مخيم الفارعة.. مقاومة تطورت بعد الحرب على غزة

30 اغسطس 2024
دمار في مخيم الفارعة في الضفة بعد انسحاب قوات الاحتلال، 29 أغسطس 2024 (زين جعفر/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اقتحام مخيم الفارعة وتأثيره على المقاومة:** اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيم الفارعة جنوبي طوباس لمدة ثلاثين ساعة، مما أدى إلى استشهاد أربعة فلسطينيين وتدمير البنية التحتية. يتوقع الأهالي زيادة انخراطهم في المقاومة بعد استهداف غرفة أسفل مسجد أبو بكر الصديق.

- **تفاصيل الاقتحام والتحقيقات:** حاصرت القوات المخيم وأغلقت الطرق، واعتقلت 15 شخصاً، أفرج عنهم جميعاً باستثناء واحد. استهدفت مجموعة من الفلسطينيين بطائرتين مسيرتين، مما أدى إلى استشهاد أربعة منهم.

- **الأضرار المادية وصعوبة حصرها:** تضررت العديد من المنازل والبنية التحتية بشكل كبير، مما أدى إلى انقطاع المياه والكهرباء. تعمل الطواقم على إصلاح الأضرار، وتوزيع مياه الشرب المعدنية على المنازل المتضررة.

استشهد أربعة فلسطينيين في المخيم وأصيب آخرون بينهم حالات خطيرة

منصور: أعداد المنخرطين في المقاومة بالفارعة باتت أكبر منذ حرب غزة

أضرار البنية التحتية في المخيم هائلة وهناك صعوبة في حصرها

يبدو الاقتحام الذي شهده مخيم الفارعة جنوبي طوباس، شمالي الضفة الغربية المحتلة، لأكثر من ثلاثين ساعة، الأوسع بين الاقتحامات العشرة الكبيرة التي نفّذها الاحتلال للمخيم بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي، لكن، بحسب أهالي المخيم، لن يكون تأثيره على حالة المقاومة في المخيم مختلفاً عن الاقتحامات السابقة، بل يتوقّعون مزيداً من الانخراط فيها. وأسفر عدوان الاحتلال الذي بدأ منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء، حتى صباح أمس الخميس، عن استشهاد أربعة فلسطينيين في المخيم وإصابة آخرين، بينهم حالات خطيرة، وخراب في البنية التحتية، ومنازل الفلسطينيين، وسط تصدّي كتائب المقاومة للقوات الإسرائيلية.

واستهدف الاحتلال خلال هذا الاقتحام الواسع، إضافة إلى الاقتحامات للمنازل والتحقيقات الميدانية، غرفة أسفل مسجد أبو بكر الصدّيق، ادعى أنها مقر للمجموعات المقاومة، بحسب الناشط المجتمعي في المخيم باسل منصور، الذي اقتحم الاحتلال منزله، وهو عضو في اللجنة المركزية لحزب الشعب. واستهدفت قوات الاحتلال هذه الغرفة ثلاث مرات الأربعاء بقذائف "إنيرغا" أدّت إلى تدميرها، وتأثر عدد من المنازل المحيطة، والتي أصبحت واجهات بعضها مفتوحة تماماً، وأخرى تأثرت بحريق اندلع أخمده الدفاع المدني، واضطرّت طواقم الإسعاف لإخلاء سبع عائلات من منازلها.

ويتحدّث منصور عن اقتحام مخيم الفارعة شمالي الضفة، موضحاً أن المعلومات التي وصلت إلى الأهالي تُشير إلى انتشار قوات الاحتلال حول المخيم لحصاره قبل اقتحامه، مع إغلاق كل الطرق والمداخل الرئيسية والفرعية، في ما بدا أنه لمنع خروج الفلسطينيين ودخولهم، وبشكل خاص المقاومين، ليأخذ الاقتحام بعد ذلك شكلاً عنيفاً مع اقتحام المنازل واحداً تلو الآخر، والقيام بتحقيقات مع الأهالي حول المقاومين، وأسمائهم، وأماكنهم، وطبيعة أسلحتهم، فيما اعتقل 15 شخصاً أُفرج عنهم جميعاً أمس، ما عدا شخص أُفرج عنه صباحاً بعد تهديده لتسليم نجله، وكل ذلك وسط اشتباكات مسلحة.

