اقتحمت مجموعات كبيرة من المستوطنين، بينهم وزير وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، صباح اليوم الخميس، المسجد الأقصى، فيما يستعد المستوطنون للمشاركة في "مسيرة الأعلام".
وأفاد متحدث باسم دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فضل عدم ذكر اسمه في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن ثلاث مجموعات كبيرة من المستوطنين، يتقدمهم الحاخام المتطرف يهودا غليك ومجموعة من كبار الحاخامات ورؤساء جماعات يهودية متطرفة، قادت الاقتحامات التي بدأت منذ الساعة السابعة من صباح اليوم، كما أدى أولئك المستوطنون المقتحمون طقوسًا وصلوات تلمودية في ساحاته.
تغطية صحفية: بلا توقف.. عشرات المستوطنين يواصلون اقتحام المسجد الأقصى حتى هذه اللحظة. pic.twitter.com/9T4lqvAysE
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) May 18, 2023
وقال مصدر في دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم ذكر اسمه، إن مجموع المستوطنين الذين اقتحموا المسجد الأقصى بلغ 1262 على جولتين صباحية وبعد الظهيرة. وبذلك فشل المستوطنون في حشد ما مجموعه خمسة آلاف متطرف خلال اقتحامهم الأقصى.
كذلك، اندلعت اشتباكات بالأيدي في شارع الواد بالبلدة القديمة من القدس بين شبان مقدسيين ومستوطنين، وامتد التوتر إلى منطقة باب العامود وداخل سوق خان الزيت، حيث يواصل المستوطنون عربدتهم واستفزازاتهم للمواطنين.
وقبيل انتهاء الجولة الأولى من الاقتحامات اعتدت قوات الاحتلال على عدد من حراس المسجد الأقصى، واعتقلت واحداً منهم بعد مشادات مع المستوطنين، فيما شهدت ساحة باب العامود توافد أعداد كبيرة إضافية من المستوطنين وإغلاق قوات الاحتلال لمحيطه.
وشارك باقتحامات المستوطنين أعضاء الكنيست من الليكود وهم أرئيل كيلنر، وعميت هاليفي، ودان إيلوز، وشولي معلم، ورددوا النشيد الإسرائيلي "هتكفا" داخل باحات المسجد الأقصى، كما كان بين المقتحمين وزير "النقب والجليل" في حكومة الاحتلال، وزوجة وزير "الأمن القومي" إيتمار بن غفير.
وتخلل اقتحام المسجد الأقصى اعتداء وحشي على المرابطة نفيسة خويص، والمرابط نظام أبو رموز، وجرى إبعادهما عن أبواب الأقصى.
واستبقت قوات الاحتلال هذه الاقتحامات باقتحامها مصليات المسجد الأقصى وإخراج المرابطين منه، كما أخلت بالقوة ساحاته لتسهيل عمليات اقتحام الأقصى، ومنعت تلك القوات منذ ساعات الفجر الفلسطينيين من دخول المسجد، ولم تسمح إلا لكبار السن.
الأردن يدين السماح لوزير وأعضاء بالكنيست باقتحام الأقصى
إلى ذلك، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، يوم الأربعاء، السماح لوزير في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكنيست ومجموعات من المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى، وما رافق ذلك من تصرفات "استفزازية مرفوضة"، وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية.
وحذرت الخارجية الأردنية من تفاقم الأوضاع في ضوء السماح بالمسيرة الاستفزازية والتصعيدية في القدس المحتلة، مؤكدة أن "لا سيادة لإسرائيل على القدس والمقدسات، وأن القدس الشرقية أرضٌ فلسطينية محتلة".
دانت #وزارة_الخارجية_وشؤون_المغتربين السماح لأحد أعضاء الحكومة الإسرائيلية ولأعضاء من الكنيست وللمتطرفين باقتحام المسجد #الأقصى المبارك / الحرم القدسي الشريف، وما رافق ذلك من تصرفات استفزازية مرفوضة، وتحت حماية الشرطة الإسرائيلية، مُحذّرة من تفاقم الأوضاع في ضوء السماح بالمسيرة… pic.twitter.com/gFOHrLs9Sg
— وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية (@ForeignMinistry) May 18, 2023
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة السفير سنان المجالي، في بيان، إن اقتحام الأقصى بحماية من الشرطة الإسرائيلية "يعدّ انتهاكاً للوضع التاريخي والقانوني القائم، وللقانون الدولي"، مُشدداً على أنّ "المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأنّ إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه".
