مرتزقة سوريون يستعدون للانتشار في ساحات القتال الأوكرانية

01 ابريل 2022
عبارة "المجد لأوكرانيا" بالقرب من مدينة الباب شمالي سورية (بكر القاسم/فرانس برس)
+ الخط -

مع تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي، وفشل موسكو في حسم المعركة، يزداد نشاط هذه الأخيرة في تجنيد المرتزقة للقتال إلى جانب قواتها، ومن ضمن هؤلاء مقاتلون من سورية، بما في ذلك من قوات النظام، والذين وصل المئات منهم بالفعل إلى روسيا تمهيداً لانتشارهم في ساحات القتال الأوكرانية، وفق ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، في تقرير على موقعها الالكتروني، أمس الخميس.

مجموعة من 300 مقاتل سوري في طريقها إلى أوكرانيا

ووصلت مجموعة أولى من المجندين السوريين أخيراً إلى روسيا للتدريب العسكري قبل التوجه إلى أوكرانيا، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن دبلوماسي غربي ومصدر حليف للنظام السوري في دمشق.

وتضم هذه المجموعة ما لا يقل عن 300 جندي من فرقة في قوات النظام، هي "الفرقة 25" المعروفة بـ"قوات النمر"، والتي ينظر إليها على أنها من النخبة وقد عملت عن كثب مع ضباط روس خلال الحرب في سورية.

هناك المزيد من المرتزقة السوريين في طريقهم للالتحاق بمن سبقوهم

وبحسب الصحيفة، فإنّ هناك المزيد من المرتزقة السوريين في طريقهم للالتحاق بمن سبقوهم، مشيرة إلى أنّ القائمين على عمليات التجنيد في جميع أنحاء سورية، يضعون قوائم بآلاف المرشحين الراغبين في المشاركة في الحرب الروسية الأوكرانية، ويتم فحص هذه القوائم من جانب أجهزة النظام السوري قبل إرسالها إلى الروس.

حاجة المرتزقة السوريين إلى المال

في السياق، يقول بسام الأحمد، رئيس منظمة "سوريون من أجل الحقيقة والعدالة"، وهي مجموعة مناصرة كان لها أبحاث في تجارة المرتزقة السوريين: "بشكل عام، المال هو الدافع".

ويضيف لـ"نيويورك تايمز"، أنّ "بعض السوريين يشعرون بالولاء لروسيا بسبب دعمها نظام بشار الأسد، بينما يتقدم آخرون بطلبات للمشاركة في القتال، لأنهم ببساطة يحتاجون إلى المال، ويصدقون وعود المجنِّدين، بأنهم سيقومون بمهام غير قتالية، مثل حراسة القواعد أو المنشآت النفطية".

ويتابع: "بعض الناس لا يمانعون في القتال، لكن هناك مجموعات تستفيد بالتأكيد من احتياجات الناس. والنتيجة واحدة: هؤلاء الناس يدفعون الثمن، ويشاركون في حروب ليست حروبهم".

بسام الأحمد: يلتحق السوريون بالحرب الروسية على أوكرانيا لأنهم ببساطة يحتاجون إلى المال

من جهتها، تقول سورتشا ماكليود، التي تترأس مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة بشأن استخدام المرتزقة، لـ"نيويورك تايمز": "ما نراه هو تجنيد مفترس. إنهم يستغلون الوضع الاجتماعي والاقتصادي السيئ الذي يجد هؤلاء الناس أنفسهم فيه".

سورية مصدر للمرتزقة

وتقول "نيويورك تايمز" إنّ "سورية تحولت في السنوات الأخيرة إلى مصدر للمرتزقة في أعقاب الحرب فيها، التي منحت الكثير من الرجال خبرة قتالية".

وبحسب الصحيفة، يمكن أن تستقطب الحرب الروسية على أوكرانيا أعداداً كبيرة من السوريين، نظراً لنطاق المعركة، والعدد الكبير من القتلى والجرحى الروس وعلاقات روسيا الوثيقة مع جيش النظام السوري. لكن الكثير حول عمليات انتشار وأنشطة المرتزقة السوريين لا يزال غامضاً.

ويتحدث مسؤولون غربيون وخبراء يتابعون ملف المرتزقة، عن نظام تجنيد فوضوي يتزاحم فيه الرجال الذين لا يملكون سوى القليل من الخيارات، للمخاطرة بحياتهم من أجل رواتب لا يمكنهم تأمينها في بلدهم.

وتسببت الحرب في أوكرانيا في تصاعد اهتمام هؤلاء بالالتحاق بساحة المعركة، وأُطلقت حملات في جميع أنحاء سورية لجمع أسماء الرجال الذين يريدون الذهاب إلى القتال، وفقاً لبسام الأحمد، ومسؤول تجنيد في جنوب سورية قام بتجنيد عدد من الرجال، وتحدث لـ"نيويورك تايمز" شريطة عدم الكشف عن هويته.

وغالباً ما يقوم المسؤولون عن عمليات التجنيد بتحصيل رسوم بدل تسجيل الشخص الراغب في الالتحاق بالحرب، وتنتشر في إطار ذلك عمليات الاحتيال.

ويقول مسؤول التجنيد في جنوب سورية إنه سجّل في السابق عدة مجموعات للذهاب إلى ليبيا، وتلقى أخيراً خبراً مفاده بأنّ الروس يريدون ما يصل إلى 16000 سوري للقتال في أوكرانيا.

ويشير إلى أنّ المتقدمين يجب أن تتراوح أعمارهم بين 20 و45 عاماً، موضحاً أنّ ذوي الخبرة العسكرية لهم الأولوية، وجميع الراغبين في الذهاب يجب أن يتم فحصهم من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام.

ويلفت المتحدث نفسه إلى أنّه وشريكاً له يفرضون على المتقدمين حوالي 7 دولارات كرسم للتقدم، فضلاً عن تقاضي 25 دولاراً من كل شخص يتم قبوله.

وأدى انعدام فرص العمل وانهيار الليرة السورية، والذي جعل المواد الأساسية مثل الخبز وغاز الطهي باهظة الثمن، إلى زيادة الاهتمام بحرب أوكرانيا، مع وعود بكسب ما بين 1000 و2000 دولار شهرياً للمقاتل.

الروس عرضوا دفع مبلغ 1200 دولار شهرياً للمجنّد لمدة ستة أشهر

ويقول المصدر الحليف للنظام السوري، لـ"نيويورك تايمز"، إنّ الروس عرضوا دفع مبلغ 1200 دولار شهرياً للمجنّد لمدة ستة أشهر مع مكافأة قدرها 3000 دولار عند عودته إلى سورية.

ويضيف أنّ عائلات هؤلاء المقاتلين وُعدوا بمبلغ 2800 دولار، بالإضافة إلى 600 دولار شهرياً لمدة عام واحد، إذا قُتل ذووهم في المعركة. ويشير إلى أن هؤلاء الجنود في سورية يكسبون حوالي 100 دولار شهرياً، بينما يكسب الجنود من وحدات النخبة أقل من 50 دولاراً في الشهر.

من جانبه، يقول قائد مليشيا مكونة من مقاتلين من سورية ودول مجاورة، تلقت دعماً روسياً خلال الحرب السورية، إنّ مجموعته أرسلت فرقة قوامها 85 رجلاً إلى روسيا. ويضيف للصحيفة أنّ من بين هؤلاء لبنانيين وعراقيين وسوريين، مشيراً إلى أن المزيد في الطريق. ويتابع: "لقد ساعدنا الروس عند حاجتنا إليهم، والآن حان الوقت لرد جزء مما قدموه لنا".

والأربعاء الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، جون كيربي، إنّ نحو ألف مرتزق من مجموعة "فاغنر" الروسية، موجودون بالفعل في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، ومن بينهم سوريون.