الانتخابات العراقية 2021: مرجع عراقي مقيم في إيران يفتي بتحريم انتخاب المعارضين لـ"الحشد"
قبيل أسبوع واحد على إجراء الانتخابات العراقية 2021، التي تتسع حدة التنافس فيها بين القوى والأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد، في ظل استمرار مقاطعة أغلب القوى المدنية والعلمانية لها، دخلت الفتاوى الدينية التي تطلقها مرجعيات وهيئات إسلامية مختلفة على خط التنافس الانتخابي.
وحملت أغلب الفتاوى دعوات للحث على المشاركة في خامس انتخابات في العراق بعد 2003، وتحريم بيع الأصوات وتحميل الناخبين مسؤولية اختياراتهم، لكن فتاوى من نوع آخر صدرت بتحريم القوى المناوئة لـ"الحشد الشعبي"، رداً على دعوات أطلقتها كتل وتيارات سياسية دعت إلى دمج فصائل "الحشد الشعبي" مع القوات الأمنية، وذلك لوضع حد لتعدد الجهات التي تحمل السلاح في البلاد.
وأصدر كل من المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، منتصف الأسبوع الحالي، فتوى بتحريم بيع البطاقات الانتخابية، معلناً عدم دعمه أي جهة سياسية أو مرشح معين، داعيا إلى المشاركة الواسعة في الانتخابات. وأصدر المجمع الفقهي العراقي فتوى مماثلة، نصت على حرمة بيع أو شراء البطاقة الانتخابية، معتبراً ذلك دعما للفساد والفاسدين، داعياً كذلك إلى المشاركة الواسعة في عملية التصويت.
كما أصدر المرجع الديني جواد الخالصي، من مدينة الكاظمية شمالي بغداد، في وقت سابق، بيانا عارض فيه المشاركة في الانتخابات واعتبر أنها لا تمثل حلا في العراق للوضع الراهن.
المرجع الخالصي: دعوات التشجيع على الانتخابات تناقض مبدأ ’المجرب لا يجرب’!
— NAS news - ناس (@NASnews3) October 1, 2021
https://t.co/1NCNbMiItG
وأصدر المرجع الديني المقيم في إيران، كاظم الحائري، فتوى، يوم أمس الجمعة، أعلن من خلالها ضمنيا دعمه لجهة سياسية معينة، من خلال تحريمه التصويت لأي جهة تطلب دمج "الحشد الشعبي" مع قوات الأمن والجيش أو حله.
السيد كاظم الحائري يحرم انتخاب من يعادي 1لحشـ ـد 1لشـ ـعبي او يدعو لدمجه او تضعيفه سعيا لارضاء الأعداء pic.twitter.com/NaI4LVZ5JB
— قناة العهد (@ahadtv) October 1, 2021
الفتوى التي نالت تجاوبا واسعا من قبل فصائل مسلحة حليفة لطهران تشترك ضمن تحالف "الفتح"، الجناح السياسي لـ"الحشد الشعبي"، في هذه الانتخابات أشارت أيضا إلى "ضرورة المشاركة الواسعة في التصويت، وانتخاب المؤمنين"، مشددة على أنه "يحرم التصويت والتأييد لكل من يدعو إلى بقاء قوات الاحتلال على أرض العراق، ومن لا يدعو لإخراجها".
كما حرّم المرجع الحائري، الذي سبق وأن أفتى بالتطوع للقتال في سورية إلى جانب قوات نظام بشار الأسد، "انتخاب من ينصّب العداء لقوى الحشد الشعبي، أو من يستتر خلف دعاوى دمج الحشد مع القوات الأمنية لتمييعها ضمنها، ساعيا لإرضاء الأجانب الأعداء والفاسدين"، داعيا لأن "تتمخض عن الانتخابات حكومة مرضية من قبل الشعب تعمل على الإصلاح ومحاربة الفساد".
واعتبر مراقبون دخول القوى الدينية المختلفة على خط الانتخابات بأنه غير جديد ورافق الحملات الانتخابية منذ عام 2004 ولغاية الآن، لكنه اليوم يشير إلى انقسام وتباين في التوجهات بين أحزاب كانت لوقت قريب في تحالف أو معسكر واحد.
وقال الخبير في الشأن السياسي العراقي، عصام الأسدي، لـ"العربي الجديد"، إن "قضية استخدام الدين في القضايا الانتخابية هو إفلاس حقيقي ولا يمكن القبول به، خاصة عندما تكون الفتاوى تحرم انتخاب جهة معينة، ومن الواضح أن بيان المرجع الحائري هو دعم لجهة أفلست انتخابيا (الحشد الشعبي)، لذلك وجد هذا المرجع ضرورة دعمها ومساندتها، بحجة أن هناك جهات تعمل ضد الحشد".
وشدد على أن "الفتاوى التي تدعم بعض الجهات وتحرم انتخاب غيرها هي فتاوى سياسية بامتياز، وتتعارض مع وثيقة السلوك الانتخابي"، مبينا أن "وثيقة السلوك منعت أن يكون هناك أي مجال لدخول الدين في قضية الانتخابات، ومحاولة التأثير على عواطف الناس لدعم بعض الجهات".
وأكد أن "هذه البيانات تؤثر على مجرى الانتخابات والافتراق داخل المجتمع العراقي، لذلك هكذا فتاوى تصنع الانقسام المجتمعي في البلاد".
وعلق زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، في وقت سابق من نهار أمس، على السباق الانتخابي بالقول إن "الانتخابات شأن داخلي، وعلى دول الجوار وغيرها عدم التدخل بالشأن الداخلي، لا بالترغيب ولا بالترهيب، وإلا سنعاملها بالمثل مستقبلا".
— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) October 1, 2021
الناشط البارز في التيار المدني العراقي، أحمد حقي، اعتبر "غياب القوى المدنية ساهم في خفض معدلات الفتاوى هذا العام"، وفقا لتعبيره.
وأشار إلى أن "القوى الدينية السياسية تخشى المدنيين أكثر مما تخشى بعضها البعض رغم تنافسهم، ورغم تسخيرهم السلاح والمال السياسي في حملاتهم الانتخابية"، معتبرا "صدور فتاوى دينية في بلد متعدد الطوائف والقوميات لا يمكن اعتباره أمرا صحيا على الإطلاق". وتجري في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري الانتخابات التشريعية الخامسة في العراق بعد احتلاله من قبل الأميركيين عام 2003، وهي انتخابات مبكرة جاءت تنفيذا لأحد مطالب الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في العراق قبل عامين.