وطالب الناطق الرسمي باسم الوزارة إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بالكفّ عن جميع الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى، واحترام حرمته، مشدداً على "ضرورة وقف جميع الإجراءات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك".
الاحتلال ينشر آلاف العناصر لتأمين "مسيرة الأعلام"
من جانب آخر، بدأت قوات الاحتلال، اعتباراً من مساء أمس الأربعاء، انتشارها المكثف على خط التماس الفاصل بين شطري مدينة القدس وفي محيط ساحة البراق وداخل أسوار البلدة القديمة، حيث نشر آلاف من عناصر الاحتلال، لتأمين الحماية لما تسمى "مسيرة الأعلام" الإسرائيلية، التي تنطلق عند الساعة الثانية من ظهر اليوم، من مركز القدس الغربية باتجاه البلدة القديمة.
وكانت أعداد كبيرة من المستوطنين من مختلف المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية قد وصلت إلى القدس للمشاركة بتلك المسيرة، فيما بدأ مستوطنون ظهر اليوم الخميس بالاحتشاد في منطقة باب العامود رافعين الأعلام الإسرائيلية.
دعوات مقدسية للتصدي لـ"مسيرة الأعلام"
وقال الناشط المقدسي نظمي الددو، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "المقدسيين عازمون على إفشال هذه المسيرة الاستفزازية، والاحتشاد على امتداد مسارها، وكذلك التصدي لاقتحاماتهم المسجد الأقصى"، مشيراً إلى أن "الاعتقالات في صفوف النشطاء خلال اليومين الماضيين لن تؤثر على اعتزام المقدسيين الدفاع عن مدينتهم".
بدوره، أعلن الحراك الشبابي الشعبي في القدس المحتلة الليلة الماضية، عن يومي الخميس والجمعة (اليوم وغداً) يومين للعلم الفلسطيني، مع رفع الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم العلم الفلسطيني في كل ساحة وعند كل نقطة حدود يستطيعون الوصول إليها.
وكانت سلطات الاحتلال نفذت على مدى الأيام القليلة الماضية حملة واسعة من الاعتقالات الاحترازية في صفوف الشبان المقدسيين لمنعهم من التصدي لمسيرة المستوطنين، حيث وصف رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، في حديث لـ"العربي الجديد"، هذه الاعتقالات بأنها "استباقية تقوم بها سلطات الاحتلال دائماً في جميع مناسباتها وأعيادها، يتخللها القيام بحملة واسعة من الإبعادات عن المسجد الأقصى المبارك والبلدة القديمة بالقدس المحتلة، وتطاول العشرات من النشطاء والمرابطين".
بدوره، لم يستبعد المحلل السياسي والإعلامي راسم عبيدات، في حديث لـ"العربي الجديد"، اندلاع مواجهات اليوم خلال المسيرة، خاصة مع وجود عدد كبير من وزراء وأعضاء الكنيست، وما يتخلل هذه المسيرة من اعتداءات من قبل المستوطنين على المواطنين وممتلكاتهم، خاصة على تجار البلدة القديمة، حيث أبلغ الاحتلال تجاراً بإغلاق محالهم.
اشتية: المسيرة محاولة يائسة لفرض وقائع زائفة
من جانب آخر، وصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، في بيان صحافي، "مسيرة الأعلام" بأنها "محاولة يائسة لفرض وقائع زائفة في المدينة المقدسة؛ وأنها مسيرة عبثية واستفزازية".
وقال اشتية: "إن المسيرة لا تمنح الاحتلال أي شرعية يبحث عنها بسياسات عبثية، وممارسات قمعية، ولا تكسبه أي معانٍ أو دلالات، يحاول فرضها بغطرسة القوة العمياء؛ مثلما لا تستطيع تغيير معالم المدينة المقدسة؛ بسكانها المقدسيين المرابطين، ومقدساتها الإسلامية، والمسيحية، ومعالمها التي ترفض الغرباء المحتلين الطارئين عليها".
وأكد رئيس الوزراء الفلسطيني أن "معركة البوابات التي أطاحت بأوهام القوة عام 2017 ستظل ملهمة للمقدسيين في تصديهم لمحاولات الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك وانتهاك حرمته، أو التعدي على كنيسة القيامة وتدنيسها، ومواصلة سياسات التضييق والأسرلة والتهويد للمدينة المقدسة؛ درة التاج وزهرة المدائن؛ التي ستبقى مهما عظمت التحديات عربية الوجه، والقلب، واللسان".