واستهدف الاحتلال خلال الاقتحام مجموعةً من الفلسطينيين من طائرتين مسيّرتين، إحداهما أطلقت قذيفة ذات شظايا كبيرة، وأدى القصف إلى أربعة شهداء، منهم اثنان مقاومان، وآخران شقيقان كانا في منزليهما. ويقول منصور، الذي اقتحم الاحتلال منزله للمرة الرابعة خلال الاقتحامات المتتالية للمخيم، إنّه استغرق هذه المرة قرابة ساعة، والهدف منه التحقيق مع العائلة حول المقاومة في المخيم؛ مقاومة ليست وليدة اللحظة الراهنة، بل تطوّرت مع ظهور الكتائب والمجموعات المسلحة في الضفة، وبشكل خاص في مخيمات شمال الضفة الغربية، لكنها، بحسب منصور، أخذت منحى مغايراً بعد اندلاع الحرب على غزة، فأصبحت أعداد المنخرطين فيها أكبر، ووسائلها مختلفة.

ويضيف: "هذه حركة وطنية مستمرة والنضال الوطني مستمر، لكن تطور الإرهاب الإسرائيلي هو ما دفع لتطور الحالة النضالية، وبعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول تطوّرت بشكل كبير، بسبب تزايد الأحداث وتنامي الحقد وبحر الدماء، فازدادت أعداد المقاومين، وكلما استشهد فلسطيني خلّف بعده عدداً أكبر من المقاومين". فكان للحرب على غزة، كما يؤكد، الأثر الواضح في تنامي المقاومة في المخيم، والتي تأخذ شكل الحالة الوطنية التي تشارك فيها كل المكونات الفلسطينية.

صعوبة حصر الأضرار في مخيم الفارعة

ولم تستطع اللجنة الشعبية في مخيم الفارعة حصر قيمة الأضرار المادية بدقة، والتي طاولت عدداً كبيراً من المنازل، وجزءاً هائلاً  من البنية التحتية. ويقول رئيس اللجنة الشعبية في المخيم عاصم منصور، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجرافات تدمّر كل شيء في الشوارع حين تمرّ منها، فبعض المنازل هُدمت واجهاتها، ودُمّرت ثمانية مواقع من خطوط المياه، وحُطّم عدد من أعمدة الكهرباء، فضلاً عن تجريف مداخل المخيم، وكذلك عشرات الأمتار من الإسفلت في الشوارع الداخلية.

ويُشير منصور إلى أنّ الأضرار تفوق بأضعاف ما كان يحصل على مدار عشرة اجتياحات منذ الحرب على غزة، والتي كانت تتراوح قيمة الأضرار المادية فيها بين 15 ألف شيكل (أربعة آلاف دولار) و65 ألف شيكل (18 ألف دولار) في كل مرة، لافتاً إلى قيام الطواقم منذ الصباح بإصلاحها كلها، إذ أُعيدت الكهرباء للمناطق التي تضرّرت، وتمت تسوية الشوارع بالجرافات من أجل تسهيل حركة المواطنين، وتواصل طواقم أخرى العمل في خطوط المياه والصرف الصحي.

ويعاني الأهالي من أزمة مياه ليس فقط بسبب ضرب خطوط المياه، بل كذلك إطلاق الرصاص بشكل متعمد على الخزانات على أسطح المنازل، ما أدى إلى انقطاع المياه عنها، ما اضطر طواقم الإسعاف إلى توزيع مياه الشرب المعدنية على المنازل المتضررة بسبب ذلك. وقد استشهد 18 فلسطينياً برصاص الاحتلال خلال اقتحامات واشتباكات عدة في مخيم الفارعة في الضفة، منذ اندلاع الحرب على غزة.