اقتحم مستوطنون، اليوم الخميس، ساحات المسجد الأقصى في القدس المحتلة، وأدوا في باحاته "صلوات صامتة"، فيما نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتداءً شمالي الضفة الغربية، فضلاً عن اعتقالات طاولت عدداً من الفلسطينيين.
وبحماية قوات كبيرة من شرطة الاحتلال الإسرائيلية الخاصة، بدأت مجموعات كبيرة من المستوطنين، منذ ساعات الصباح الأولى، بتأدية "صلوات صامتة" في أنحاء متفرقة من ساحات المسجد الأقصى، تنفيذاً لقرار أصدرته قاضية إسرائيلية في محكمة الصلح التابعة للاحتلال، أعطى ضوءاً أخضر للمستوطنين للقيام بذلك، باعتبار إقامة هذه الصلوات لا تعد جرماً يحاسب عليه من يقوم به.
وأفاد حراس من المسجد الأقصى، "العربي الجديد"، والذين فضّلوا عدم ذكر أسمائهم، بأنه في سياق التطور الجديد شددت قوات الاحتلال من تدابيرها داخل ساحات الأقصى وفي المواقع التي قام المستوطنون بأداء صلواتهم تلك وإلقاء أنفسهم على الأرض فيها.
وشملت التدابير مراقبة الحراس ومتابعتهم ومنعهم من الاقتراب من تجمعات المستوطنين، كما اتخذت الإجراءات ذاتها بحق من حضر من المرابطين والمرابطات، في حين تم احتجاز ثلاثة شبان فلسطينيين وإخراجهم من باحات الأقصى بالقوة واقتيادهم إلى أحد مراكز شرطة الاحتلال في حي باب السلسلة، حيث كان مستوطنون يقيمون حلقات رقص في المكان.
مستوطنة تؤدي طقوسًا تلمودية وصلوات صامتة في المنطقة الشرقية من المسجد الأقصى صباح اليوم
— AlQastal القسطل (@AlQastalps) October 7, 2021
يذكر أن محكمة الاحتلال أصدرت قرارًا يسمح بهذه الطقوس داخل المسجد الأقصى pic.twitter.com/YUKyeTXVNV
وتأتي هذه التطورات قبل يوم من ذكرى مجزرة الأقصى الأولى التي اقترفتها شرطة الاحتلال الإسرائيلي في 8 أكتوبر/تشرين الأول من العام 1990، والتي ارتقى فيها أكثر من عشرين شهيداً وأصيب مئات الأشخاص خلال تصديهم لمحاولة زعيم حركة "أمناء جبل الهيكل"، الحاخام المتطرف غرشون سلمون، إدخال حجر أساس الهيكل إلى ساحات الأقصى إيذاناً ببدء بناء هيكلهم المزعوم.
"عدوان إسرائيلي جديد" على المسجد الأقصى
وفي تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، حذر مسؤول في الأوقاف الإسلامية، فضّل عدم ذكر اسمه، مما سماه "العدوان الإسرائيلي الجديد على المسجد الأقصى" من خلال السماح للمستوطنين بأداء "صلوات صامتة"، مؤكداً بطلان وعدم شرعية هذا القرار الذي صدر عن قاضية متطرفة.
وقال: "هذا القرار خطير جداً ويصب الزيت على النار المتأججة بسبب ممارسات المستوطنين واستفزازاتهم الخطيرة خلال الأعياد اليهودية الأخيرة، والتي بلغت فيها الاقتحامات ذروتها بمشاركة آلاف المستوطنين".
ولفت المسؤول ذاته إلى أنّ المرجعيات الدينية ستعقد، الإثنين المقبل، اجتماعاً لها في المسجد الأقصى لتبحث بشأن تداعيات قرار محكمة الصلح وسبل مواجهته ودعوة المقدسيين إلى أوسع رباط في الأقصى خلال الأيام المقبلة.
وكانت جماعة "الهيكل المزعوم" قد أشارت، في إعلان سابق لها عقب هذه الاقتحامات، إلى أنّ أكثر من 5500 مستوطن شاركوا في هذه الاقتحامات، ما اعتبرته "تطوراً مهماً" من حيث أعداد المقتحمين وقدرتهم على فرض أمر واقع جديد داخل الأقصى يمكنهم من أداء طقوسهم بحرية هناك، وسط مطالبات لهذه الجماعات باعتبار الأوقاف الإسلامية "منظمة إرهابية"، ودعوة الحكومة الإسرائيلية للإعلان عنها بهذه الصفة.
وأمس، الأربعاء، حذر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في بيان صحافي، من محاولات إسرائيل فرض وقائع جديدة في المسجد الأقصى، مطالباً الإدارة الأميركية بالوفاء بتعهداتها بالحفاظ على "الوضع القائم" المعمول به بالمسجد الأقصى المبارك، وعدم السماح بإحداث أي تغيير فيه.
ودعا رئيس الوزراء قادة إسرائيل إلى الاستفادة من دروس الماضي، مذكراً بما حدث عام 2017 عندما تمكن المصلون من إفشال مخطط البوابات الإلكترونية التي وضعتها إسرائيل على مداخل المسجد المبارك.
قوات الاحتلال تهدم مسكنين في قرية باب الشمس شرقي القدس المحتلة
في سياق آخر، اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، عضو لجنة المتابعة في بلدة العيسوية بالقدس المحتلة الناشط محمد أبو الحمص، خلال وجوده في باحات الأقصى.
كما هدمت مسكنين في قرية باب الشمس، قرب بلدة الزعيم، شرقي القدس المحتلة، يعودان للشقيقين مراد وعمران محمد زرعي، وفق ما أكدته مصادر صحافية.
وكان نحو 250 شاباً وشابة من مختلف المناطق الفلسطينية إضافة لمتضامنين أجانب، قد نصبوا خياماً في تلك المنطقة كبداية لإنشاء قرية باب الشمس في ما تُسمى بأراضي منطقة "E1" عام 2013، وذلك في إطار المقاومة الشعبية الفلسطينية لاسترداد الأراضي المسلوبة.
واتخذت قوات الاحتلال قراراً بهدم مساكن القرية وحاصرتها، إلا أنّ التماساً ضد القرار قُدِم للمحكمة العليا الإسرائيلية، التي أوقفت تنفيذ القرار، ثم أعلنتها الحكومة الفلسطينية قرية فلسطينية.
على صعيد منفصل، أصيب الفلسطيني نائل عوايصة بجروح في الرأس جراء اعتداء قوات الاحتلال عليه برفقة آخرين، وذلك بعد التصدي لجرافات الاحتلال في بلدة اللبن الشرقية، جنوبي نابلس، شمالي الضفة الغربية، ثم قامت تلك القوات باعتقال عوايصة، وفق ما أفاد به مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس في حديث لـ"العربي الجديد".
ووقع الاعتداء على الفلسطينيين خلال تصديهم لجرافات الاحتلال التي تقوم بأعمال تجريف في منطقة واد ياسوف الواقع بين أراضي اللبن الشرقية والساوية، حيث تواصل جرافات الاحتلال ولليوم الثاني، عمليات التجريف هناك على مساحة تصل إلى 4 كيلومترات.
كذلك اعتقلت قوات الاحتلال الأسير المحرر حسن زغل من قرية زبوبا، غربي جنين، شمالي الضفة، وفق ما أكده مدير "نادي الأسير" في جنين منتصر سمور، في حديث لـ"العربي الجديد".
من جهة أخرى، داهمت قوات الاحتلال منزل عائلة الأسير أيهم كممجي في بلدة كفر ذان، غربي جنين، وهو أحد الأسرى الستة الذين انتزعوا حريتهم من سجن "جلبوع" الشهر الماضي، وأعيد اعتقالهم، وفتشته واستجوبت شقيقيه الأسيرين المحررين عماد وعهد وهددتهما بالاعتقال.
إلى ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الشاب يوسف عفانة من بلدة تل، جنوب غربي نابلس، فيما اقتحمت قوات الاحتلال حي المخفية بمدينة نابلس ودهمت أحد المنازل هناك، بينما اعتقلت الشاب الفلسطيني أبو طربوش ونجله محمد من مخيم العزة في بيت لحم، وأدهم أبو سرور من مخيم عايدة في بيت لحم. كما اعتقلت قوات الاحتلال، الليلة الماضية، الشابين لؤي أشرف محمود وأحمد هيثم محمود من بلدة العيسوية، شمالي القدس المحتلة.
واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، نائب أمين سر حركة "فتح" في طوباس عبد الناصر مصطفى عبد الرازق، ونجله حسام، وغسان بشير أبو خيزران، بعدما داهمت منازلهم وفتشتها في بلدة الفارعة، جنوبي طوباس، شمال شرقي الضفة الغربية، تزامناً مع اندلاع مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال، ولم يبلغ عن وقوع إصابات.
وهاجمت مجموعة من المستوطنين، ظهر اليوم الخميس، عددًا من المزارعين الفلسطينيين خلال وجودهم في أراضيهم لقطف ثمار الزيتون، الواقعة جنوب بلدة بورين جنوبي نابلس، والقريبة من مستوطنة "يتسهار".
وقال المزارع نمر الطيراوي، وهو أحد المعتدى عليهم من قبل المستوطنين، في حديث لـ"العربي الجديد": "كنا نقطف ثمار الزيتون في أرضنا، فهاجمنا نحو 37 مستوطنًا جاؤوا من مستوطنة (يتسهار)، وبدأوا يرشقوننا بالحجارة، فأصيبت طفلة عمرها 7 سنوات"، مشيرًا إلى أن الاعتداء جرى برغم وجود تنسيق من خلال الارتباط المدني الفلسطيني.
ولفت الطيراوي إلى أن جيش وشرطة الاحتلال قدما إلى المنطقة، ومنعا المستوطنين من مواصلة الاعتداء، وأعاداهم للمستوطنة.