مخاطر أمنية وراء رفض مصر الموافقة على نقل معبر رفح

02 يوليو 2024
معبر رفح من الجهة المصرية، 17 أكتوبر، 2023 (محمود خالد/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التسريبات الإسرائيلية تكشف خططاً لبناء عائق بمحور فيلادلفيا على حدود غزة ومصر، يشمل جداراً تحت الأرض ومعبر رفح جديد، مما يثير مخاوف من ضغوط إسرائيلية على مصر.
- مصر تنفي وجود مباحثات للإشراف الإسرائيلي على معبر رفح، مؤكدة على التمسك بالسيطرة الفلسطينية على المعبر ورفض الضغوط الإسرائيلية.
- خبراء يرون أن إسرائيل تحاول فرض سيطرتها على معبر رفح، لكن تواجه تحديات بسبب الرفض المصري والمخاطر الاستراتيجية، مما يعكس التعقيدات السياسية والأمنية في الوضع الحالي.

تل أبيب تريد التملص من اتفاقية المعابر لسنة 2005 مع القاهرة

المتحكم في معبر رفح هي مصر والسلطة الفلسطينية

عبد الله الأشعل: مصر ترفض أن تكون غزة محاطة بإسرائيل

تثير التسريبات الإسرائيلية حول "التنسيق مع المصريين" بشأن خطة لجيش الاحتلال لبناء عائق خاص بمحور فيلادلفيا على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر، يشمل جزءاً علوياً فوق الأرض وجداراً تحت الأرض، لمنع حفر الأنفاق في المستقبل، وبناء "معبر رفح جديد" في نقطة التقاء "الحدود الثلاثة" بين القطاع ومصر والأراضي المحتلة ليكون أقرب إلى معبر كرم أبو سالم، مخاوف من أن تكون التسريبات في إطار ضغوط تمارسها إسرائيل على مصر، من أجل الموافقة على خطة نقل معبر رفح. وتأتي الضغوطات بهدف تجاوز عقبة الأزمة الإنسانية الخطيرة التي خلفها إغلاق معبر رفح البري بعد استيلاء الاحتلال عليه من الجهة الفلسطينية في مايو/ أيار الماضي، وتوقف وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وفشل كل الخطط الأخرى الخاصة بإيصالها، على رأسها الميناء الأميركي العائم قبالة سواحل غزة.

ويبدو من التصريحات الرسمية الإسرائيلية حول ضرورة السيطرة على محور فيلادلفيا، أن تل أبيب تريد التملص من اتفاقية المعابر لسنة 2005 الموقعة مع القاهرة، والتي تنص على أن محور صلاح الدين (فيلادلفيا) يخضع للسيطرة الفلسطينية، وعلى أن المتحكم في معبر رفح هي مصر والسلطة الفلسطينية.

خطة نقل معبر رفح

ورداً على تقرير القناة الـ12 الإسرائيلية، أول من أمس الأحد، والذي كشف عن الخطة الإسرائيلية الخاصة بمحور فيلادلفيا، وزعم موافقة مصر على نقل معبر رفح أو بناء منفذ جديد بالقرب من معبر كرم أبو سالم، نقلت وسائل إعلام مصرية (رسمية) عن مصدر "رفيع المستوى"، أول من أمس، تشديده على "عدم وجود أي مباحثات مصرية لإشراف إسرائيلي على معبر رفح". وأضاف المصدر أن "مصر تتمسك "بانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من الجانب الفلسطيني من المعبر"، كما "ترفض دخول أي قوات مصرية إلى داخل قطاع غزة". وقال إن "ترتيب الأوضاع داخل القطاع بعد العملية العسكرية الجارية هو شأن فلسطيني".

تقارير عربية
التحديثات الحية

وكانت القناة الـ12 العبرية، قد ذكرت على موقعها الإلكتروني، أول من أمس، أنه مع تقدّم القتال وتوسع العملية العسكرية في مدينة رفح ومحيطها جنوبي قطاع غزة، يوسع الجيش الإسرائيلي المنطقة العازلة أكثر، وذلك على طول 14 كيلومتراً من محور فيلادلفيا، مضيفة أنه يكشف عن نقاط قد تستخدمها حركة حماس. وعملياً فإن جيش الاحتلال "يطهّر المنطقة بالكامل من التهديدات المحتملة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات وقذائف الهاون". وفي الوقت نفسه، وبالتنسيق مع المصريين، بحسب القناة، بدأ الجيش الإسرائيلي التخطيط للعائق الخاص بمحور فيلادلفيا، والذي سيشمل جزءاً علوياً فوق الأرض، وأيضاً جداراً تحت الأرض، لمنع حفر الأنفاق في المستقبل. علاوة على ذلك، من المقرر وفق القناة الإسرائيلية، بناء معبر رفح جديد بعملية نقل معبر رفح إلى نقطة التقاء "الحدود الثلاثة" ليكون أقرب إلى كرم أبو سالم، حيث تكون هناك سيطرة مشتركة بين إسرائيل ومصر والفلسطينيين والأميركيين، وبالتالي يمكن تنفيذ إجراءات الفحص "بطريقة حديثة"، تسمح بالتحكم في ما يخرج وما يدخل عبره.

