محكمة استئناف موسكو تؤيّد حكم سجن أليكسي نافالني

20 فبراير 2021
أثار اعتقال نافالني وسجنه موجة ضخمة من الاحتجاجات (Getty)
+ الخط -

أيّدت محكمة استئناف موسكو، اليوم السبت، الحكم الصادر بحق المعارض الروسي أليكسي نافالني بالسجن بتهمة انتهاك شروط المراقبة القضائية، بحسب صحافي في "فرانس برس" حضر الجلسة.

وخفّض القاضي الذي ترأس الجلسة ديمتري بالاشوف قليلاً مدة الحكم بشهر ونصف شهر، بحق المعارض المناهض للفساد الذي سيتعيّن عليه تنفيذ عقوبة بالسجن عامين ونصف عام.

وأُلقي القبض على نافالني (44 عاماً)، وهو مناضل مناهض للفساد وأكثر منتقدي الرئيس فلاديمير بوتين، في 17 يناير/ كانون الثاني لدى عودته من ألمانيا، حيث قضى خمسة أشهر يتعافى من تسمم بغاز الأعصاب، يلقي باللوم فيه على الكرملين.

وأثار اعتقال نافالني وسجنه موجة ضخمة من الاحتجاجات في جميع أنحاء روسيا، ردّت عليها السلطات بحملة قمع كاسحة، اعتقلت فيها حوالى 11 ألف شخص، غُرِّم العديد منهم، أو حُكم عليهم بالسجن مدداً تراوح بين سبعة و15 يوماً.

واستندت المحكمة في هذا الحكم إلى حكم سابق بالسجن بحقه مع وقف التنفيذ بتهمة الاحتيال، يعود تاريخه إلى عام 2014، بتهمة انتهاك شروط المراقبة القضائية. وكانت المتحدثة باسم محكمة موسكو أوليانا سولوبوفا قد قالت، في وقت سابق اليوم، إن إدارة السجون سيكون لديها خيار نقل المعارض إلى أحد معسكرات العمل القسري الكثيرة في روسيا في حال تثبيت حكم 2 فبراير. وقالت لوكالة فرانس برس: "عموماً، إذا أكد الاستئناف قرار محكمة الدرجة الأولى، يُعتبر هذا القرار سارياً ونافذاً".

ويمثل نافالني، بعد ظهر اليوم أيضاً، أمام قاضٍ آخر في قضية "تشهير" بجندي سابق شارك في الحرب العالمية الثانية. وطلبت النيابة العامة في هذا الملف فرض غرامة على نافالني بقيمة 950 ألف روبل (10600 يورو تقريباً)، وسجنه بدلاً من وقف تنفيذ الحكم الصادر بحقه. وفي عادة متوارثة من الاتحاد السوفياتي، تُنفَّذ معظم الأحكام بالسجن في روسيا في معسكرات اعتقال تقع أحياناً في مناطق نائية. ويكون عمل المعتقلين عادةً في الحياكة وتصنيع الأثاث إجبارياً.

ويندّد نافالني بدعاوى قضائية مفبركة، وخلال الجلسات السابقة كان يتحدى المحكمة باستمرار. ويعتبر المعارض أن الكرملين يسعى إلى الزج به في السجن لإسكاته، بعد أن فشل في قتله في عملية التسميم الصيف الماضي. وترفض موسكو هذه الاتهامات. وقال أحد المتعاونين المقربين من المعارض إيفان جدانوف في فيديو بثّه على منصة يوتيوب: "ارتدوا أثوابهم (القضاة) وحملوا مطارقهم ووضعوا نافالني في قفص زجاجي وتظاهروا بإحقاق العدالة".

ونافالني مستهدف بقضايا أخرى، فقد قدّم رجل أعمال نافذ مقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، يُدعى يفغيني بريغوجين، شكوى تشهير ضد نافالني إلى القضاء الروسي. ويواجه أيضاً تحقيقاً بتهمة الاحتيال، وهي جنحة تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات.

وكثّف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الدعوات للإفراج عنه، فيما حضّ معاونوه الدول الغربية على معاقبة مسؤولين روسٍ كبار ومقربين من بوتين. وتعتبر موسكو ذلك "تدخلاً" في شؤونها، وهدّدت الأوروبيين بالردّ.

ويعتزم نافالني ومناصروه تنظيم تظاهرات جديدة ضد السلطة في روسيا في الربيع والصيف المقبلين، مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية.

