يرى محللون عسكريون إسرائيليون أن كفاءة جيش الاحتلال الإسرائيلي أسوأ مما تبدو ومما يُقال عنه للجمهور، وأن ذلك سيتضح أكثر في الشهر المقبل، مع عودة التشريعات في الكنيست الإسرائيلي ومعها الاحتجاجات المناهضة للقوانين التي يسنها الائتلاف الحاكم، خاصة المتعلقة بالتعديلات القضائية الرامية لتقويض القضاء.
وقال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، في مقال تحليلي نشرته الصحيفة اليوم الجمعة، إن تشكيلات حيوية في الجيش باتت مضطرة لتحديد أولويات مهامها من أجل تلبية الحد الأدنى المطلوب، متسائلاً: "متى سيقرر رئيس هيئة الأركان هرتسي هليفي الحديث علناً عن الأمر وإن كان ما زال بإمكانه وقف التدهور (الحاصل في الجيش)".
وفيما كان من المنتظر أن يشكل شهر أغسطس/آب المنصرم استراحة مؤقتة، في كل ما يتعلق بالتعديلات القضائية، قبل أن تنظر المحكمة العليا خلال الشهر الحالي في عدة طعون بشأنها، فإن الحكومة لم تتراجع عن التعديلات.
ووسط الأزمة التي تمر بها إسرائيل، تساءل هرئيل إن كان الصراع سيبقى "سياسياً - قانونياً فقط، أم أن آثاره ستمتد إلى المجال الأمني أيضاً وتزيد من خطر اندلاع حرب حقيقية، كتلك التي تحدث بين الجيوش والمنظمات الإرهابية أو العصابات"، حسب تعبيره.
وأشار المحلل العسكري إلى أن "وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يعرفان ما ينتظرهما في أكتوبر/تشرين الأول المقبل"، في إشارة إلى قانونين تدفع أحزاب المتدينين "الحريديم" باتجاههما، ويشكّلان عقبة أمام غالانت وهليفي، أحدهما قانون يضمن إعفاء "الحريديم" من أي خدمة عسكرية، والثاني يساوي حقوق من يتعلمون التوراة بحقوق الملتحقين بالخدمة العسكرية.
وعلى الرغم من أن التجنيد في الشهر الماضي مر كما كان مخططاً له، إلا أن سعي "الحريديم" لتمرير القانونين في الشهر المقبل سيقود إلى تصعيد الحركة الاحتجاجية المناهضة للتعديلات القضائية والقوانين التي يعمل الائتلاف على تمريرها، "ما قد تكون له إسقاطات، ستتجاوز جنود الاحتياط (الذين قرر عدد كبير منهم عدم التطوع في الجيش بسبب التشريعات)، لتؤثر أيضاً في دافعية الالتحاق بالجيش وحتى على مشاعر جزء من الجنود النظاميين والثابتين"، وفق هرئيل.
وحتى قبل ذلك، في شهر سبتمبر/أيلول الجاري، سيلاحظ تدريجياً، برأي الكاتب، "التراجع الكبير في قدرة الجيش الإسرائيلي على الحرب. مئات الطيارين والملاحين في سلاح الجو، إلى جانب مئات الضباط في القوات الجوية، وهيئة الأركان العامة، وشعبة الاستخبارات العسكرية، لا يمتثلون للخدمة منذ يوليو/تموز الماضي".
وأضاف المحلل العسكري: "خلال الشهر الحالي، حيث ستجرى المزيد من التدريبات على خلفية التصعيد الواضح في الضفة الغربية، سيكون الضرر أكثر وضوحاً".
طيارون حربيون بلا تدريب من شهرين
ويلتقي المحلل العسكري في صحيفة "معاريف" طال ليف رام في العديد من النقاط مع عاموس هرئيل في مقال نشره اليوم الجمعة، أشار فيه أيضاً إلى أن "ما يقلق الجيش الإسرائيلي أكثر من التوتر على الجبهات (لبنان والضفة الغربية المحتلة)، هو بالأساس إسقاطات الأزمة العميقة في المجتمع الإسرائيلي على كفاءة وتماسك الجيش". مضيفاً أن الشهرين الجاري والمقبل سيكون لهما تأثير كبير في هذا الجانب.
وأضاف: "الشهر الأخير الذي لم يشهد تطورات جديدة بشأن جنود الاحتياط لم يكن جيداً للجيش ايضاً. تقريباً كل من أعلن ترك الجيش أو تجميد خدمته الاحتياطية لم يرجع إلى الخدمة. التأثير الفوري يتعلق بالأساس بسلاح الجو.. وفقًا لتقديرات مختلفة، فإن أكثر من 20% من جميع الطيارين الاحتياطيين وحوالي 25% من الطيارين المقاتلين، لم يعودوا للتحليق والتدريب منذ نحو شهرين تقريبًا".
وأشار ليف رام إلى أن شهر أكتوبر المقبل سيشهد تدريبات عسكرية كبيرة لقوات الاحتياط، وبهذا، فإن "الشهر الحالي قد يكشف صورة الوضع على صعيد عدم الامتثال للخدمة العسكرية في مختلف وحدات الاحتياط، والتي قد تكون أكبر من تقديرات الجيش الاسرائيلي".
ولفت الكاتب إلى أن "تصاعد الاحتجاجات سيعزز الأزمة داخل الجيش"، إلى جانب الطعون ضد التشريعات القضائية التي ستنظر فيها المحكمة العليا وقانون إعفاء "الحريديم" من التجنيد.