سياسة الأمر الواقع

تعليقاً على التسريبات الإسرائيلية، يقول عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والعميد المتقاعد بالقوات المسلحة المصرية، أيمن سلامة، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل لم تكتف بفرض سياسة الأمر الواقع في ممر فيلادلفيا بواسطة الدبابات والمدرعات والمدفعية والجرافات والاحتلال العسكري الغاصب لهذا الممر، خرقاً لبروتوكول 2005 مع مصر، لكنها أيضاً تفرض سيطرتها العسكرية أمرا واقعا على معبر رفح". ويضيف أن إسرائيل "تستجدي شرعنة مصر لهذا الوجود العسكري الغاصب، وهو وجود الأمر الواقع عن طريق أي شكل من أشكال الإدارة أو السيطرة المشتركة على معبر رفح".

أيمن سلامة: يجري تقييم اعتبارات أمنية وثقافية واقتصادية واجتماعية قبل إنشاء المعابر

وحول إمكانية نقل معبر رفح وإنشاء معبر جديد يكون بديلاً عنه، يقول سلامة إن "تجهيز معبر جديد، مسألة ليست سهلة، إذ لا يتم إنشاء المعابر الحدودية بين الدول، سواء كانت للأفراد أو البضائع والشاحنات، بين ليلة وضحاها". ويوضح أن "هناك اعتبارات أمنية في المقام الأول، وثقافية واقتصادية واجتماعية عديدة يجري تقييمها من جانب دول الجوار (متكاملة) قبل إنشاء مثل هذه المعابر أو المنافذ الحدودية". وبشأن المخاطر الاستراتيجية المحتملة التي على أساسها ترفض مصر الأفكار الخاصة بإنشاء معبر جديد، أو السيطرة على محور فيلادلفيا، يعتبر سلامة أن "فكرة إنشاء معبر بديل في أي نقطة حدودية بين مصر وقطاع غزة، تعني الاستغناء الآن عن معبر رفح، وتعطيل المساعدات الإغاثية للفلسطينيين في القطاع". ويشدّد على أن "تصدير هذه الفكرة من الجانب الإسرائيلي واقتناع مصر بها، سيكون على حساب الفلسطينيين، وهو يفرض ضغوطاً كبيرة على مصر من أجل تقييم المحاذير والاعتبارات والمقتضيات الأمنية في المقام الأول، فضلاً عن الاعتبارات الأخرى الإنسانية والاجتماعية والثقافية".

ويرى أن "عادة إسرائيل هي سياسة الأمر الواقع، وإنفاذ هذه السياسة وترسيخها بشكل خاص في القطاع، إذ استمرت حتى بعد الانسحاب المزعوم من جانب واحد في عام 2005، إبان حكومة أرييل شارون"، مشيراً إلى أن "ممر فيلادلفيا، بحسب اتفاق 2005، هو أراض فلسطينية خاضعة للسلطة الفلسطينية، وكذلك معبر رفح من الجهة الفلسطينية، فهو ليس ضمن الإقليم الإسرائيلي أو الإقليم المصري". 

عبد الله الأشعل: مصر ترفض أن تكون غزة محاطة بإسرائيل

بدوره، يقول المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لا يمكن تغيير خط الحدود (مع مصر)، لأنه سيمثل انتهاكاً لمعاهدة السلام مع إسرائيل". ويوضح أن "المعاهدة وضعت حدوداً معينة بين مصر وفلسطين، وبين مصر وإسرائيل"، مضيفاً أن القاهرة "ترفض أن تكون غزة محاطة بإسرائيل من جميع الجوانب". ويلفت إلى أن إسرائيل "تريد تحويط غزة لخنقها عقاباً لها على تجرؤها في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي (عملية طوفان الأقصى)".