باغتت هجمة إسرائيلية صباح اليوم الأربعاء، أشخاصاً يقيمون في مبنى سكني في العاصمة السورية دمشق، يُعتقد أنهم مرتبطون بإيران، في قصف يأتي في سياق حوادث مماثلة جرت خلال العام الحالي، استهدفت ما تقول طهران إنهم مستشارون لها في سورية.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل شخصين على الأقل من جنسية غير سورية، جراء الاستهداف الجوي الإسرائيلي لشقة سكنية في حي كفرسوسة، مشيراً إلى أنه قد يكون هدف القصف اغتيال شخصيات من "حزب الله" اللبناني أو الحرس الثوري الإيراني أو شخصيات فلسطينية، وان كانت مصادر أخرى نفت وقوع قتلى بين الإيرانيين جراء قصف اليوم.
ونقلت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري عن مصدر عسكري قوله، إنه "حوالي الساعة 9:40 من صباح هذا اليوم، شنّ العدو الإسرائيلي عدواناً جوياً بعدد من الصواريخ من اتجاه الجولان السوري المحتل، مستهدفاً أحد المباني السكنية في حي كفرسوسة بدمشق". وأكد المصدر مقتل شخصين قال إنهما مدنيان وإصابة آخر بجروح، وإلحاق أضرار مادية بالمبنى المستهدف وبعض الأبنية المجاورة.
ولم تمضِ ساعات على قصف مبنى كفرسوسة، حتى استهدفت صواريخ يرجح أنها إسرائيلية مواقع في منطقة الديماس شمال غربي دمشق، يُعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني، ونجمت عنها انفجارات سُمعت في مدينة دمشق ومحيطها.
وجاء هجوما الأربعاء في سياق محاولات إسرائيلية بدأت قبل أعوام لضرب التموضع العسكري الإيراني في الأراضي السورية وخاصة في الجنوب، حيث تحتفظ طهران بحضور "نوعي" في العاصمة دمشق ومحيطها. وشنّت تل أبيب خلال العام الحالي العديد من الهجمات على ما يُعتقد أنها مراكز تضم ضباطاً كباراً في الحرس الثوري الإيراني في الأراضي السورية، تطلق عليهم طهران صفة "المستشارين" العسكريين.
وقُتل منذ مطلع فبراير/ شباط الحالي مستشار عسكري من الحرس الثوري الإيراني، يدعى سعيد عليدادي، في هجمة استهدفت مزرعة على طريق عقربا - السيدة زينب جنوبي دمشق. كما قُتل مسؤول الاستخبارات بـ"فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني العميد الحاج صادق"، في 20 يناير/ كانون الثاني الفائت، إلى جانب نائبه ومستشارين آخرين في الحرس الثوري الإيراني، من جراء غارة إسرائيلية استهدفت مبنى مؤلفاً من 4 طوابق في منطقة المزة في الطرف الغربي من العاصمة السورية دمشق.
وبحسب شبكة "صوت العاصمة" التي تنقل أخبار دمشق وريفها، فإن الجنرال في الحرس الثوري يوسف أوميد وار "حجي صادق"، كان يترأس خلية استخبارية لها صلاحيات واسعة تتيح لها الاطلاع المسبق على كل القضايا الأمنية والملفات الدبلوماسية في سورية، بما فيها تواصلات بشار الأسد واللقاءات الداخلية أو زياراته الخارجية.
ووفق الشبكة، "تتألف الوحدة الاستخباراتية الإيرانية السرية من 12 شخصاً، معظمهم جنرالات في الحرس الثوري، إضافة لـ10 ضباط من أجهزة الاستخبارات الإيرانية، إلى جانب قيادي أمني في "حزب الله" اللبناني يلقب بـ "الحاج نديم".
ويُعتقد أن هناك عدداً غير معروف من الضباط الإيرانيين الذين يشرفون على عشرات المليشيات الإيرانية التي تنتشر في مناطق سيطرة النظام، وخاصة في جنوب البلاد وشمالها وشرقها، حيث تفرض طهران سيطرة شبه مطلقة على محافظة دير الزور.
وكانت وكالة "رويترز" نقلت مطلع الشهر الحالي عن مصادر وصفتها بالمطلعة، قولها إن الحرس الثوري الإيراني قلّص نشر ضباطه الكبار في سورية، بعد سلسلة الضربات الإسرائيلية "المميتة" التي استهدفت وجوده ومصالحه هناك. ولكن الوقائع الميدانية واستمرار الهجمات الإسرائيلية، تؤكد أن طهران ليست بصدد سحب مستشاريها العسكريين وضباطها من سورية، ولكن ربما حدت من تحركاتهم لتجنب مقتل المزيد منهم.
وفي هذا الصدد، رأى المحلل العسكري الرائد يوسف حمود في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "من غير المنطقي أن تقوم إيران بسحب مستشاريها من سورية، لأن سحبهم يعني تخليها عن نفوذها في المنطقة"، مضيفاً: "قد تقوم بإجراءات احترازية لحمايتهم من القصف الإسرائيلي".
وتابع: "استهداف هؤلاء المستشارين يأتي في سياق إضعاف الوجود العسكري الإيراني في سورية، والذي يقوم على مليشيات قام هؤلاء المستشارون بتشكليها وتسليحها منذ العام 2011".