فضّل عدم نشر اسمه لـ"العربي الجديد" رداً على ما طرأ من تشديد على اليمنيين في الخارج، بما في ذلك مصر، إنه "يجب النظر إلى هذا الملف من منظور أوسع، فالدول التي كانت تسهل سفر اليمنيين هي الأردن ومصر وسلطنة عمان، وفجأة شددت الأردن من القيود، وفرضت قيوداً جديدة خلال الفترة الماضية، وعملت مصر الأمر نفسه منذ يومين، واليوم سلطنة عمان تتخذ الأمر نفسه"، على حدّ قوله. وبرأيه فإنه "وفق هذه المعطيات، هناك حتماً شيء يلوح في الأفق، وهو تحدٍّ وتعقيد جديد، ضمن ملفات معقدة وملغمة على طاولة اليمنيين، سواء قيادة الشرعية ممثلة بالمجلس الرئاسي أو المكونات السياسية".
مع العلم أن وزارة الداخلية المصرية فرضت شروطاً جديدة للسماح للمواطنين اليمنيين بالدخول إلى أراضيها، ومن ضمن ذلك نيل تأشيرات مسبقة، واستصدار تقارير طبية من مصر (وليس من اليمن كما جرت العادة).
في موازاة ذلك، جرى الحديث، الاثنين، أيضاً، عن نفي السفارة اليمنية في سلطنة عمان ما يُتداول عن إيقاف تأشيرات المرور من اليمن وإليه، عبر أراضي السلطنة.
وبرأي الكاتب الصحافي والناشط السياسي عبد الله ناجي علي، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن السعوديين "صاروا يدركون جيداً أن دورهم في اليمن -خاصة المناطق التي تسيطر عليها الشرعية والمجلس الانتقالي- يجب أن يكون أكثر فاعلية لضبط إيقاع المشهد في هذه المحافظات الخاضعة للشرعية وللمجلس الانتقالي وقوات طارق صالح (عضو مجلس القيادة الرئاسي)، ولا سيما أن الإطار الجغرافي الذي تسيطر عليه هذه التشكيلات العسكرية المتعددة يعيش حالة كما لو أنه جزر متناثرة، ولم يستطع مجلس القيادة الرئاسي خلال الفترة الماضية، نتيجة لهذه الاختلالات، أن يدير الأمور بشكل يجعل منها إدارة ناجحة تحقق نتائج إيجابية تجاه المجتمعات المحلية أولاً، وتجاه حشد كل الإمكانات العسكرية لمواجهة المليشيات الحوثية الانقلابية، حسب ما جاء في مخرجات تشاور الرياض في العام الماضي".
وأضاف: "لهذا، أعتقد أن استدعاء أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، ورئيس الوزراء، وبعض الوزراء، ورئيس البنك المركزي، هدفه الأول والأخير تصحيح هذه الاختلالات التي لم تُنجَز خلال العام الماضي. وربما تحدث بعض التعديلات التي تعزز تفعيل دور المؤسسات الحكومية، بما يدفع الانتقال من حالة الركود الاقتصادي والسياسي، إلى حالة الانتعاش، خصوصاً في الجانب الاقتصادي".
ومع أن واحداً من التحديات يتمثل بتعثر عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى عدن، إلا أن ملف الاقتصاد، وتعثر وصول الوديعة السعودية الإماراتية، من بين الملفات المطروحة، بالإضافة إلى ملف إصلاح البعثات الدبلوماسية.
من جهته، أكد مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه قبل يومين "دعمه الكامل لإجراءات وزارة الخارجية لتصحيح أوضاع البعثات الدبلوماسية، ضمن مسار الإصلاحات الشامل في الجوانب المالية والإدارية، وتقليص النفقات إلى الحد الأدنى، وتوجيهها نحو الخدمات الأساسية التي تمسّ حياة المواطنين ومعيشتهم".
ومن المنتظر تقليص عدد من الملحقيات الدبلوماسية، وإطاحة ما يقارب من 100 ملحق دبلوماسي في الخارج.
وفي السياق، جرى التداول بمذكرة بعث بها نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، أبو زرعة المحرمي، المكلف هذا الملف، إلى رئيس الحكومة معين عبد الملك، تتطرق إلى أن هؤلاء الدبلوماسيين عُينوا بطرق مخالفة للقوانين.
عبد السلام يلتقي غروندبرغ
من جهة أخرى، قال محمد عبد السلام، كبير مفاوضي جماعة الحوثي، في تغريدة على تويتر، إنه التقى المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، اليوم الثلاثاء، وبحث معه "الترتيبات الإنسانية والسياسية للحل الشامل، وكذلك مراحل ترتيبات الإفراج عن الأسرى في خطوات مستمرة لا تتوقف، وصولاً إلى الإفراج الكامل".
التقينا عصر اليوم بالمبعوث الاممي الى اليمن وناقشنا خلال اللقاء الترتيبات الانسانية والسياسية للحل الشامل وكذلك مراحل ترتيبات الافراج عن الاسرى في خطوات مستمره لا تتوقف وصولا الى الافراج الكامل . pic.twitter.com/xLgDimw96U
— محمد عبدالسلام (@abdusalamsalah) April 4, 2023