مؤيدو نافالني يواجهون حرمانهم من العمل

وتحدثت وكالة "فرانس برس" عن أن مؤيدي نافالني يواجهون حرمانهم من العمل في روسيا. وقالت: "ما زال أليكسييف غير قادر على فهم كيف تم فصله في التاسع من فبراير/شباط من عمله أستاذَ فيزياء فور مشاركته، كما يقول، في التظاهرات التي جرت في سيبيريا دعما للمعارض الروسي الموقوف أليكسي نافالني".

ومن نوفوسيبيرسك، ثالث كبرى مدن روسيا، قال عبر الهاتف "إني مصدوم من هذه الإهانة. سيكون العثور على عمل في القطاع العام صعباً جداً بسبب مبررات هذا التسريح". وتتهمه إدارته بالترويج أمام طلابه لتظاهرات غير مرخصة في 23 و31 يناير/كانون الثاني لدعم نافالني.

ويقول المعلم البالغ من العمر 38 عاماً: "لم أتحدث مطلقاً عن السياسة مع طلابي، أعلم أنه يجب التزام أكبر قدر من الحذر. عندما سألوني إذا كنت أؤيد نافالني، أجبتهم "تعلموا كيف تفكرون من تلقاء أنفسكم". وبحسب سجل العمل الذي اطلعت عليه وكالة "فرانس برس"، يعزى سبب فصله رسمياً إلى "الاخلال المتكرّر وغير المبرّر بواجباته المهنية".

ولم تجب وزارة التربية والتعليم المحلية على أسئلة وكالة "فرانس برس" المتعلقة بالمخالفات المعنية والاتهامات الموجهة إلى أليكسييف.

ووفق "فرانس برس"، تم الإبلاغ عن حالات تسريح عقابي أو استقالات قسرية، خصوصاً في القطاع العام. وأوضح ألكسييف أنه شارك على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فكونتاكتي"، المرادف الروسي لـ"فيسبوك"، صورة له وهو يتظاهر مع أرقام منظمة "أو في دي-إنفو" التي تساعد المتظاهرين الموقوفين والتحقيق ضد الفساد الذي يقوم به نافالني ويستهدف فلاديمير بوتين مباشرة. وقال إنه تم إبلاغ إدارته بهذه المنشورات. وكان على خلاف معها بالفعل بسبب اعتراضه على نقص الموارد في هذه المؤسسة. واعتبر أن "الهدف هو ترهيب المعلمين حتى لا يشاركوا آراءهم إطلاقاً، ولا حتى على شبكات التواصل الاجتماعي".

وعلى بعد كيلومترات، أُجبر ألكسندر ريابتشوك على تقديم استقالته من مدرسة عامة تقع في روستوف سور لو دون بجنوب غرب روسيا، حيث كان يدرّس مادة التاريخ منذ سبعة أعوام. وأكد الشاب البالغ من العمر 31 عاماً: "طلبت مني الإدارة حذف منشوراتي التي كنت أؤيد فيها المعارضة على إنستغرام". أضاف "لكنني رفضت. فضلت التمسك بمبادئي بدلاً من وظيفتي (...)، أتحدث عن الديمقراطية في دروسي عن اليونان القديمة. أنا أؤمن بفكرة واجب المواطنة. وأريد تطبيق ما أقوم بتدريسه". ويشير سجل عمله إلى أنه تم إنهاء عقده "بمبادرة منه". لكنه يؤكد أنه أجبر على ترك وظيفته، بعد تعرضه لضغوط من الشرطة التي جاءت لتفتيش منزله، قبل أن يُسجن مدة خمسة أيام بسبب مشاركته في تظاهرة غير مرخصة.

ولم تردّ وزارة التربية الإقليمية على طلب وكالة "فرانس برس" التعليق. وتحدث مشروع "أبولوغيا بروتيستا" الذي أطلقته منظمة "أغورا" غير الحكومية، هذا الأسبوع، عن عمليات تفتيش مفاجئة لما لا يقل عن أربعة رجال أعمال في موسكو، تم توقيفهم أخيراً خلال التظاهرات المؤيدة لنافالني. وأكد المصدر، الذي يقدّم المشورة القانونية العاجلة لأصحاب الأعمال القلقين، أن "العناصر طلبوا منهم كمية هائلة من المستندات، مبرّرين ذلك بأنه جاء بناء على طلب مديرية الضرائب".

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون