مسيرات احتجاجية تجوب ساحات لبنان.. ودياب يهدّد بـ"الاعتكاف"!

06 مارس 2021
الوضع الاقتصادي يستفحل في لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

شهدت مناطق لبنانية مختلفة، اليوم السبت، مسيرات شعبية نادت بسقوط الطبقة الحاكمة وأركانها من المنظومة المالية، بعدما وصلت البلاد إلى وضعٍ اقتصادي واجتماعي كارثي وخطير، في ظلّ استمرار القوى السياسية التقليدية في تعطيل مؤسسات الدولة وفرض فراغٍ حكومي منذ حوالي سبعة أشهر.

وجابت مسيرة حاشدة اليوم ساحة الشهداء ومحيط مجلس النواب ومصرف لبنان، رافعةً الأعلام اللبنانية وشعارات تُطالب بمحاسبة المسؤولين ووضع حدٍّ لممارساتهم القائمة على المحاصصة والفساد ونهب حقوق المواطنين، بمن فيهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يواجه اليوم ليس فقط شكاوى قضائية محلية ومن ناشطين مدنيين بل القضاء السويسري أيضاً الذي يحقق في التحويلات المالية.

وقامت مجموعة من الشبان المحتجّين بإنزال العلم الذي يرمز إلى البنك المركزي من مقرّه في منطقة الحمرا وإحراقه.

ورفع الناشطون لافتات تدعو إلى استعادة الأموال المنهوبة والمحوّلة إلى الخارج، وترفض أن يدفع اللبنانيون الثمن بالغلاء الفاحش، وانهيار العملة الوطنية، وانعدام القدرة الشرائية، بينما ودائعهم محجوزة في المصارف. كذلك، خرجت هتافات تطالب بإخلاء سبيل جميع الموقوفين في أحداث طرابلس، شمالي لبنان، الأخيرة، رافضة القمع الذي يتعرّض له الناشطون والمعارضون للسلطة من قبل ما يطلقون عليها "الدولة البوليسية".

وكانت طرقات لبنان اليوم على موعدٍ جديدٍ مع قطعٍ بالإطارات المشتعلة في مختلف المناطق، شمالاً وجنوباً، وفي البقاع وجبل لبنان، والعاصمة بيروت ومحيطها، حيث أكد المحتجون رفضهم مغادرة الشارع، ملوّحين بالتصعيد حتى تتحقق مطالبهم.

إلى ذلك، تعرض 7 محتجين لإصابات في حادث دهس متعمد لمحتجين على طريق رئيسي جنوبي بيروت.

وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أن "إشكالا وقع بين عدد من المحتجين كانوا يقطعون طريق عام الشويفات، وسائق سيارة كان مصرا على تخطي العوائق والمرور عبرها".

وأضافت: "بعدما رفض المحتجون السماح له بالمرور عمد السائق إلى دهسهم، ما تسبب بجرح 7 منهم"، من دون تفاصيل عن حالتهم الصحية، فيما تم إلقاء القبض على السائق.

وتتسارع وتيرة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء منذ أكثر من أسبوعٍ بشكل لافتٍ، وقد لامس اليوم 11 ألف ليرة لبنانية، وسط تهافت المواطنين على شراء المواد الغذائية، وخصوصاً المدعومة، قبل رفع الدعم عنها أو ترشيدها، وتزايد مشاهد الإشكالات بين الزبائن وموظفي المتاجر على الحليب والزيت وسلع أخرى بات شراؤها رهن شروط إدارية وجشع التجار، في تطورات أعادت التحركات الاحتجاجية إلى الشارع اللبناني والساحات التي انطلقت منها انتفاضة 17 أكتوبر.

وعلى وقع سيناريو التدهور السريع، خرج رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب اليوم، بكلمة، هدّد فيها بالاعتكاف، للضغط من أجل تشكيل حكومة.

ووجّه فيها رسائل قوية إلى المعنيين بملف التأليف، مكرّراً خطاب إبعاد المسؤوليات عنه وحكومته، بذريعة أنّ مهامها ضيّقة وتقتصر على تصريف الأعمال.

