قال المبعوث الأميركي في الأمم المتحدة ريتشارد مايلز، الخميس، إن بلاده تقدر بأن النظام السوري شن خمسين هجوماً بالأسلحة الكيميائية منذ بدء النزاع. وجاءت تصريحات السفير الأميركي خلال الاجتماع الشهري لمجلس الأمن الدولي في نيويورك حول برنامج الأسلحة الكيميائية السوري، ضمن مداخلة بلاده حول الموضوع.
وأضاف أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وآلية التحقيق المشتركة مع الأمم المتحدة، خلصت في عدد من التحقيقات إلى أن النظام استخدم الأسلحة الكيميائية في ثماني حالات، وأضاف "بحسب تقديراتنا، فإنه ما زالت بحوزة نظام الأسد أسلحة كيميائية كافية لاستخدام غاز السارين، ولإنتاج ونشر ذخائر الكلور، وتطوير أسلحة كيميائية جديدة"، ووجه انتقادات لروسيا، وقال إنها، وبعد صدور آخر تقرير خلال الشهر الماضي حول سراقب، "عقدت اجتماعات غير رسمية للمجلس، للدفع بسيناريو زائف يفيد بأن جهود المنظمة جزء من مسرحية غربية لتغيير النظام في سورية، ويعلم مجلس الأمن تماماً عن هذه الحملة لنشر المعلومات المغلوطة".
ورحب بالقرار الذي اتخذته الدول الأطراف في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، والذي علق حقوق وامتيازات سورية بالمنظمة، وقال إن اعتماده بأغلبية ساحقة من الدول التي اشتركت بالمؤتمر يوجه رسالة واضحة للنظام.
ومن جهته، قال ممثل الاتحاد الروسي ديمتري بولانسكي: "إن قرار مؤتمر الدول الأطراف بتعليق حقوق وامتيازات سورية، ينتهك أعراف الاتفاقية والاستناد إلى التوافق. الزملاء من الغرب يتلاعبون بالأرقام، ولكن واقع الحال أن أقل من نصف الأعضاء صوتوا لصالح القرار"، ثم أضاف "هذا قرار غير مسبوق، فلأول مرة يتم تعليق حقوق دولة ذات سيادة. وجه ضربة لمصداقية المنظمة وستتضح تداعياته مع الوقت".
وفي ما يخص تحقيقات الآلية المشتركة حول الجهات التي استخدمت الأسلحة الكيميائية في بعض الحالات في سورية، طعن الجانب الروسي مجدداً بنزاهة التحقيقات، مدعياً أن فريق تقصي الحقائق لم يأخذ العينات من المكان بنفسه، في دوما مثلاً، وسراقب ومواقع أخرى، وادعى أن التقرير الأخير حول سراقب "ارتكب الأخطاء السابقة نفسها وأخذ العينات من منظمة الخوذات البيضاء".
وطلب السفير الأميركي حق الرد على تصريحات نظيره الروسي، وقال "سمعنا بعض المعلومات المغلوطة من قبل زميلنا من الاتحاد الروسي، يشكك باستنتاجات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويدعي أن المنظمة لا ترد على الأسئلة، ويقول بأنه لا يمكن الوثوق بشرعيتها، وغيرها من الادعاءات، ولأن هذا الاجتماع مفتوح (مجلس الأمن في نيويورك)، فنرى من الضروري مواجهة هذه المعلومات المغلوطة. تشدد روسيا على هجمة واحدة في دوما، ولا تأخذ بعين الاعتبار الحالات الأخرى التي قدمتها بعثة تقصي الحقائق لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية. وفي ما يخص دوما ومهاجمة الاستنتاجات حولها، فإن روسيا هي التي كانت تسيطر على هذا الموقع وأجلت وصول المحققين، ويمكن أن نرى أن التحقيقات كانت دقيقة بالإضافة إلى العينات والتحاليل للمعلومات والشهادات وغيرها".
وأضاف السفير الأميركي أن السفير الروسي "ادعى أن منظمة الحظر لا تأخذ بعين الاعتبار التشكيك والاعتراضات حول تقييماتها، ولكن المنظمة أشارت لوجود آراء مغايرة وأدرجت ذلك في تقريرها، ولكن روسيا لا تعترف بهذا وتتجاهله"، وفي ما يخص مؤتمر الدول الأطراف، قال السفير الأميركي "سمعنا أن إخضاع النظام السوري للمساءلة أمر مشكوك به، لأن المقرر لم يتخذ بالإجماع، الأسرة الدولية تتخذ مقررا، إن كان هناك غياب للمقرر، وهذا المقرر أخذ بعين الاعتبار كافة الأحكام، وفي ما يخص التدابير السياسية المشكك بها وتطلب اعتماد مقرر بأغلبية الثلثين، والزميل الروسي أشار لعدد المصوتين، ولكن المفتاح هنا أو العنصر الأهم هو أن هذا المقرر، الذي اتخذ في 21 من نيسان/ إبريل، تم التوصل إليه بتصويت وتأييد من 87 دولة، وصوتت 15 دولة فقط ضد هذا التدبير. المقرر كان شرعياً وقانونياً ويمكن لسورية ومن يدعمها ادعاء غير ذلك، وهذا لن ينفي الحقيقة".
ومن جهتها، أكدت إيزومي ناكاميتسو، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والممثلة السامية لشؤون نزع السلاح، أنه ما زال من غير الممكن للمجتمع الدولي الثقة بأن برنامج الأسلحة الكيميائية السوري تمت إزالته بشكل كامل. وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية ضمن إحاطتها الشهرية أمام مجلس الأمن. وقالت ناكاميتسو "لا تزال الأمانة الفنية ترى أنه في الوقت الراهن لا يمكن اعتبار الإعلان الذي قدمته الجمهورية العربية السورية دقيقاً ومكتملاً بحسب اتفاقية الأسلحة الكيميائية".
وعبرت ناكاميتسو عن قلقها حول عدد وطبيعة المسائل غير المحسومة، والتي لم يقم النظام بتوضيحها لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وأضافت "أعلمت كذلك بأن الجمهورية العربية السورية لم تقدم حتى الآن ما يكفي من المعلومات التقنية والتوضيحات، التي يمكن أن تسمح للأمانة الفنية بإغلاق المسألة المرتبطة بالعثور على مادة كيميائية من الجدول الثاني في مرافق برزا التابعة لمركز الدراسات والحقوق العلمية السوري، أثناء جولة التفتيش الثالثة في 2018".
وأشارت إلى التقرير الثاني لفريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للتحقيق وتحديد الهوية، الذي قدمته الأمانة الفنية، الشهر الماضي، للأمين العام للأمم المتحدة وللمجلس. وقدم التقرير الثاني نتائج التحقيقات التي جرت ما بين نيسان/ إبريل 2020 وآذار/ مارس 2021، وركز على حادثة استخدام الأسلحة الكيميائية في سراقب، في الرابع من شباط/ فبراير 2018.
وقالت إن التقرير خلص إلى أن "ثمة أسباباً معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن مروحية عسكرية تابعة للقوات الجوية العربية السورية تخضع لقوات النمر، قصفت شرق سراقب في حوالي الساعة 11:22 دقيقة مساءً، في الرابع من شباط/ فبراير، خلال هجمات كانت جارية على سراقب، وذلك بإلقاء أسطوانة واحدة على الأقل، وتمزقت الأسطوانة وانبعث منها غاز الكلور السام وانتشر على مساحة كبيرة، وأدى إلى إصابة 12 شخصاً معروفين بالاسم". وعبرت عن قلقها من نتائج التقرير، وعن دعمها لنزاهة المنظمة ومهنيتها وحيادها وموضوعيتها واستقلالها. وفي هذا السياق، يذكر أن روسيا تشكك في نزاهتها وكذلك بالنتائج التي تم التوصل إليها من قبل المنظمة وطرق عملها.