خبراء أمنيون ألمان: أزمة أوكرانيا تتطلب إحياء الحوار دون شروط بين "الناتو" وروسيا

03 ديسمبر 2021
على هامش اجتماع وزراء خارجية دول الناتو لبحث الأزمة الأوكرانية في 30 نوفمبر (فرانس برس)
+ الخط -

في ظل التصريحات الحادة والتهديدات المتبادلة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي حول التصعيد العسكري الروسي مع أوكرانيا، تأتي المحادثات المباشرة بين الأميركيين والروس في إطار السعي الأميركي لحث موسكو على الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقيات مينسك ووقف التحشيد وتحرك الدبابات الروسية على تخوم أوكرانيا، إذ أظهرت صور الأقمار الصناعية وجود معسكر للجيش الروسي بالقرب من جيلنيجا البلدة الصغيرة التي لا تبعد ساعات قليلة عن الحدود.

ونقلت شبكة "ايه ار دي" الإخبارية عن مجموعة من خبراء أمنيين وسياسيين ألمان بينهم السفير الألماني السابق والممثل الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا روديغر لوديكينغ، والملحق العسكري السابق بالسفارة الألمانية لدى موسكو الجنرال راينر شفالب، وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة "هاليه يوهانس فارفيك"، قولهم، إن المطلوب هو خلق بداية جديدة مع روسيا، إضافة لإحياء الحوار على المستوى السياسي والعسكري من دون أي شروط، مؤكدين أن الحرب ممكنة.

وأوضح الخبراء والسياسيون الألمان أن التهديدات الروسية تجاه أوكرانيا غير مقبولة، مشيرين إلى أن "التصعيد والسخط من الطرف الآخر لا يمكن أن يحث روسيا على التراجع أكثر من تشديد العقوبات".

وفي الإطار، تبرز الشبكة أن البرلمان الأوكراني أكد على عضوية "الناتو" في الدستور كهدف، مشيرة إلى أن هناك تأييداً من الشعب للانضمام لـ"الناتو"، إذ تجري كييف منذ التسعينيات مناورات مشتركة مع دول "الناتو"، كما تشكل شحنات الأسلحة والدعم العسكري والتدريبات المشتركة مع الدول الحليفة مثل الولايات المتحدة وتركيا دعماً حيوياً للقتال ضد المتمردين في شرق أوكرانيا والمدعومين مالياً وعسكرياً من روسيا.

وتطالب روسيا الحكومة الأوكرانية بإجراء محادثات مباشرة مع المتمردين. ونصبت دونتيسك ولوهانسك نفسيهما ذاتيًا جمهوريتين شعبيتين، بالاعتماد المباشر على روسيا.

وترى تقارير إعلامية أن سبب الصراع من وجهة نظر روسية يعود إلى نية "الناتو" التوسع شرقًا، بعد أن أصبحت دول حلف وارسو تدخل "الناتو" واحدة تلو الأخرى، بما في ذلك الجمهوريات السوفياتية السابقة في دول البلطيق، إذ باتت موسكو ترى نفسها مهددة بعد أن تحولت الحدود الشرقية للتحالف الغربي أكثر قرباً، إذ تعد بيلاروسيا الموالية لبوتين آخر حزام أمني لروسيا في حال انضمام أوكرانيا. من غير الممكن للكرملين أن يصبح انضمام كييف لـ"الناتو" حقيقة واقعة.

وعلى هذه الخلفية، اشتكى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الوضع لنظيره الأميركي أنتوني بلينكن، وقال إن "الناتو" يقرب بنيته العسكرية من الحدود الروسية، محذراً من سيناريو المواجهة العسكرية المرعب.

ومع انشغال الغرب منذ أسابيع بالضجيج الروسي بالقرب من أوكرانيا والحيرة من الغرض من انتشار القوات الروسية، قال الكسندر باونوف من مركز كارنغي في موسكو خلال حديث مع "ايه ار دي" الإخبارية، "إننا نلاحظ أن هناك استراتيجية متغيرة من جانب الكرملين"، لافتاً إلى أنه و"بمساعدة القوة العسكرية والتصعيد القائم يريد بوتين إظهار أنه لا جدوى من ممارسة الضغط على روسيا، ولم يعد لدى الكرملين توجه نحو التسويات، بل يضع خطوطه الحمراء بكل ما يخص المصالح الروسية جغرافياً وافتراضياً"، مع العلم أن بوتين سبق وانتقد مراراً أنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية في بولندا ورومانيا.

إلى ذلك، أعرب باونوف عن اعتقاده أن المزيد من التصعيد العسكري ينطوي على خطر كبير، وأضاف "كدولة عليك القيام بأنشطة تهديدية حتى يتم أخذ الخطر على محمل الجد وليحقق التصعيد أهدافه السياسية"، قبل أن يستدرك قائلاً "التهديدات العسكرية يمكن أن تجعل الأمر أكثر خطورة، وتزيد من احتمالية تحول الصراع المجمد إلى حرب ساخنة مرة أخرى".

ويعود الخلاف بالنسبة للكرملين حول توجهات "الناتو" التوسع شرقاً في "انتهاك جديد من قبل الغرب"، لا سيما وأنه كان هناك التزام غربي بعد نهاية الحرب الباردة عبر عنه وزير الخارجية الأميركية آنذاك جيمس بيكر، بعدم توسع "الناتو" صوب الشرق.

وانضمت سبع دول من أوروبا الشرقية إلى "الناتو" عام 2004. وتؤكد الدول الغربية وأوكرانيا على حق الدول تقرير المصير بما في ذلك تلك التي انبثقت عن الاتحاد السوفياتي. أما بالنسبة إلى دول البلطيق فكان الانضمام إلى "الناتو" هدفًا إستراتيجيًا، ومن أجل التمكن من الدفاع عن نفسها ضد روسيا.

المساهمون