ويحمّل اللبنانيون حكومته جزءاً كبيراً من رفع حدّة الأزمات، وصولاً إلى انفجار مرفأ بيروت الذي كان الضربة القاضية التي أشعلت الشارع، ودفعت دياب إلى إعلان استقالة الحكومة في 10 أغسطس/ آب الماضي.

وقال دياب في كلمته التي توجّه بها إلى اللبنانيين "في ظل تعاظم التحديات، يجب ألّا يتقدّم أي عمل على جهود تشكيل الحكومة الجديدة، فالمعادلة واضحة، لا حلّ للأزمة الاجتماعية من دون حلّ الأزمة المالية، ولا حلّ للأزمة المالية من دون استئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ولا مفاوضات مع صندوق النقد من دون إصلاحات، ولا إصلاحات من دون حكومة جديدة".

وتابع قائلاً "أي نقاش آخر خارج هذا السياق هو عبث سياسي، ومحاولة لتقاذف المسؤوليات، وهو ما قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وتعطيل الهامش الذي نتحرّك فيه لتسيير أمور البلد، حتى أشارك في الضغط لتشكيل الحكومة".

وأضاف دياب "إذا كان الاعتكاف يساعد على تشكيل الحكومة، فأنا جاهز للجوء إليه، على الرغم من أنه يخالف قناعاتي، لأنه يؤدي إلى تعطيل كل الدولة ويضرّ بمصلحة اللبنانيين".

وتساءل "هل صحيح أن التسوية تحتاج إلى تسخين؟ وأنه لا يمكن تشكيل الحكومة على البارد؟"، قبل أن يضيف "فلنترك أوهام وطموحات السلطة جانباً، لأن الآتي من الأيام لا يبشّر بالخير إذا بقي العناد والتحدّي والمكابرة حواجز أمام تشكيل الحكومة العتيدة، إذ إن لبنان بخطر شديد، واللبنانيون يدفعون ثمن الانتظار الثقيل".

 

وتتهم حكومة دياب بأنها لا تقوم حتى بتصريف الأعمال، ولا تجتمع، أو تتحرّك بالحدّ الأدنى، في ظلّ التطورات والأحداث المتسارعة لبنانياً، حتى إن وزير التربية فيها طارق المجذوب اعتكف قبل دياب، وأعلن الإضراب وإقفال المدارس لمدة أسبوع حتى تحقيق مطالبه.

من ناحية ثانية، يستمرّ الهجوم اليومي المتبادل بين رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلفه رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري وتياره السياسي "المستقبل".

وأسف المجلس السياسي في "التيار الوطني الحر"، في بيان أصدره اليوم بعد اجتماعه الدوري برئاسة باسيل، للاستهتار المتمادي من جانب الحريري بمصير الناس والبلاد، محمّلاً إيّاه مسؤولية الأزمة بامتناعه عمداً عن القيام بأي جهد أو تشاور لتشكيل الحكومة، ورفضه أي حركة يقوم بها المعنيون، ولا يقوم بالمقابل إلا بتحديد مواعيد للسفر إلى عواصم العالم، وكأن الحكومة تتشكل فيها وليس في بيروت. 

في حين يحمّل "تيار المستقبل"، ويتزعمه الحريري الموجود خارج لبنان، مسؤولية التعطيل لرئيس الجمهورية وباسيل، ويطالبهما بفك أسر الحكومة.

بدوره، أشار مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اليوم إلى أن "المواقف التي تصدر عن عددٍ من رؤساء الكتل النيابية تعكس وجهات نظرهم هم من الأحداث، وهذا حقهم الطبيعي انطلاقاً من مواقعهم السياسية"، في محاولةٍ يقرأها المراقبون بأنها بمثابة النأي بالنفس عن مواقف باسيل الذي يتهمه "المستقبل" بأنه الرئيس الظلّ والمتحكّم بالملف الحكومي والتشكيلة الوزارية.